- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
أحمد إشجان يكتب: سجين تركي يفوز بمقعد بالبرلمان من داخل محبسه! ما لا تعرفه عن حقوق السجناء في الترشح والانتخاب بتركيا
أحمد إشجان يكتب: سجين تركي يفوز بمقعد بالبرلمان من داخل محبسه! ما لا تعرفه عن حقوق السجناء في الترشح والانتخاب بتركيا
- 19 مايو 2023, 2:14:23 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كان المحامي جان أتالاي أحد النواب الأربعة لحزب العمال التركي في انتخابات 14 مايو 2023. تقدَّم أتالاي كأول مرشح لمنصب نائب برلماني من هطاي، وهي مقاطعة من المعروف أن حزب العمال يستند فيها إلى دائرة انتخابية واثقة. أعلن البرلماني التركي إركان باش أن عضو البرلمان في هطاي باريش أتاي قد تخلى عن ترشيحه في المركز الأول لهطاي، حتى يمكن إطلاق سراح جان أتالاي من السجن. وبدلاً من هطاي، حيث نشأ باريش أتاي وترعرع وحصل على دعم الناخبين، فقد ترشَّح للمركز الثاني في أنطاليا ولم يُنتَخَب. دعونا نلقِ نظرة على ما يحدث عندما يمكن لشخص محتجز الترشح للبرلمان ويُنتَخَب.
العملية القضائية في تركيا
بادئ ذي بدء، من الضروري شرح النظام القانوني في تركيا، يمكن أن تجري المحاكمة على جريمة جنائية، سواء في ظل حبس احتياطي أو بدونه، على النحو الذي تقرره المحكمة. يُحدَّد ذلك من قبل المحكمة وفقاً لمحتوى القضية وحساسيتها وما إلى ذلك. بعد تقدم الإجراءات وفرض الحكم (ما لم تُلغَ القضية، أي يصدر فيها حكم بالبراءة)، يمكن للمدعى عليه الاستئناف أولاً أمام محكمة الاستئناف لإلغاء الدعوى، وإذا لم تُلغِ محكمة الاستئناف الحكم يمكن للمدعَّى عليه الاستئناف أمام محكمة النقض، وإذا أيّدت محكمة النقض الحكم يمكن للمدعَّى عليه الذهاب إلى المحكمة الدستورية، وهي أعلى سلطة في النظام القانوني التركي، وطلب إلغاء الحكم هناك، إذا كانت الحقوق الدستورية محل الدعوى.
هذه هي السلطة الأخيرة والأعلى التي يمكن للمدعى عليه الاستئناف أمامها في القانون المحلي.
بالطبع يمكن أن تستغرق كل هذه العمليات سنوات، وإذا لم ينجح الأمر أمام المحكمة الدستورية أيضاً يمكن رفع القضية إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حين تنفد جميع سبل الانتصاف المحلية، لن يُنفَّذ حكم لصالح المدعى عليه بشكل مباشر، سيتعين على المحاكم المحلية استئناف الإجراءات من أجل تنفيذ الحكم، وتُعَد أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ملزِمة للدول الأعضاء. بمعنى آخر يجب الامتثال لها، ومع ذلك قد لا تكون تركيا قادرة على تنفيذ هذا الالتزام في الحالات الحساسة، في مثل هذه الحالات تكون تركيا ملزمة بدفع تعويضات عن عدم الامتثال للأحكام.
الآن، دون الإغراق في الكثير من التفاصيل، دعونا نلقِ نظرة على المواد ذات الصلة من الدستور وقانون انتخاب النواب في تركيا.
وفقاً للمادة 83، الفقرة 2 من الدستور، لا يجوز القبض على النائب الذي يُزعم أنه ارتكب جريمة قبل الانتخابات أو بعدها، أو استجوابه، أو توقيفه، أو محاكمته دون قرار برلماني. بعبارة أخرى الطريقة الوحيدة التي يمكن بها اعتقال النائب هي من خلال قرار برلماني، ويمكن أن يجري ذلك بأصوات ثلاثة أخماس العدد الإجمالي للنواب في البرلمان، أي 360 نائباً.
ويحدد القانون رقم 2839 بشأن انتخاب النواب مؤهلات أولئك الذين لا يمكن انتخابهم نواباً. ينص القانون على أن المجرمين الذين حُكم عليهم بالسجن لمدة عام على الأقل، باستثناء جرائم الإهمال، أو بالسجن المُشدَّد بغض النظر عن مدته، لا يمكن أن يكونوا نواباً. بالإضافة إلى ذلك، ينص القانون أيضاً على أن المدانين بجرائم شائنة وجرائم الاحتيال والإرهاب وما إلى ذلك، حتى لو تم العفو عنهم، لا يمكن أن يكونوا نواباً.
انتخاب المعتقل جان أتالاي نائباً
كان أتالاي، الذي انتُخِبَ نائباً عن حزب العمال التركي، محامياً لمنظمة "تضامن تقسيم"، وهي منظمة تأسست خلال احتجاجات متنزه غيزي. أتالاي الذي اعتُقِلَ بعد إدراجه كمتهم في محاكمة غيزي حُكم عليه بالسجن 18 عاماً، في 25 أبريل 2022، في المحكمة الجنائية العليا رقم 30 بإسطنبول، في المحاكمة التي وجهت إليه تهمة "محاولة الإطاحة بحكومة الجمهورية لتركيا". بعد هذا الحكم استأنف أتالاي أمام محكمة الاستئناف لإلغاء القضية، وبعد أن أيدت محكمة الاستئناف القضية رفع القضية إلى محكمة النقض، وأصبحت قضية أتالاي الآن مُعلَّقة أمام الغرفة الجنائية الثالثة لمحكمة النقض؛ لذلك ينبغي أن يقال إن أتالاي يخضع حالياً "للاحتجاز السابق للمحاكمة" بدلاً من كونه "مذنباً"، لذلك قُبِلَ ترشح أتالاي للبرلمان من قِبَلِ المجلس الأعلى للانتخابات، حيث لا يوجد حكم نهائي ضده حتى الآن.
