- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
محند امقران يكتب: معطوب الوناس : عندما تصبح الثقافة و الإلتزام سلاحا ضد الاستبداد و "الدروشة "
محند امقران يكتب: معطوب الوناس : عندما تصبح الثقافة و الإلتزام سلاحا ضد الاستبداد و "الدروشة "
- 26 يونيو 2023, 8:57:11 ص
- 590
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يمر ربع قرن بالتمام و الكمال على اغتيال المثقف الملتزم معطوب الوناس في أحد منعرجات الدروب الوعرة لمنطقة القبائل بالجزائر، وإن كانت قضية إغتياله لم تسفر بعد على كل مكنوناتها، إلا أنها تركت انطباعا لدى الكثير من محبيه بأنها مؤامرة تستهدف الحق في الإختلاف و دك آخر معقل للمثقف المقاوم و المناضل من أجل قضايا عادلة، ثقافية، إجتماعية و سياسية ترتبط أساسا بتطلع الجزائري على بساطته و سذاجته لغد أفضل .
معطوب الوناس يمثل مسارا استثناءيا في حياة المثقف الجزائري الحر و الملتزم ، نعم الحر بأتم معنى الكلمة فلا النظام و لا المعارضة بقادرين على احتواءه ، إنه المتمرد على كل ماهو زيف و نفاق ، متمرد على المجتمع المنافق و في نفس الوقت قريب منه يتحسس أوجاعه و يشخص أمراضه في قالب فني راق قل نظيره .
متمرد كذلك على الأعراف و التقاليد البالية و على المسارات النضالية الإنحرافية للمعارضة السياسية أو الثقافية أو لنظام مستبد أثقل كاهل هذا الشعب المكلوم . يؤسس مسار معطوب الوناس الثقافي ، الفني و النضالي لمقاربة المثقف المتمرد . لقد عرف الحرمان منذ أن كان صغيرا في منطقة القبائل التي كانت معقلا للحركة الوطنية و للثوار . لاعجب إذن أن يكون معطوب الطفل ابنا لتلك البيئة التي عانت الأمرين، ويلات الاستدمار وويلات الاستقلال المسلوب .
لقد نذر نفسه لهموم مجتمعه بتناوله لقضايا محظورة و هو في ريعان الشباب . الثقافة ،اللغة الأمازيغية ، ثورة التحرير ، المعارضة السياسية ، الاستبداد و الظلم، قضية المرأة ، الحرية و الديمقراطية و المساواة ، الأصولية الدموية و الإرهاب.
لقد صال وجال مثقفنا المتمرد في شؤون و هموم مجتمعه و لم تغره لا صالونات الغرب و لا اللجوء المريح للخارج هربا من خطر الاغتيال الجسدي عن الالتزام بعقيدته النضالية، عقيدة الحرية و العدالة . أعماله الفنية لا تخلو من نبرة الإلتزام الحاد في قالب فني راق شعرا و لحنا و أداءا .
أدى اختطافه من قبل الجماعات الإرهابية و إغتياله لاحقا إلى هبة شعبية قل نظيرها تحمل دلالات عميقة على ارتباط الفنان بشعبه و بقضاياه العادلة.
فالمظاهرات و المسيرات و الإحتجاجات التي حصلت في منطقة القبائل خاصة ، أصبحت مرجعا مهما في النضال الوطني من أجل الحرية و المواطنة .تمر خمس و عشرون سنة على رحيل معطوب الوناس المأساوي و البطولي و نضالات المواطنة مستمرة رغم الصعاب .
و الحركة الثقافية الأمازيغية تعرف تقدما و بروزا مهما بفضل نضالات و فكر أمثال معطوب الوناس .و في نفس الوقت لا زال الإرث الثقافي الموسيقي و الشعري لمعطوب الوناس في حاجة إلى تثمين و رعاية عن طريق ترجمته و التعريف به للشباب و للمهتمين في شمال أفريقيا و الشرق الأوسط و المتوسط ودعم المؤسسة الثقافية التي تحمل إسمه .
إن المحافظة على ذاكرة معطوب الوناس النضالية و الثقافية ، واجب على كل مهتم بقضايا المواطنة و حقوق الإنسان و دمقرطة مجتمعات شمال إفريقيا و الشرق الأوسط.