- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
عبود مصطفى عبود يكتب : كلام في النفس الإنسانية
عبود مصطفى عبود يكتب : كلام في النفس الإنسانية
- 31 مارس 2021, 3:48:52 ص
- 1058
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في رحلة الحياة يتقابل الناس، وتشتبك مصائرهم وحيواتهم بعلاقات عديدة، منها العمل، الزواج، الصداقة، الجيرة، الحب، في البداية نراهم في توافق وتناغم لكن سرعان ما يزول ذلك، ويحل محله التباغض والتباعد، حتى أننا نتساءل عندئذ أين ذهب الحب والود والفهم المشترك؟
والحقيقة، أنه لم يذهب، هو لم يأتي أصلا ليذهب، لقد تصورنا وجوده، لكنه في الحقيقة غائب، ولكي نفهم ذلك بصورة علمية ومبسطة عكفت ساعات على القراءة في المراجع العلمية في علمي النفس والاجتماع، للإجابة عن هذا التساؤل، وخرجت بهذه المقالة المؤسسة على كتابات علمية معتبرة، محاولا من خلالها عرض الأمر في يسر وبساطة، والآن دعونا نوضح أنماط التفكير الأربعة وتفريعات الناس حولها، حتى نفهم كيف نتعامل مع بعضنا، وكيف نقيم جسورا من المودة والحب والتفاهم، إذا فهمنا أولا طبيعة كل فرد منا:
تنقسم أنماط التفكير لدى الناس إلى أربعة أنماط لكل نمط منهم خصائصه وهم:
1/ النمط المتفرد، ويتسم بالحزم وعدم التردد، الحياة عنده إما أبيض أو أسود، لا توجد مساحات رمادية لديه، دوما النتائج عنده هي المعيار الأهم بل الأوحد، العبارة المفضلة لديه عند أي نقاش " هات من الآخر"، يهوى السيطرة والقيادة، يميل إلى الدكتاتورية، ولا يهتم بالآخر أو العواطف الإنسانية، تغلب عليه القيم النفعية، وهو في كل ذلك واضح ومباشر وغير متردد ولا يقر أبدا بأخطائه.
2/ النمط التحليلي، يميل إلى الوحدة والإنزواء، يفضل جمع المعلومات والبيانات حول أي أمر، يميل إلى الأعمال المكتبية، والحلول الوسط، غير صدامي، ويلتزم دوما بالأوامر والتعليمات، لا يحب الخيال ولا يميل إلى الشعر والفن والأدب، التجربة عنده هي المقياس الأوحد للتدليل على الصواب والخطأ، مستمع جيد جدا، ومطور هائل في العمل لكنه غير مبدع، متعب جدا عند الشراء لأنه يرغب في معرفة العيوب والمزايا، ولا يقتنع بسهولة، ولا يميل للعلاقات الاجتماعية.
3/ النمط التعبيري ، أكثر الأنماط جاذبية، عاطفي جدا ومبدع إلى أبعد حد، حاد جدا في مشاعره، ينقلب من النقيض إلى نقيضه في لحظة وبسبب كلمة يشعر بسعادة بالغة وبكلمة أخرى يقضي يومه كله تعيسا حزينا، العلاقات الإنسانية مهمة جدا لديه، مبدع من الطراز الأول تحركه عواطفه ولا يميل للعلاقات الرياضية الواضحة الصارمة، يفضل الخيال، والاعتماد على الشعور، صاحب رأي مؤثر ومن السهولة أن يقتنع برأي الآخر إذا استماله عاطفيا، من السهل ابتزازه شعوريا.
4/ النمط الودي، أجملهم وأكملهم وأكثرهم توازنا، مستمع جيد، وودود ومحبوب، تسهل مصاحبته وتشعر معه بالدفء والطمأنينة، يحب كل الناس، لكن علاقاته القوية تكون بعدد محدود من الناس، متعاون جدا، ومتفان في خدمة الآخرين، غير صدامي، وفي الوقت نفسه غير منقاد، إذا شعر بالأمان والثقة يكون على استعداد لخوض المخاطر.
