- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
أمجد إسماعيل الآغا يكتب: "خطوات سياسية".. القمة العربية والملف السوري "وقائع وتحديات".
أمجد إسماعيل الآغا يكتب: "خطوات سياسية".. القمة العربية والملف السوري "وقائع وتحديات".
- 19 مايو 2023, 2:08:34 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بين طيّ أوراق الملف السوري وهندسة وقائعه، ثمة صراع خفيّ. الملف السوري وجُل عناوينه، كان من أكثر الملفات تعقيداً وتشابكاً، جراء تدخلات إقليمية ودولية، عززت عمق الأزمة في سورية، وحروب بالوكالة أرهقت الوطن والشعب، ليأتي الإجماع العربي بعودة سورية إلى مقعدها في الجامعة العربية، من زاوية البحث عن حل سياسي، أو محاولة هندسة وقائع قد تكون سبباً في طيّ إثنتي عشر عاماً من الصراع، دفع ثمنها الشعب السوري في المستويات كافة، لكن في مقابل معاناة السوريين، وتوقهم التوصل إلى حل سياسي، ثمة تساؤل جوهري، يتعلق بخطة دمشق في المرحلة القادمة، لا سيما بعد عودتها إلى محيطها العربي.
غالبية الدول العربية إستشعرت خطر إستمرار الأزمة السورية، الأمر الذي سمح ضمن أطر سياسية خجولة، التحرك تُجاه دمشق، ومحاولة إفتتاح مسارات عربية وخليجية تُنهي عُزلتها، وللتذكير فإن الإمارات كانت سباقة في هذا الإطار، وقامت بخطوات سياسية مهمة منذ عام 2018، عندما أعادت إفتتاح سفارتها في دمشق، وبمقتضى الخطوة الإماراتية حينها، بات واضحاً أنه ثمة نوايا عربية خليجية لوضع حدّ للأزمة السورية، نتيجة لذلك، لم تكن الكارثة الطبيعية التي أصابت الجغرافية السورية في شباط الماضي، إلا بوابة إنسانية تنساب عبرها غالبية الدول العربية، وعملت على تفعيل خطوات سياسية اكثر أهمية تُجاه الدولة السورية.
مع إعادة تفعيل الخطوات السياسية تُجاه دمشق، كان متوقعاً أن تُعارض الإدارة الأمريكية تلك الخطوات، تُشاركها في ذلك الدول الاوروبية، إذ بدا واضحاً وفق المنظور العربي والخليجي، أن تجميد الملف السوري أمريكياً وغربياً، لا يُراعي مصالح سورية والسوريين، وإنما جُل التحركات تُجاه سورية، تنطلق وفق مقتضيات المصالح الأمريكية والغربية في سورية وعموم المنطقة، إلا أن غالبية القوى الإقليمية في المنطقة، باتت أمام واقع ومسؤوليات جديدة، لا يُمكن بأي حال من الأحوال، تجاهلها أو التغاضي عنها، حيث أن إستمرار الأزمة في سورية، أفرز وقائع إنسانية واقتصادية مؤلمة، فضلاً عن بلدٍ مُدمر، وفقر وعوز يطال غالبية السوريين.
واقع الحال يؤكد أن السوريين وحتى هذه اللحظة، ليسوا على قلب رجل واحد، فالبعض لا يزال يُحمّل الدولة مسؤولية كل التطورات في سورية، وهم بذات التوقيت، لا زالوا غير قادرين على ما يُمكن تسميته بـ فتح صفحة جديدة، تلتئم بموجبها كل الجراح، وهؤلاء من أكثر الغاضبين جراء القرار العربي بعودة سورية إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة العربية في جدة، وهؤلاء أنفسهم يرفعون شعار محاسبة الدولة السورية، وكذا مقاطعتها، وفي مقابل هؤلاء، ثمة سوريين في الداخل والخارج، يطالبون بإنهاء الحرب، وإيجاد جُملة من الحلول السياسية والإقتصادية، والبدء بمرحلة جديدة، عنوانها إعادة الإعمار، والشروع بمسار سياسي يوازيه مسار اقتصادي. وبين هذا وذاك، ثمة حقيقة تؤكد أن إستمرار الحرب بعناوينها الضاغطة على السوريين، سيُبقى الجميع ضمن دائرة مغلقة، بات من الضروري الخروج منها.
ضمن ما سبق، ثمة تساؤل يتعلق بما بعد عودة سورية إلى شُغل مقعدها في الجامعة العربية، وذلك ليس على قاعدة إنتصار الدولة السورية من عدمه، بل كيف سيكون شكل ومضمون هذه العودة، وما هي تطنيمات دمشق للسوريين؟، وهل ثمة حلول لدى الدولة السورية، تُنهي معاناة السوريين؟؛ في هذا الإطار، فإن غالبية السوريين ينتظرون ما سيقوله الرئيس الأسد، في كلمته أمام القادة العرب في القمة العربية، وبذات الإطار أيضاً فإن الواقع السوري بعناوينه الحالية، تحكمه تحديات داخلية وخارجية. أما الداخلية فـ تتعلق بأوضاع السوريين المعيشية، ومحاسبة الفاسدين، وعودة اللاجئين ضمن ظروف جديدة وواقع جديد؛ أما التحديات الخارجية فلا يُمكن إنكار صعوبتها، كما أن التفاوض حيالها سيتطلب جهداً طويلاً، لا سيما القوانين الأمريكية، والتي كان أخرها، القرار الأمريكي المُتعلق بمنع إعادة التطبيع مع الدولة السورية، ومنع تعويمها إقليمياً ودولياً، لكن ورغم ذلك، تبقى التحديات الداخلية، هي الأكثر أهمية وأولوية.
حقيقةً وواقعاً، إن الورقة الأهم في الملف السوري، تتمثل بـ عودة سورية إلى مُحيطها العربي، وبالتوازي دخول العرب على خط حلحلة جُزئيات الأزمة السورية، وأن يكونوا جُزءاً من الحل، بعد أن تقاذفت قوى إقليمية ودولية، أوراق الملف السوري وبعثرة أوراقه، خاصة أن تلك القوى قد لا ترتضي فكرة إنهاء الحرب، واحتواء العرب لـ سورية، ليكون الواقع الجديد المُنتظر ضمن تساؤل جوهري، متى سينعم السوريين بالإستقرار السياسي والإقتصادي؟.