- ℃ 11 تركيا
- 28 ديسمبر 2024
جدعون ليفي يكتب: أيها الجنود.. هيا إلى رحلة استجمام في جباليا
في مقال بـ"هآرتس"
جدعون ليفي يكتب: أيها الجنود.. هيا إلى رحلة استجمام في جباليا
- 27 ديسمبر 2024, 11:11:50 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
فيما يلي الأنباء المفرحة من ساحات القتل: الجيش الإسرائيلي قام بإنشاء قرية استجمام على شاطيء البحر في غزة، الشاويش يارون رابينوفيتش تناول هناك في هذا الأسبوع التشوريسوس والستيك، في الغرفة المجاورة قام أحد الاخصائيين في العلاج الطبيعي بتدليك جسد أحد المقاتلين، القرية غارقة بالمسطحات الخضراء، هناك دمى للضرب موجودة في كل زاوية، أحد الجنود يستمتع بشرب الكابتشينو، آخر يحمل علبة “اكس ال” ومكعبات ثلج.
وجبات فطور ممتعة “مثلما في الفنادق”، وفي المساء يوجد شواء. “أنا لم اعتقد في أي يوم بأنه سيكون مكان كهذا هنا”، قال بسخرية الشاويش دانييل. توجد قاعة للتسلية، فطائر بلجيكية، توجد ماكنات لصنع الفوشار وشعر البنات، يوجد حلاق وبدي كير من اجل اقدام المقاتلين.
في صفحتين نشرت هذا الوصف الصحيفة الناطقة بلسان الجيش الإسرائيلي “يديعوت أحرونوت”، الذي يثير في بعض الأحيان الاشتياق الكبير للصحافة الموضوعية والمهنية التي توجد لـ “بمحنيه”. للوهلة الأولى يظهر أن هذه أنباء مفرحة. الجنود يستحقون الانتعاش، سواء المساج أو البدي كير. مع ذلك، هناك شيء ليس له طعم في هذا الاستجمام. مقيت، مثير للغضب وحتى مثير للذكريات الصعبة، بالأساس بسبب المكان.
السلاح اللوجستي أقام قرية استجمام قرب جهنم، في وسط جهنم، في “منطقة الاهتمام”، وهو الفيلم الصادم الذي حصل على جوائز كثيرة لجونثان غلايزر، شاهدنا كيف أدارت عائلة المانية حياة الاستمتاع والاستجمام وحياتها الروتينية في بيتها الذي كان قرب معسكر أوشفيتس.
الكلاب ميد الجديد للجيش الإسرائيلي ليس قرب معسكر إبادة، لا توجد معسكرات إبادة جماعية في غزة، مع ذلك فان المقارنة تطل برأسها. الجنود يستريحون من مهمة التدمير والقتل التي تجمد الدماء في الشرايين ويشربون الاكسل الذي يوزعه الجيش عليهم. خلف الجدار توجد جهنم التي صنعوها بأيديهم. على بعد بضعة امتار يوجد اشخاص يموتون من الجوع والبرد، وهنا في قرية الاستجمام يوجد شعر البنات.
“جباليا أصبحت مدينة اشباح. في الخارج تظهر قطعان الكلاب الضالة التي تبحث عن بقايا الطعام”، هكذا وصف المحلل العسكري في “هآرتس” عاموس هرئيل عندما عاد من هناك. من نوافذ قرية الاستجمام التي أقامها الجيش يمكن رؤية في يوم صاف قطعان الكلاب الجائعة، وربما أن المسطحات الخضراء تخفيها عن عيون الجنود، ولكن ما يخفيها بالتأكيد ويخفي الدمار المطلق حولهم هو العمى وقسوة القلب.
قرية الاستجمام، في المكان الذي فيه الموت والخراب يصرخ من تحت الأرض، علبة “الاكس ال” غير بعيد عن المكان الذي يوجد فيه أطفال يحاربون الآن على زجاجة ماء يمكن شربها. الفطائر والستيك على بعد مسافة صفر عن المكان الذي يوجد فيه اشخاص جائعون لا يجدون قطعة خبز. بدي كير لاقدام الجنود الناعمة، غير بعيد عن المكان الذي فيه اشخاص يموتون ببطء، بعد أن قام جنود البدي كير بتدمير المستشفيات في غزة. حفلة شواء قرب المكان الذي يوجد فيه الملايين الذين يتجمدون في الليل في الخيام المكشوفة والممزقة وهم يرتدون الملابس الرثة.
100 ألف شخص كانوا يعيشون في هذا المكان المكتظ جباليا، تقريبا جميعهم تم طردهم بالقوة من قبل الجيش إلى مكان مجهول. قتل منهم 2000 شخص. هل يوجد مكان مناسب أكثر من اجل إقامة قرية الاستجمام؟ حتى أن معظم كتاب المسرح سخرية ومرض لم يفكروا بمثل هذا السيناريو.
إقامة قرية الاستجمام هذه تندمج بشكل جيد مع مشروع الإخلاء – بناء المخيف، الذي قام في شمال القطاع، مع طمس الحقائق وذر الرماد في العيون. الجيش الإسرائيلي يبني من اجل البقاء هناك الى الأبد: الشوارع، البنى التحتية والآن قرية استجمام. الجنود، الذين يستجمون فيها الآن هم ابطال إسرائيل الذين يستحقون كل شيء، لكن كيف يمكن نسيان أنهم هم الذين نفذوا السياسة الوحشية بدون أن يرف لهم جفن وبدون تردد أو تشكك.
أن تخرب بالكامل مخيم لاجئين يعيش فيه بشكل مكتظ احفاد الكارثة الفلسطينية السابقة، التي هي من صنع يد إسرائيل ولا تفكر بمعنى ذلك، أن ترفع علبة الاكس ال في قلب كل ذلك وأن تستمتع بالمساج، وأن تلعق شعر البنات اللزج والناعم، أن تسترخي على وسادة ولا تفكر في أي شيء – الأساس هو أن لا تشعر بأي شيء.
هآرتس