"تسريبات عدوان اليمن": ترامب يعلق.. والكونجرس والديمقراطيون يشتبكون.. ومصير غامض لـ"والتز"

profile
  • clock 25 مارس 2025, 10:45:17 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز (يسار) ووزير الدفاع بيت هيجسيث خلال اجتماع مع الرئيس دونالد ترمب في البيت الأبيض بالعاصمة واشنطن. 24 فبراير 2025 - REUTERS

أثار الكشف الصادم عن إدراج الإدارة الأمريكية، لصحافي بالخطأ في مجموعة محادثة تناقش خططاً سرية لشن ضربات في اليمن، نقاشاً حاداً داخل البيت الأبيض، بشأن إجبار مستشار الأمن القومي مايك والتز على الاستقالة، فيما يستعد الكونجرس لاستجواب مسؤولين حول الواقعة، وفق وسائل إعلام أمريكية.

وعلى الرغم من أن القرار لم يُحسم بعد، إلا أن مسؤولين في البيت الأبيض قالوا إن الرئيس دونالد ترمب هو من سيتخذ القرار النهائي خلال اليومين المقبلين، مع متابعة التغطية الإعلامية لهذا الخطأ المحرج، وفق مجلة "بوليتيكو".

وسرعان ما انتقد مشرعون ديمقراطيون هذا الخطأ، قائلين إنه خرق للأمن القومي الأمريكي، وانتهاك للقانون يجب أن يحقق الكونجرس فيه.

وكان رئيس تحرير مجلة "ذا أتلانتيك" الصحافي الأمريكي جيفري جولدبيرج، كشف الاثنين، أنه تلقى رسائل نصية عن طريق الخطأ عبر تطبيق "سيجنال" SIGNAL من وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث، تضمنت تفاصيل دقيقة لخطط عسكرية لشن ضربات ضد أهداف حوثية، وذلك قبل ساعتين من بدء الهجمات.

وذكر البيت الأبيض في بيان، أنه يُراجع كيف تمت إضافة جولدبيرج في المحادثة الجماعية التي ضمت كبار المسؤولين الأمريكيين.

وقال إن مسؤولين كباراً في الإدارة كشفوا بالخطأ عن خطط الحرب في مجموعة تراسل، تضمنت صحافياً قبل وقت وجيز من هجوم أمريكي على أهداف لجماعة الحوثي اليمنية، وذلك بعدما نشرت مجلة "ذي أتلانتيك" تقريراً عن الواقعة.

وتشن الإدارة الأمريكية عدوانا غاشما على اليمن منذ 15 مارس، بسبب إسناد جماعة أنصار الله لقطاع غزة واستهدافها سفن العدو الصهيوني في البحر الأحمر. وحذر ترمب إيران، الداعم الرئيسي للجماعة بزعمه، من مغبة عدم وقفها فوراً دعم الجماعة.

وقال جولدبرج إن وزير الدفاع بيت هيجسيث نشر قبل ساعات من بدء تلك الهجمات تفاصيل دقيقة لخطط عسكرية أمريكية في مجموعة التراسل "بما في ذلك معلومات عن الأهداف والأسلحة التي ستنشرها الولايات المتحدة وتسلسل الهجوم". ولم يذكر في تقريره تفاصيل ما وصفه ‬بالاستخدام "المتهور بشكل صادم" لتطبيق سيجنال.

وكتب جولدبرج أن حسابات تمثل فيما يبدو نائب الرئيس جيه دي فانس، ووزير الخارجية ماركو روبيو، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية CIA جون راتكليف، ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي جابارد، ووزير الخزانة سكوت بينست، وكبيرة موظفي البيت الأبيض سوزي وايلز، وكبار مسؤولي مجلس الأمن القومي كانت حاضرة في مجموعة التراسل.

وكان جو كينت، مرشح ترمب لمنصب مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب، على ما يبدو في مجموعة تطبيق سيجنال، على الرغم من عدم تأكيد مجلس الشيوخ تعيينه بعد.

ترمب يعلق على الواقعة

من جانبه، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للصحافيين في البيت الأبيض إنه ليس على علم بالواقعة، مضيفاً: "لا أعرف أي شيء عن ذلك. أنا لست من كبار المعجبين بمجلة ذا أتلانتيك".

وقال مسؤول بالبيت الأبيض في وقت لاحق إن التحقيق جارٍ في الأمر، وتم تقديم إحاطة لترمب بشأنه.

وقال برايان هيوز المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في بيان: "في الوقت الحالي، يبدو أن سلسلة الرسائل التي ذكرها التقرير صحيحة، ونراجع كيفية إضافة رقم غير مقصود إلى المجموعة".

