محلل روسي: استراتيجية أمريكا لحرب الفضاء تستهدف جذب حلفاء من دول الشرق

profile
  • clock 18 ديسمبر 2022, 2:09:49 م
  • eye 1001
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

"ساحة تنافس نشطة بين الفكر العلمي والقدرات الاقتصادية والتقنية لكل من موسكو وواشنطن".. هكذا وصف الخبير في شؤون الشرق الأوسط، المحلل الروسي "فلاديمير بلاتوف" الصراع الدائر بين موسكو وواشنطن في مجال الفضاء، مشيرا إلى أن اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية أخذ سبق الريادة في هذا المضمار لفترة طويلة.

وذكر "بلاتوف"،  في تحليل نشره بمجلة "نيو إيسترن أوتلوك" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الاتحاد السوفيتي أطلق "سبوتنيك 1"، وهو أول قمر اصطناعي أرضي، وأرسل أول إنسان إلى الفضاء الخارجي (يوري غاغارين)، وبعد ذلك أول رائدة فضاء (فالنتينا تيريشكوفا).

وبعد بضع سنوات، أصبح رائد الفضاء السوفيتي "أليكسي ليونوف" أول إنسان يقوم بالسير في الفضاء.

وإزاء ذلك، حاولت الولايات المتحدة التنافس مع الاتحاد السوفياتي، وأرسلت، عام 1969، أول رائد فضاء (نيل أرمسترونج) على سطح القمر، واليوم تتجه بسرعة كبيرة إلى التفوق في المنافسة العلمية والتقنية في الفضاء، ولكن في المضمار العسكري.

فالولايات المتحدة تعتبر الفضاء الخارجي ساحة "معركة المستقبل"، التي ناقشها المحللون منذ ستينيات القرن الماضي.

تحولت هذه المناقشات إلى خطط حقيقية في الولايات المتحدة، خاصة بعد تشكيل الرئيس السابق "دونالد ترامب"، في عام 2018، فرعا جديدا للقوات المسلحة، هو قوة الفضاء الأمريكية (USSF) ، الذي يتمثل هدفه الرئيس في إجراء عمليات عسكرية بالفضاء.

ومنذ ذلك الحين، ظهرت وحدات الاستطلاع في USSF ، والتي أصبحت تُعرف بعد ذلك باسم Space Delta ، والتي تشمل مهامها الحرب المدارية.

وعلى سبيل المثال، تركز Space Delta 3 على الحرب الإلكترونية، و Space Delta 6 على العمليات في الفضاء الإلكتروني، و Space Delta 8  على الاتصالات عبر الأقمار الصناعية والحرب الملاحية.

ولدى Space Delta 18 مهمة محددة تتمثل في مواجهة الاتحاد الروسي والصين في مدارات قريبة من الأرض، ما يؤشر إلى أن الجنرالات الأمريكيين يعتبرون الفضاء الخارجي بجدية مسحرا محتملا للعمليات العسكرية.

لكن "بلاتوف" يشير، في هذا الصدد، إلى أن قيادة الفضاء الأمريكية (SPACECOM) كانت موجودة بالفعل في الولايات المتحدة خلال حقبة "حرب النجوم" إبان عهد الرئيس الأسبق "رونالد ريجان".

ففي ذلك الوقت، وتحديدا في عام 1983، أعلن "ريجان" عن مبادرة الدفاع الاستراتيجي (SDI) بهدف رئيسي هو كسب الهيمنة في الفضاء على وجه الخصوص، من خلال نشر أنظمة دفاعية قادرة على اعتراض الصواريخ الأجنبية. لكن الولايات المتحدة قلصت هذا البرنامج في عام 1993.

وتم نشر اللائحة الأولى لقوات الفضاء الأمريكية في أغسطس/آب 2020، والتي أشارت إلى قدرة القوة الفضائية الأمريكية ليس فقط على الدفاع، ولكن أيضًا على شن هجوم "إذا لزم الأمر من أجل حماية المصالح القومية للولايات المتحدة".

وبحسب اللائحة، يمكن رؤية نشر تلك القوات في الفضاء، على وجه الخصوص، في حالات التشويش على اتصالات الأقمار الصناعية الأمريكية، والتحقيق بشأن احتمالات اختراق أنظمة المركبات الفضائية الروسية والصينية.

