- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
يلمان زين العابدين اوغلو يكتب: الخاقان ودبلوماسية المخابرات التركية
يلمان زين العابدين اوغلو يكتب: الخاقان ودبلوماسية المخابرات التركية
- 12 يونيو 2023, 11:23:18 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قبل الخوض في صميم الموضوع وصلبه قد يتبادر الى ذهن القارئ السؤال التالي ماهو المغزى الحقيقي لعنوان هذا المقال ؟ وللتوضيح والتعمق في حيثيات المقال لابد من جلب انتباه القارئ الى كلمة (الخاقان) التي لها صلة وثيقة مع ما نذهب اليه من تحليل شخصية الخاقان الحالي في تركيا وما علاقته مع الشؤون العسكرية والاستخباراتية والدبلوماسية .
الخاقان في التاريخ التركي هو عنوان لكل ملك من ملوك الترك وكان الخاقان يمتاز بالذكاء والدهاء والبراعة والذي انيطت به مهمة قيادة البلاد بالاضافة الى حكمته بالامور العسكرية .حيث كانت الامارة تسمى بالخاقانية. ظهرت السلالات التركية الخاقانية اعتبارا من خاقانية (الهون) في القرن الثالث ق.م وحتى الامبراطورية العثمانية في القرن العشرين .
وكان الخاقان التركي يدير الشؤون السياسية للبلاد بالاضافة الى الشؤون العسكرية والاقتصادية والذي كان يمتاز بعلمه الواسع في القيادة العسكرية .انه كان قائدا عسكريا وسياسيا بارعا
.ونحن هنا لسنا بصدد السرد التاريخي للامة التركية بل لتسليط الضوء على تسمية خاقان ومميزاته التي تنطبق على الشخصية البارزه في الجمهورية التركية الحديثة والذي ارتقى مناصب حساسة الى ان اعتلى على منبر الخارجية التركية الان .الا وهو خاقان فيدان .اذن (هو اسم على مسمى ).
فمن هو خاقان فيدان ؟قبل سرد بعض من الجوانب من سيرته الذاتية نستطيع ان نصف خاقان فيدان بهذه العبارات ، النجم الساطع في السياسة العالمية ،وهو امين صندوق لاسرار تركيا رجل مخابرات الاول ، اكاديمي وباحث معروف . ولد خاقان فيدان في سنة ١٩٦٨ ، تخرج من مدرسة القوات البرية (مدرسة المشاة )قسم المخابرة والاتصالات وقسم اللغات في سنة ١٩٨٦ حيث خدم في القوات المسلحة التركية لمدة ١٥ عاما برتبة ظابط صف ( نائب ضابط) وفي سنة ٢٠٠١ وبقرار ذاتي منه قدم خاقان فيدان استقالته من القوات المسلحة التركية لاسباب غير معروفه .لم ينقطع خاقان فيدان عن التحصيل الاكاديمي بل حرص على توسيعه وزيادته حيث التحق بجامعة ماريلاند الامريكية ودرس العلوم الادارية والسياسية وحصل على درجة بكالوريوس كما حصل على شهادة الماجستير باطروحته الموسومة ( دور الاستخبارات في السياسة الخارجية ) من جامعة بيلكنت وفي سنة ٢٠٠٦ حصل على شهادة الدكتوراه في العلاقات الدولية من نفس الجامعة.وشغل خاقان فيدان عضوية مجلس ادارة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فينا وعضوية المجلس الاستشاري لبرنامج الامم المتحده الائنمائي وعضوية مجلس امناء جامعة احمد يسوي التركي -الكازاخي .ثم عمل استاذا في جامعة هاجة تبه وجامعة بيلكنت. و عمل في مقر فيلق الجيش التابع لمنظمة (الناتو) ضمن الرد السريع في المانيا .