وأضاف: "توضح هذه المحادثة التنسيق السياسي الكبير والمدروس بين كبار المسؤولين. ويظهر النجاح المستمر لعملية الحوثيين عدم وجود أي تهديدات لجنودنا أو أمننا القومي".

سجال بين هيجسيث وجولدبرج

بدوره، نفى وزير الدفاع بيت هيجسيث نشر خطط الحرب في مجموعة التراسل، وقال للصحافيين أثناء زيارة رسمية إلى هاواي، الاثنين: "لم يرسل أحد خطط حرب عبر رسائل نصية، وهذا كل ما أستطيع قوله في هذا الشأن".

ورد جولدبرج على نفي هيجسيث قائلاً خلال مقابلة مع شبكة CNN مساء الاثنين: "لا، هذا كذب. كان يكتب خطط الحرب في الرسائل".

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، في بيان الاثنين: "كما قال الرئيس ترمب، فإن الهجمات على الحوثيين كانت ناجحة وفعالة للغاية، لا يزال الرئيس ترمب يثق تماماً في فريقه للأمن القومي، بما في ذلك مستشار الأمن القومي مايك والتز". ورفض مكتبها تقديم أي تعليق إضافي بشأن القضية.

ضغوط لإقالة والتز

وكشف مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، لمجلة "بوليتيكو"، الاثنين، أن ثمّة نقاشات مكثفة تدور في البيت الأبيض  بشأن مصير والتز، عقب التقرير المفاجئ الذي كشف عن إدراج رئيس تحرير مجلة "ذا أتلانتك" بالخطأ إلى محادثة سرية.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "نصفهم يقول إنه لن ينجو من هذا الخطأ، أو إنه لا ينبغي له النجاة منه".

وأشار إلى أن اثنين من كبار المسؤولين بالبيت الأبيض طرحا فكرة أن يستقيل والتز طوعاً، لتجنب وضع الرئيس في موقف محرج.

وأضاف المسؤول: "عدم التحقق من قائمة المشاركين في المحادثة تصرف ينم عن إهمال، وكان من التهور إجراء هذه المحادثة على تطبيق سيجنال، لا يمكنك أن تفعل هذا السلوك عندما تشغل منصب مستشار الأمن القومي".

وقال شخص مقرّب من البيت الأبيض: "الجميع متفق على شيء واحد.. تصرّف مايك والتز كان أحمقاً".

فيما كشف مصدر ثالث مطلع على تداعيات التسريب، أن ترمب تحدث مع والتز بشأن الواقعة، مؤكداً أن البيت الأبيض لا يزال يدعمه في الوقت الراهن، وفقاً لـ"بوليتيكو".

من جهته، قال مسؤول رابع في البيت الأبيض، إن ثمة ضغوطاً داخلية تدفع والتز لتحمل مسؤولية الخطأ، وهو ما قد يعني استقالته المحتملة، لكنه أوضح أن مصير والتز يعتمد بشكل أساسي على موقف ترمب الشخصي من الأمر، مشيراً إلى أن مسؤولين آخرين في الإدارة كانوا أيضا جزءاً من محادثة "سيجنال" المثيرة للجدل.

والتز وفانس في مرمى انتقادات ترمب

وكشف مسؤولان أن ترمب ربما يلقي باللائمة على والتز بسبب التهديد المحتمل للأمن القومي الأمريكي، لكنه قد يوجه غضبه أيضاً نحو جيه دي فانس، بسبب خروجه عن خط الإدارة في السياسة الخارجية أثناء المحادثة، أو ربما يستهدف بيت هيجسيث باعتباره الشخص الذي يُزعم أنه شارك التفاصيل الحساسة مع المجموعة.

وأشارت مجلة "بوليتيكو" إلى أن هذا  التسريب فتح الباب أمام منتقدي والتز داخل الإدارة، الذين لطالما كانوا متشككين في علاقاته مع المحافظين الجدد، للضغط من أجل إقالته.

وكان والتز في السابق مستشاراً لنائب الرئيس السابق ديك تشيني في شؤون مكافحة الإرهاب، لكنه تحول خلال السنوات الأخيرة إلى تبني نهج "أمريكا أولاً" في السياسة الخارجية، على غرار وزير الخارجية ماركو روبيو.

وتصاعدت الانتقادات ضد والتز على منصات التواصل الاجتماعي، الاثنين، حيث تساءل عدد من المحافظين "الانعزاليين" عن سبب امتلاك والتز رقم هاتف رئيس تحرير "ذا أتلانتيك" في الأساس، معتبرين أن ذلك دليل على استمراره في دعم توجهات المحافظين الجدد.