جان أتالاي
الآن، بعد أن يتسلم أتالاي تفويضه البرلماني، سوف يتقدم بطلب إلى محكمة النقض من أجل إنهاء اعتقاله ووقف المحاكمة، إذا أنهت محكمة النقض احتجازه وأوقفت القضية فسوف يُفرَج عنه من السجن، ويمكنه أداء القسم أمام البرلمان، وسيكون قادراً على الاستمرار كعضو في البرلمان، وإذا لم تصدر محكمة النقض مثل هذا القرار فسوف يُرفَع الأمر إلى المحكمة الدستورية فيما يتعلق بالحق في الترشح، الذي هو حق دستوري، ومن المتوقع أن تبت المحكمة الدستورية في إلغاء الدعوى.
حالات سابقة
في الواقع، هناك سوابق في هذه المسألة، انتُخب مصطفى بالباي، الذي كان رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة في قضية أرغينيكون، نائباً عن حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات العامة، في يونيو 2011. تقدم بالباي بطلب إلى المحكمة الجنائية العليا رقم 13 في إسطنبول لإطلاق سراحه، لكن المحكمة رفضت طلبه مرتين، ثم تقدم بالباي بطلب إلى المحكمة الدستورية لانتهاك حقه في الترشح للانتخابات. قيّمت المحكمة الدستورية طلب بالباي بشأن المحاكمة العادلة والاحتجاز الطويل، وقضت بانتهاك حقوقه، وأمرت بالإفراج عنه في 9 ديسمبر 2013.
في الواقع، في القانون التركي، كانت تلك سابقة قضائية، لذا يبدو من المرجح أن محاكمة جان أتالاي سوف تُعلَّق في العملية المقبلة، وسوف يُفرَج عنه، ومع ذلك إذا لم تُصدر محكمة النقض قراراً بالإفراج، ولم توافق المحكمة الدستورية بالمثل على تعليق القضية وقرار الإفراج، يبدو أن الحل الوحيد لأتالاي هو المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ومع ذلك فإن إمكانية حل العملية دون الحاجة إلى الذهاب إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تبدو أقرب من وجهة نظري.
جان أتالاي في المحاكمة مع عثمان كافالا
مع ذلك، يجب التأكيد هنا على نقطة واحدة، يُحاكَم جان أتالاي بتهمة "محاولة الإطاحة بحكومة جمهورية تركيا أو منعها من أداء مهامها" خلال احتجاجات حديقة غيزي، التي حوكم فيها عثمان كافالا وأُدين، عثمان كافالا هو أحد ممولي احتجاجات متنزه غيزي وحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد نتيجة هذه القضية، يُحاكم كافالا أيضاً لكونه أحد منظمي محاولة الانقلاب، في 15 يوليو، بعد مشاركته في اجتماع دولي في بويوكادا، إسطنبول، في اليوم السابق لمحاولة الانقلاب، والتي تعتبر جزءاً من عملية محاولة الانقلاب.
وهناك قضية أخرى ضد كافالا في هذا الصدد؛ لذلك فإن محاكمة جان أتالاي لها معنى مختلف، لأن قضية عثمان كافالا تتعامل معها الحكومة التركية بحذر شديد، وهناك سؤالٌ آخر يدور حول ما إذا كان الإفراج عن جان أتالاي، الذي يُحاكم في القضية نفسها، سيتسبب في رد فعل مختلف أو سابقة فريدة بسبب مقعده البرلماني.
ماذا عن حق السجناء في التصويت؟
إن حق التصويت لمن هم في السجن منصوص عليه بوضوح في القانون التركي، تقول الفقرة الخامسة من المادة 67 من الدستور التركي: "لا يحق للعسكريين والمجندين في الخدمة والطلاب العسكريين والمحكوم عليهم في مؤسسات تنفيذ العقوبات، باستثناء المدانين بجرائم الإهمال، التصويت". وهذا يعني أن المعتقلين في السجن والمدانين بجرائم إهمال يمكنهم التصويت، ومع ذلك لا يمكن للمدانين الذين صدَّقت المحكمة على أحكامهم التصويت.
في الانتخابات العامة لعام 2023، حدد المجلس الأعلى للانتخابات شروط التصويت للسجناء والمدانين بجرائم الإهمال قبل حوالي شهرين من الانتخابات. ووفقاً للقانون المذكور أعلاه، فقد نص المجلس الأعلى للانتخابات في قراره بشأن الموقوفين والمحكومين على أن المحكوم عليهم في السجن لجرائم عمدية لا يمكنهم التصويت، وأن الموقوفين في المؤسسات العقابية والمدانين بجرائم إهمال يمكنهم التصويت، وذكر أن هؤلاء الأشخاص يمكنهم التصويت في الدائرة الانتخابية التي يوجد بها السجن.
وبناءً على ذلك، لا بد من القول إن دعوات المدانين بجرائم عمد إلى التصويت غير مواتية، فهذا منصوص عليه بوضوح في القانون، ومع ذلك كما هو الحال في قضية جان أتالاي، على سبيل المثال، فإن الأشخاص الذين ما زالت قضاياهم مُعلَّقة أمام محكمة الاستئناف أو محكمة النقض العليا يعتبرون رهن الاعتقال، ويمكنهم التصويت لأن الحكم الصادر بحقهم لم يُصدَّق عليه بعد.