وداع العالم لرجل الحوار

بابا الفاتيكان فرنسيس: إرث من المحبة والسلام في مصر والعالم العربي

profile
  • clock 21 أبريل 2025, 7:58:42 م
  • eye 467
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
البابا فرنسيس

رحل البابا فرنسيس يوم الإثنين 21 أبريل 2025 عن عمر يناهز 88 عامًا، بعد صراع طويل مع الالتهابات الرئوية ومضاعفات صحية خطيرة. وقد نعى قادة العالم هذه القامة الإنسانية الفريدة، التي كرّست حياتها لخدمة السلام والحوار بين الأديان، ولا سيما مع مصر التي حظيت بمكانة خاصة في قلبه.

 

زيارة تاريخية إلى مصر عام 2017

 

في أبريل 2017، قام البابا فرنسيس بزيارة تاريخية إلى مصر، هي الأولى منذ زيارة البابا يوحنا بولس الثاني عام 2000. وقد وصف مصر حينها بأنها "أرض السلام والوئام"، مؤكدًا على أهمية العيش المشترك بين الأديان.

وأثناء مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، تحدّث البابا باللغة العربية، قائلاً: "مصر أم الدنيا... مصر تُثبت أن الدين لله والوطن للجميع."

كما احتفل البابا بقدّاس جماهيري في استاد الدفاع الجوي بالقاهرة، حضره آلاف الكاثوليك، وسط أجواء من الفرح والأمل.

 

شراكة روحية مع الأزهر الشريف

 

أحد أبرز ملامح إرث البابا في مصر تمثّل في العلاقة العميقة والتاريخية مع الأزهر الشريف وفضيلة الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب.

هذه العلاقة بدأت بلقاء غير مسبوق في القاهرة، تلاه زيارتان متبادلتان للفاتيكان في 2018 و2019، قبل أن يتوّج التعاون بتوقيع "وثيقة الأخوة الإنسانية" في أبوظبي عام 2019.

الوثيقة، التي وُصفت بأنها من أهم النصوص في تاريخ العلاقات الإسلامية–المسيحية، دعت إلى السلام العالمي والتعايش والتفاهم المتبادل.

 

علاقات وطيدة مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية

 

لم يقتصر انفتاح البابا فرنسيس على الأزهر، بل شمل أيضًا علاقة متميزة مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بقيادة البابا تواضروس الثاني.

التقى الزعيمان لأول مرة في مايو 2013، وهو أول لقاء منذ أكثر من أربعين عامًا، وأسفر عن إحياء ذكرى "يوم الصداقة القبطية–الكاثوليكية" سنويًا في 10 مايو.

وفي زيارة البابا فرنسيس للقاهرة عام 2017، وقّع مع البابا تواضروس إعلانًا مشتركًا بالاعتراف المتبادل بمعمودية كل من الكنيستين، ما اعتُبر خطوة غير مسبوقة نحو الوحدة المسيحية.

 

مواقف داعمة لمصر في أوقات الأزمات

 

لم تغب مصر عن وجدان البابا فرنسيس حتى في أصعب لحظاتها. فقد أظهر تضامنًا دائمًا مع المصريين في أعقاب الهجمات الإرهابية التي استهدفت مسلمين ومسيحيين على حد سواء.

وعلى الصعيد الإقليمي، أعرب عن قلقه إزاء أزمة سد النهضة، داعيًا في أغسطس 2020 إلى التوصل لحل سلمي بين مصر وإثيوبيا والسودان، لضمان أن يبقى نهر النيل "رمزًا للحياة والصداقة"، لا سببًا للنزاع.

 

وداع العالم لرجل الحوار

 

في ردود الفعل على وفاته، وصف الرئيس عبد الفتاح السيسي البابا فرنسيس بأنه "صوت للسلام والمحبة والرحمة"، فيما نعاه الإمام الأكبر بأنه "رمز إنساني استثنائي".

 

أما الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، فقد اعتبرت وفاته "خسارة لأخ محبّ وخادم مخلص"، بينما أكدت الكنيسة الكاثوليكية في مصر أن إرثه سيبقى حيًا في قلوب المؤمنين.

 

إرث خالد في مصر والعالم العربي

 

بإيمانه العميق، وتواضعه الإنساني، ومواقفه الجريئة في دعم السلام والعدالة والتعايش، خلّد البابا فرنسيس اسمه كواحد من أبرز دعاة الحوار في العصر الحديث.

من القاهرة إلى الفاتيكان، ومن أبوظبي إلى البحرين، كان صوت البابا مناديًا بـ"الأخوة الإنسانية"، تاركًا وراءه إرثًا خالدًا سيظل يلهم الأجيال.

التعليقات (0)