- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
مجدي الحداد يكتب: كيف توصلت روسيا ، أو الاتحاد السوفيتي السابق ، إلى صنع السلاح النووي ، والقنبلة النووية ؟
مجدي الحداد يكتب: كيف توصلت روسيا ، أو الاتحاد السوفيتي السابق ، إلى صنع السلاح النووي ، والقنبلة النووية ؟
- 22 يوليو 2023, 5:42:09 ص
- 473
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قد لا يتصور أحد أن من سرب سر السلاح النووي للسوفيت هي الولايات المتحدة ذاتها !
وكيف ، ولم ّ ذلك ؟
الولايات المتحدة ــ والنظام الرأسمالي ، أو " النيوليبرالي " ــ لا يقوم عموما ، ولا ينشط عادة ، إلا في تصور وجود خصم قوي ينافسه في كل شيء ، حتى ولو وصل الأمر إلى تقاسم النفوذ الدولي والاقتصادي معه حول العالم ، وحتى في الفضاء الخارجي إن أمكن .
وإن لم يكن هذا الخصم موجود لتم اختراعه اختراعا لشحذ الهمم والتنافس ، وذلك بتوهم الحفاظ على الوجود أو النوع الإنساني من هذا الخصم البربري ، والذي لا يقيم للحياة والوجود الإنساني وزنا - ومن وجهة النظر الأمريكية طبعا .
وقد قيل هذا في الاتحاد السوفيتي السابق ، وقيل بعدئذ عما كان يسمى بالتطرف الإسلامي ، أو العالم الإسلامي بصفة عامة - وهذا ماسوف نعود إليه لاحقا - وعندما أعلنها صراحة جورج بوش الأبن - قاصدا بذلك اصطناع عدو أخر ، وخطر داهم على الغرب ، يتمثل هذه المرة في الأسلام ، و المسلمين ، بغرض مصادرة ثروات وشعوب العرب خاصة ، وذلك بعد زوال العدو السابق وتهديداته ، والذي كان متمثلا في الاتحادالسوفيتي السابق '. فظهر إذن مصطلح ؛ " الإسلام فوبيا " ، و تحديدا بعد أن قال ــ كذبا وزورا وبهتانا بطبيعة الحال ــ بوش الابن ــ لعنة الله عليه ــ معلنا شراراة بدء تلك الحرب قائلا ، ما مفاده : " انهم يريدون أن يغيروا طريقة معيشتنا ، وثقافتنا الخاصة التي قامت عليها حضارتنا ، ولا بد إذن من شن حملة صليبية جديدة عليهم " .
ولمّ لم يعد وجودا للاتحاد السوفيتي السابق ، ولا تأثير يذكر لما يسمى بالعالم الإسلامي ، فظهر العالم الصيني ، أو العدو الصيني ، وهكذا دواليك ، من خلق ، أو اختلاق عدو وهمي ، على مسار التاريخ الرأسمالي ، أو النيوليبرالي ، يكون الغرض النهائي منه هو استنزاف هذا العدو الوهمي وإضعافه لأقصى حد ، حتى يمكن إخضاعه تماما لرغبة وشرط النيوليبرالية الجديدة . ما يعني مسخ وجوده المادي والمعنوي والتاريخي والثقافي ، وكما هو حادث الآن في منطقتنا العربية ، وغير بعيدا منها عالمنا الإسلامي .
وعودا على بدأ ، فكان في فترة الأربعينات ، أنسب عدو ، أو منافس للنيوليبرالية الغربية ، هو الاتحاد السوفيتي السابق ، وكان الغرض الأساسي من تسريب سر السلاح النووي إليه ــ و من خلال شياطين الإنس في المخاربات الأمريكة ال CIA ، ووكلائها داخل كل ولاية من الولايات المتحدة ذاتها ، وعبر العالم ــ هو استزاف الاتحاد السوفيتي السابق إلى أقصى حد ممكن ، و بعد جره أيضا إلى سباق مضني في التسلح ، و حتى إلى ما أسماه ريجان بعدئذ بحرب النجوم . وقد نجحت الولايات المتحدة في ذلك بالفعل أيما نجاح ، إذ أثر سباق التسلح تأثيرا ضارا جدا بالاقتصاد السوفيتي ، ومن ثم على المواطن السوفيتي ذاته ، وعلى الرغم من غنى أرضي الاتحاد السوفيتي النسبي بالموادر الطبيعية ، وحتى النادرة منها .