وضمن مناصبه الدبلوماسية عمل مستشارا في السفارة التركية في استراليا .وفي سنة ٢٠٠٣ شغل فيدان رئيس وكالة التعاون والتنميةا التركي TIKAوفي سنة ٢٠٠٧ عمل مساعد مستشار في رئاسة الوزراء وفي ١٥ نيسان عام ٢٠١٠ اصبح فيدان رئيس جهاز المخابرات الوطنيه للجمهورية التركية والذي يعتبر العمود الفقري للدولة التركية .وفي ٣ حزيران ٢٠٢٣ وبمرسوم جمهوري تولى خاقان فيدان حقيبة وزارة الخارجية التركية .لقد ساهمت المناصب السابقة التي تولاها خاقان فيدان في تكوين خبرة واسعة لديه في القضايا السياسية الخارجية متأصلة بالتجربة والاحتكاك والاتصالات الدولية مما اهله للارتقاء الى اعلى درجات العمل الامني عبر توليه رئاسة جهاز المخابرات .منذ عام ٢٠١٨ باشر خاقان فيدان بتنظيم ملفات السياسة الخارجية التركية وهي ملفات ضخمة وذات صفحات معقدة والتي تضم ملفات سياسة الشرق الاوسط الشائكة والحرب الروسية الاوكرانية والعلاقات التركية السورية والعلاقات التركية المصرية والعلاقات التركية الليبية والعلاقات التركية العراقية حيث ان هذه الملفات جميعها تحتاج الى تحليل البيانات والمعلومات وذلك لاكتساب رؤية واضحة وفهم اعمق لمضامينها وتقدم هذه التحليلات رؤى تفصيلية حول كل ملف من الملفات السياسة الخارجية التركية . وللتعمق وفهم مضامين هذه الملفات نسلط الضوء على الملف العراقي الحالي .بما ان نظام الحكم والعملية السياسية في العراق مبنية على المحاصصة الطائفية والسياسية في توزيع الرئاسات الثلاث وهي رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ورئاسة البرلمان لذلك فان هذا الملف العراقي الحالي يتكون من الملحقات وهي:
١-ملحق الشيعة
٢-ملحق السنة
٣-ملحق الاكراد
٤-ملحق التركمان
٥-ملحق الامن ويضم هذا الملحق محاربة منظمة pkk الارهابية المتواجدة على الاراضي العراقية ومنظمة Feto الارهابية المتمثلة بمدارسها ومؤسساتها الثقافية في الاراضي العراقيةوهي ما زالت تتنفس في بعض المدن العراقية
٦- ملحق الاقتصاد والتجارة ويضم التبادل التجاري بين البلدين ومسالة المياه الواصلة من تركيا
ولذلك فان تحليل هذا الملف يحتاج الى فريق عمل مختص بالشؤون السياسية والامنية والاقتصادية . وفي نهاية ٢٠١٨ بدأت العمليات العسكرية التركية لتفكيك ومكافحة عناصر منظمة pkk. الارهابية .
وشملت هذه العمليات العسكرية بشن الهجمات الجوية ضد معاقل PKK في منطقة سنجار وجبل سنجار ومنطقة سنونو وكوجو التابعة لقضاء سنجار التابعة لمحافظة نينوى وخلال هذه العمليات العسكرية تم تحديد المقرات الاستخباراتية للمنظمة الارهابية وساحات التدريب كما امتدت هذه العمليات الى داخل المدن في شمال العراق ومتابعة تواجد عناصر المنظمة الارهابية .ومن جانب اخر عقد فيدان اجتماعات مع بعض المسؤولين العراقيين ورؤساء بعض الكتل السياسية في بغداد واربيل .
وفي الشان السوري عقد خاقان فيدان عدة اجتماعات مع الهيئات الامنية السورية وذلك للحفاظ على امن الجمهورية التركية .كما حافظت تركيا على التوازن في الحرب الروس الاوكرانية وفي الشان المصري فان اعادة العلاقات التركية المصرية انجاز مهم في اطار السياسة الخارجية التركية .
وبهذه المنهجية والتنظيمية جمع خاقان فيدان في حقيبته الشؤون العسكرية والشؤون السياسية والاستخباراتية والدبلوماسية التي اهلته لقيادة السياسه الخارجية للبلاد .ان الصحافة الغربية والامريكية لم تغض النظر في تحليل شخصية فيدان واساليبه الاستخباراتية والدبلوماسية حيث نشرت مجلة فوربس الامريكيه والتابعة لشركة نشر ووسائل الاعلام فوربس الامريكية بتاريخ ٤ حزيران ٢٠٢٣ تحليلا فكريا وسياسيا حول الشخصية المميزة لخاقان فيدان وانجازاته الاستخباراتية تحت عنوان خاقان فيدان مدير المخابرات التركي اعتلى الدبلوماسية قمت بترجمته الى اللغة العربية( انا شخصيا ) بتفيد لغوي وجاء فيه :-
م تعيين خاقان فيدان الرئيس السابق للمخابرات وزيرا للخارجية في البلاد .ان هذا التحول والتغير ليس مجرد تعديل بيروقراطي وانما دعوة واضحة لاصحاب الشان في دول العالم ابتداء من الولايات المتحدة الامريكية الى اوروبا ومن روسيا الى بلدان الشرق الاوسط التي تبلورت بالسياسات الشائكة معلنا عن ما يملك خاقان فيدان من القدرة والاهلية التي اهلته للارتقاء حيث كانت حقيبته المخابراتية لسنوات طويله تؤهل مشاركته في الشؤون الدولية بما ابرزته كشخصية مهمه في المشهد السياسي في البلاد.والان امامه فرصة محورية لترك بصمة لا تمحى على المسرح السياسي العالمي حيث ان توليه للحقيبة الخارجية بمثابة قيام خاقان فيدان بتدوين اسمه على الاوراق السياسية العالمية مؤيدا العمليات التي بدأها لسد الفجوه بين جمع الملفات الاستخباراتية وترسيم منهجية السياسة الخارجية .لكي نكون واضحين ، فان التغير في وزارة الخارجية ليس مجرد انتقال من اتباع الاجراءات المعمول بها الى صياغة فكر سياسي جديد بل ان فيدان كان بالفعل احد اهم الفاعلين في السياسة الخارجية في تركيا .