مشرعون يطالبون بفتح تحقيق

وفي الكونجرس، أعرب بعض النواب عن قلقهم من الواقعة، إذ وصف النائب الجمهوري عن ولاية نبراسكا دون بيكون، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب، إرسال معلومات حساسة عبر شبكة غير آمنة بأنه "أمر لا يغتفر"، فيما قال السيناتور جمهوري عن ولاية مسيسيبي روجر ويكر، رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، لصحيفة "نيويورك تايمز" إن الأمر "مثير للقلق"، وإن لجنته "ستحقق في الأمر بالتأكيد".

ومع ذلك، فإن مصدر قريب من البيت الأبيض، لا يتوقع أي تداعيات سياسية طويلة الأمد على ترمب أو إدارته، سوى أن الواقعة ربما تكلف والتز منصبه.

وبموجب القانون الأمريكي، قد يعد سوء التعامل مع المعلومات السرية، أو إساءة استخدامها جريمة، لكن من غير الواضح ما إذا كانت المحادثة انتهكت هذه الأحكام.

كما تثير الرسائل، التي ذكر تقرير المجلة، أن والتز مهد لاختفائها من تطبيق سيجنال بعد فترة، تساؤلات حول احتمال انتهاك قوانين حفظ السجلات الاتحادية.

ووصف مشرعون ديمقراطيون استخدام مجموعة المراسلة على سيجنال بأنه غير قانوني، وطالبوا بإجراء تحقيق.

وقال زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ تشاك شومر: "هذا أحد أكثر الخروق الصادمة للمعلومات العسكرية التي قرأت عنها منذ فترة طويلة للغاية"، مضيفاً أنه سيطلب من زعيم الأغلبية الجمهورية في المجلس جون ثون التحقيق.

وقال ثون: "اكتشفنا ذلك للتو. لكن من الواضح أنه يتعين علينا تحري الأمر ومعرفة ما حدث. ستكون لدينا خطة".

لكن العديد من الجمهوريين في الكونجرس يأملون في نجاة والتز من الأزمة، ففي حين أكد بعض النواب الجمهوريين، بشكل غير رسمي، أن شخصاً ما في البيت الأبيض سيتحمل المسؤولية، دافع أعضاء مجلس النواب الجمهوريون عن زميلهم السابق والتز.

وقال رئيس مجلس النواب، مايك جونسون، لمجلة "بوليتيكو": "لا يجب أن يستقيل والتز بأي حال من الأحوال. إنه مؤهل بشكل استثنائي لهذا المنصب. إنه موثوق به، ويستحق الثقة. لقد تم اختياره لهذا الدور، وأنا أملك ثقة كاملة به".

"فرصة" للديمقراطيين

واعتبر موقع "أكسيوس" أن ما وصفه بـ"إخفاق" إدارة ترمب بشأن واقعة التسريب على تطبيق "سيجنال"، أعطى الديمقراطيين "فرصة غير متوقعة للهجوم"، من خلال عقد جلستي استماع في اليومين المقبلين.

ونقل الموقع الأمريكي عن السيناتور الجمهوري عن ولاية مونتانا تيم شيهي، وهو جندي سابق في قوات النخبة البحرية الأمريكية قوله للصحافيين، الاثنين: "لقد أخطأ أحدهم".

ورجح الموقع أن استجواب مسؤولي ترمب بشأن ما إذا كانت محادثاتهم السرية على تطبيق "سيجنال" تنتهك قانون التجسس، لن يُنهي الخلافات الداخلية الشديدة بين الديمقراطيين، ولكنه يُمثل تشتيتاً كبيراً.

وستكون الأسبقية للجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، حيث من المقرر أن تدلي مديرة الاستخبارات الوطنية جابارد، ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف بإفادة، الثلاثاء، بشأن التهديدات العالمية التي تواجه الولايات المتحدة. وكان المسؤولان من بين 18 شخصاً شاركوا في المحادثة الجماعية على تطبيق "سيجنال".

فيما تعقد لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، الأربعاء، جلسات استماع لنفس المسؤولين، وتعهد العضو الديمقراطي البارز في اللجنة النائب عن ولاية كونيتيكت جيم هايمز باستجوابهم بشأن هذه الواقعة.

ومن المتوقع أن يركز الديمقراطيون بشدة على تقرير "ذا أتلانتيك" في جلستي الاستماع، حسب ما ذكرت مصادر مطلعة على الخطط لموقع "أكسيوس".

فيما وصف زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، وزير الدفاع بيت هيجسيث بأنه "أكثر شخص غير مؤهل لقيادة (وزارة الدفاع) البنتاجون في التاريخ الأمريكي".

التعليقات (0)