والسؤال الآن ما أهمية أن نعرف هذه الأنماط، وكيف يمكن التأثير على كل نمط؟
لا شك أن معرفة نوع نمط الإنسان الذي أتعامل معه فائدة عظيمة، فمن خلال تحديد نوع النمط نستطيع رسم خارطة طريق لحياتنا معه إذا كنا سنتخذه شريكا للحياة، أو كيف نفاوضه إذا كنا سندخل معه في علاقة تجارية أو علاقة عمل، و ما شابه.
طريقة التأثر علي هذه الأنماط:
1: النمط المتفرد الطريقة المثلى للتأثير عليه أن نحفزه بالنتائج .
2: النمط التحليلي، نستطيع إقناعه والتأثير عليه، باستعراض الأدلة و المعلومات و التفاصيل.
3: النمط التعبيري، لكي نؤثر عليه لا بد أن نستثيره شعوريا، ونخاطب عاطفته وأحاسيسه.
4: النمط الودي، يمكننا التأثير عليه من خلال العلاقات الدافئة، والمليئة بالمحبة والتقدير.
أنواع الناس مع الأنماط :
1: النوع الواضح الصريح من البشر، هو الذي تتوفر فيه صفات نمط واحد فقط كأن يكون 100% من النمط المتفرد.
2: النوع التشاركي من البشر، وهو الذي يتوفر فيه نمط رئيسي، ونمط مكمل ، مثلاً : 75% متفرد و 25% تحليلي .
3: النوع التكاملي من البشر، هو الذي تتوفر فيه عدة أنماط مختلفة، وهذا أفضل أنواع الناس وأكثرهم اتزانا وسهولة في التعامل، ويكون كالآتي:
مثلاً : 25% متفرد , 25% تحليلي , 25% تعبيري , 25% ودي .
والآن كيف يرى كل نمط باقي الأنماط؟
المتفرد :يرى التحليلي مترددا، ويرى التعبيري فوضويا، ويرى الودي مخلصا.
التحليلي : يرى المتفردمتهورا، ويرى التعبيري مبدعا و صاحب أفكار، ويرى الودي مجاملا.
التعبيري: يرى المتفرد متكبرا، ويرى التحليلي خبيرا متمكنا، ويرى الودي ضعيفا
الودي :يرى المتفرد قائدا، و يرى التحليلي غير وفيا، و يرى التعبيري كثير الكلام بدون فعل
مثال يوضح كيفيه التعامل مع الانماط:
لو كنت بائعا و تريد أن تقنع أحد هذه الأنماط ماذا تفعل ؟؟
لنفرض أن السلعة التي ترغب في بيعها حقيبة، فكيف تقنع وتؤثر في كل نمط؟
1: النمط المتفرد:
حدثه عن النتائج مباشرة ( أنت تستفيد كذا و كذا عن شراء هذه السلعة ).
2: النمط التحليلي:
استعرض معه التفاصيل و دعمها بالأدلة و البراهين و المعلومات.
3: النمط التعبيري:
حفزه لاتخاذ القرار عن طريق الاستثارة الشعورية .
كأن تقول له أو لها ما أجمل الحقيبة و هي بيدك!! ما أجملها و أنت تحملها!!
4: النمط الودي:
حفزه بدفء و مودة .
كأن تقول له: لأني ناصح لك , لأني أريد لك الخير , لأنك صديقي و يهمني أمرك.
يمكن استعمال الأمثلة السابقة كدليل استرشادي في مناحي أخرى في الحياة، مثل تعامل المديرون مع موظفيهم، والزوج والزوجة مع بعضهما، والمعلمون مع تلاميذهم...إلخ
فلا شك أن التعامل بوعي مع النمط الذي تتشابك حياتنا معه، سيجعل الحياة أكثر سهولة ويسرا وتفاهما، فتصير الحياة كأنها نغما جميلا متسقا، فيه صعود وهبط لكن بدون نشاز أو إزعاج.