وفي الآونة الأخيرة، يُعزى تكثيف الولايات المتحدة للعمليات العسكرية في الفضاء أيضًا إلى نيتها استغلال الفرص في هذا المجال بنشاط أكبر لتعزيز سياسة العقوبات التي تفرضها واشنطن ضد الدول التي تصنفها باعتبارها "مارقة".

وهنا يشير "بلاتوف" إلى أن تعطيل قمر اصطناعي، تمر من خلاله معلومات المعاملات المالية والاتصالات الرئيسية، يحتاج فقط إلى "دفع" قطعة أو أخرى من الحطام الفضائي، ما قد يؤدي إلى اضطرابات مالية واقتصادية خطيرة ليس فقط في بلد واحد من العالم.

وإزاء ذلك، يقرأ المحلل الروسي تطورات نشاط قيادة USSF الأخير، معلقا: "يمكن للمرء أن يرى بوضوح شديد تعزيز الإمكانات التي تمتلكها واشنطن وحلفاؤها في الفضاء، خاصة فيما يتعلق بتلقي وتوزيع المعلومات من الأقمار الصناعية، واستخدامها في الخطط العسكرية الاستراتيجية للولايات المتحدة".

وأضاف: "تحقيقا لهذه الغاية ، في سبتمبر 2020 ، أنشأت USSF وحداتها في المنطقة الشاسعة من شبه الجزيرة العربية، ونشرت سربًا من 20 طيارًا متمركزين في قاعدة العديد الجوية في قطر كجزء من أول انتشار لها في الخارج".

وسرعان ما انضم عدد آخر من أفراد القوات الجوية الأمريكية، البالغ عددهم 20 فردًا، والذين شكلوا فرقة "مشغلي الفضاء الأساسيين"، بهدف "التحكم في الأقمار الصناعية ومراقبة مناورات العدو في الفضاء".

ولتنسيق أعمال USSF والسيطرة عليها، بدأت واشنطن في إنشاء وحدات قيادة فضائية إقليمية، والتي بدأت تظهر خارج البر الرئيسي للولايات المتحدة.

وتم إنشاء أول هذه الوحدات في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2022 ضمن هيكل القيادة الأمريكية الهندية والمحيط الهادئ في هاواي.

وبحلول نهاية العام الجاري 2022، ستنشئ الولايات المتحدة قوة فضائية مماثلة تابعة القوات الأمريكية في كوريا (USFK) وداخل القيادة المركزية الأمريكية المسؤولة عن الشرق الأوسط.

وأعلن البنتاجون رسميًا، في استراتيجيته للأمن القومي الصادرة مؤخرًا، أن إنشاء القوة الفضائية الأمريكية يستهدف تنفيذ الردع الشامل في جميع المجالات.

ولهذا الغرض، تساعد واشنطن في إنشاء قوات عمليات فضائية في الدول الحليفة. ففي 1 ديسمبر/كانون الأول، أطلقت القوات الجوية الكورية الجنوبية سرب العمليات الفضائية في قاعدة أوسان الجوية ، على بعد 65 كيلومترًا جنوب سيول.

ويشمل السرب الجديد قسم العمليات الفضائية، ومركز استخبارات الفضاء التابع للقوات الجوية ومركز مراقبة الأقمار الصناعية.

ويخطط السرب للقيام بمهام مختلفة مثل مراقبة الأجسام الفضائية في أوقات السلم وأوقات الحرب، ونشر المعلومات حول التهديدات الفضائية المحتملة، والتعاون الفضائي مع قوة الفضاء الأمريكية وتشغيل أقمار المراقبة العسكرية التي تخطط كوريا الجنوبية لنشرها في المستقبل.

ويلفت "بلاتوف"، في هذا الصدد، إلى أن البيئات العملياتية في الحرب الحديثة، سواء البرية أو الجوية أو البحرية أو الفضائية، شديدة الترابط فيما بينها، وتمشيا مع هذا الواقع قامت الولايات المتحدة بتطوير استراتيجية عسكرية جديدة للفضاء، تركز بشكل كبير على التعاون العسكري مع العديد من الحلفاء، بما في ذلك دول الشرق.

 ويتوقع "بلاتوف" جهودًا جديدة من واشنطن لجذب دول المنطقة الشرقية إلى استراتيجية الجيش الأمريكي للعمليات الفضائية.

 

المصدر | نيو إيسترن أوتلوك

التعليقات (0)