هادي جلو مرعي يكتب: وحدة الموقف العراقي من التطورات السورية

profile
هادي جلو مرعي مرعي باحث وكاتب صحفي عراقي
  • clock 12 مارس 2025, 4:30:25 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

مثلت مرحلة مابعد الأسد في سوريا برغم حداثتها تجربة صعبة ومعقدة لدول المنطقة جميعها، وعكست توجهات ومواقف متباينة، وتكاد تكون عدائية في بعض الأحيان، وجسدت طبيعة الأوضاع في الإقليم برمته الذي يضم دولا عربية وإقليمية لديها مصالح ورؤى تلتقي في مواضع، وتفترق في أخرى نتيجة للتشابك العرقي والديني، وتنوع الأطياف السياسية والطائفية كذلك، خاصة بعد إنكفاء مشاريع، وظهور أخرى لاتلتقي والمشاريع المنكفأة، دون إغفال الوجود الإسرائيلي، ومحاولته إستثمار كل فرصة متاحة لإحداث الفرقة بين المكونات، ودفعها نحو المواجهة وزرع بذور الفتنة، ووجود دول عربية لديها حسابات دقيقة كمصر والإمارات والسعودية، وأيضا رفض إيران وقوى حليفة لها التسليم بالأمر، وقبوله كما هو، وتباين مواقف قوى عراقية عدة.


    مارست الحكومة العراقية براغماتية عالية في التعامل مع التطورات في دمشق، وبعد مغادرة الأسد الى موسكو كان واضحا إن بغداد تواجه تحديات صعبة، سواء تلك المتعلقة بنوع التغيير، وأثره على العراق والمنطقة، أو إصطدام الموقفين التركي والإيراني، وطبيعة العلاقة المعقدة التي تدفع بغداد للتفكير بموقف متوازن توخيا للحذر من ردة الفعل الإيرانية فيما لو أيدت التغيير بالكامل، أو مواجهته بالرفض، ومواجهة موقف تركي قطري قد يحرج بغداد أكثر.. فالمصالح بين بغداد والدوحة وطهران وأنقرة متشابكة، وتحتاج الى حنكة سياسية، وهدوءا كبيرين، ورشح حينها إن رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر لعب دورا إيجابيا في تقريب وجهات النظر بين العواصم تلك لقربه من صانع القرار في بغداد، وصانعي القرار في العواصم الآنفة ماأسهم بفتح قنوات تواصل أثمرت عن زيارة لمسؤول عراقي رفيع لدمشق، ولقائه رئيس المرحلة الإنتقالية أحمد الشرع.


   الحكومة العراقية أدركت حجم وطبيعة المتغيرات، وضرورة إتخاذ مواقف على قدر عالي من الهدوء والتركيز خاصة بعد دخول دول عربية كالأردن ومصر والسعودية والإمارات على الخط، وصاحب ذلك مواقف متعددة من الولايات المتحدة والدول الأوربية، وكانت المواقف العراقية غاية في الدقة والحذر، ويمكن القول: أن رؤية قوى سياسية وزعامات كالشيخ الخنجر تماهت  مع موقف التي إجتهدت في تجنيب العراق أي تأثيرات غير محمودة العواقب وتواصلت مع دول في المنطقة وحكومات مع جعل فرص التهدئة والتواصل أكبر، وقد بدا واضحا إن الجميع يرفض إنجرار سوريا الى العنف والصدام بين المكونات كالعلويين والسنة والدروز والكورد والمسيحيين،  ومكونات فكرية وعقائدية وقومية حتى وإن بدت قليلة العدد، ومحدودة التأثير  وهو مادفع قوى سياسية عراقية، ومعها الحكومة التركيز على مصلحة الدولة العراقية، ودعم فكرة المحاسبة، ومعاقبة من يتجاوز على الأبرياء خاصة بعد أحداث الساحل.


    في هذه المرحلة يجب منع أي محاولة لتشتيت الموقف الرسمي العراقي، وتوحيد المواقف التي تنسجم مع رؤية الدولة والحكومة العراقية، وتراعي مصالح البلاد العليا، فكل المواقف التي صدرت من الحكومة ووزارة الخارجية ورئيس تحالف السيادة تصب في صالح وحدة الأراضي السورية، وتأسيس دولة المواطنة، واعتماد الديمقراطية، وحقوق الإنسان، والحكم العادل الرشيد دون تمييز، وتحقيق ذلك إنما سيكون في صالح العراق المجاور الأقرب إلى سوريا، والذي تربطه بها علاقات ثقافية وقومية ودينية ومنذ زمن بعيد.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)