ولكن ذلك قد أسهم ايضا ، ومن ناحية أخرى ، في إفساد البيئة إلى الأبد ، وبشكل لم يعد من الممكن الآن إصلاح ما أفسده ذلك السباق ، والذي كان يتضمن أيضا تجارب نووية في مختلف بقاع الأرض ، وحتى في أعالي البحار والمحيطات . وكان ذلك السباق العبثي من التسلح في حقيقة الأمر من أكبر الأسباب الاقتصادية السياسية التراكمية ، والتي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفيتي السابق .
إذن ما قيل عن وجود علماء أمريكان ، كثيودور هول ، وكلاوس فوكس ، من انهم ممن سربوا سر السلاح النووي الأمريكي للاتحاد السوفيتي ، فكان ذلك مقصودا بالفعل ، ولكن تحت أعين وبصر وتحكم وسيطرة ــ ومن ثم موافقة ــ أجهزة الاستخبارات الأمريكية ، بدليل أن الأول عاش حتى ال 70 عاما وتوفي عام 1995 ، و لم يتم القبص عليه ، أو اعتقاله ، على الرغم من أن المباحث الفيدرالية قد رصدت اتصالاته مع السوفيت - وفقا لما قيل بعدئذ - كما داهمت منزله وقيل انها لم تجد شيء يدينه . وذلك على الرغم أيضا من إعدام سيدة أمريكة بعدئذ قيل انها زودت الروس برسومات للسلاح النووي ، و أحد المفايل النووية ــ و وربما كان ذلك فقط من أجل سبك وحبك رواية التجسس التي هيأها من أولها لأخرها غالبا ال CIA ، وحتى لا يتسرب أي شك تجاه السوفيت بأن الولايات المتحدة هي من جرتهم جرا لسباق التسلح وورطتهم بعدئذ فيما سمي بالحرب الباردة . والتي لم تنتهي في حقيقة الأمر إلا بعد انتهاء الاتحاد السوفبتي عمليا ، و موته " إكلينكيا ".
و من المفارقات ان الولايات المتحدة هي من أمدت الصين الشعبية بكل أسباب التكتولوجيا - و خاصة الحربية منها ، وتحت إشراف من صار وزيرا للدفاع في الولايات المتحدة بعدئذ ، و هو وليام بيري . وذلك لتعزيز خصوماتها مع الاتحاد السوفيتي السابق ، والتي كان يمكن أن تتطور ، وفي أي وقت سابق ، إلى نزاع مسلح على الحدود . كما لم يكن من المستبعد كذلك بتزويدها حتى بأسرار السلاح النووي ذاته ، وحيث سيكون وصوله إلى موسكو من الصين أسرع ، وأقرب، وربما أجدى أيضا ، من وصوله من واشنطن ، أو أي قاعدة عسكرية أمريكية أخرى في العالم .
وربما ما طمأن الولايات المتحدة تجاه الصين هو إعلان الأخيرة بأن ثورتها أو نظامها السياسي و الاقتصادي غير قابل للتصدير خارج حدود الصين ، أو ربما حتى خارج حدود سور الصين العظيم . وذلك على العكس تماما من الاتحاد السوفبتي السابق الذي ما فتأ يعلن ويبشر بنشر الاشتراكية أو الشيوعية - و كما بشر بها ماركس - في كل بقاع العالم من أقصاه إلى أقصاه .
وهكذا إذن ، وبعد أن صارت الصين عملاقا اقتصاديا قويا ، ولعب بنفس شروط اللعبة ، و المتعلقة حتى بالنيو ليبرلية اقتصادية ، فمع ذلك قد صارت هي العدو الوجودي الآن للولايات المتحدة - و حلفائها بالتبعية - أو العدو الوجودي الثالث الذي لا بد من وجوده ، وذلك بعد القضاء على العدو الأول ، والمتمثل في الاتحاد السوفيتي السابق ، كما تم القضاء على الثاني ، و إخضاعه تماما ، و المتمثل في العالم الإسلامي - والعربي بالتبعية .