(مثلما ذكرت أنفا بان خاقان فيدان قد رعى السياسة الخارجية التركية وحمل حقيبة الخارجية منذ ٢٠١٨).
وفي محور التصور الدولي لفيدان تابعت مجلة فوربس في مقالها التحليلي هذا بان رؤوساء الدول وكبار ضباط المخابرات والسياسيين الوزراء من جميع انحاء العالم الذين عملوا او انخرطوا في العمل مع فيدان عبر مساراتهم في دول مختلفة من باكستان الى الشرق الاوسط واوروبا والولايات المتحدة الامريكية قد ادركوا ذكاء فيدان وعبقريته وبراعته الاستراتيجية حتى ان البعض قد اشار اليه على انه (دكتور. فيدان)، برز نجم فيدان الساطع بفضل اتصالاته الواسعة كمصمم اساسي للمشروع الاستراتيجي لتركيا الجديدة عبر عالم السياسة العالمية المعقدة .
لذلك فان تقدمه وقطعه اشواط طويلة ما هي الا اثبات لقدراته المعترف بها عالميا .ان تولي خاقان فيدان حقيبة الخارجية يؤيد و يوكد بان الرئيس اردوغان يريد وزيرا ذو خبرة واسعة لقيادة السياسة الخارجية لتركيا وسط تصاعد الحرب الروسية الاوكرانية والتقارب المعقد في الشرق الاوسط (التقارب التركي - السوري ).
ان اندماج الخبرات الدبلوماسية والسياسية والعسكرية في وزارة الخارجية التركية ودورها المحوري في توجيه سياسة البلاد لاتمنحهم هذه الثروة من الخبره ميزه تنافسية مع الغرب فحسب بل تبرز اوجه الضعف والعجز في الدول الغربية في رسم سياستها الخارجية .
حيث يبدو بان النهج المتماسك للسياسة الخارجية يتركز الى حد كبير في مجال وكالات الاستخبارات التي تجمع المعلومات من الخارجية ووزارة الدفاع .واكدت مجلة فوربس الامريكية في مقالها بان نجاح خاقان فيدان كوزير للخارجية يعتمد على قدرته لموازنة مصالح تركيا مع مصالح جيرانها وحلفائها .كما ان فيدان سيحتاج الى ادارة حكيمة في السياسة الداخلية المعقدة للبلاد .
ترك فيدان بصماته على مختلف التضاريس من الشرق الاوسط الى اوروبا ومن افريقيا الى روسيا .حيث جمع الافكار ووسع نفوذه .ان تولي فيدان حقيبة الخارجيةهي نقطة التحول المهمة في السياسه الخارجية التركية وكرئيس للمخابرات سافر فيدان على نطاق واسع عبر الشرق الاوسط واوروبا وافريقيا وروسيا وقد اكتسب مزيد من البصيره والخبرة والاتصالات .بصفته وزيرا للخارجية يمكن تحقيق سجله الحافل وخبرته بشكل كامل .
مع ما يترتب على ذلك من اثار على جميع جوانب السياسة الخارجية التركية من الصراع الروسي الاوكراني الى مشاكل المستمره بين الولايات المتحده الامريكية والصين .وفي السياسة الخارجية المتطورة للدولة .دخلت تركيا فصلا جديدا في عهد فيدان ومن المحتمل ان تمثل تحديا للاصدقاء والاعداء .