مجدي الحداد يكتب : إجتماع الأضداد

profile
مجدي الحداد كاتب ومحلل سياسي
  • clock 21 يوليو 2021, 2:19:35 م
  • eye 1639
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لا يوجد في العالم ، كما لم نسمع في التاريخ ، أن حاكما ، كانت كل قرارته وسياساته وحتى قوانينه ، ومنذ أن تولى الحكم ، و بضؤ أخضر من كفيله ،  عدوانية ومعادية تماما لشعبه و رغباته وطموحه في حياة حرة آمنة كريمة مستقرة عادلة رحيمة نظيفة ، كسائر شعوب العالم المتمدن وحتى غير المتمدن ..! 

لا يوجد أذن ، "وأتحدى" ، قانون أو مرسوم ، أو حتى لائحة ، أو حتى سياسة واحدة فقط ؛ كانت في صالح هذا الشعب ومنذ أن تولى وحتى الآن ..! 

وكأنه جاء وتولى ، ما تولى ، لينتقم من هذا البلد وهذا الشعب ، وكأن هناك " تار بايت " بيننا وبينه ؛ يا أخي ده لو الاستعمار هو الذي كان يحكم البلاد لربما كان أرحم وأكثر عقلا وتعقلا وعقلانية ، و حرصا و رأفة بحالنا منك ، وحتى "باراجماتية" منحازة للبلاد وشعبها ؛ " ما يصحش كدا ..!"

والأنكى من ذلك إنه لم يشغله شيء ، ولم يقلقه شيء ولم يهتم بشيء ، ومنذ أن تولى ، أكثر من اهتمامه وحرصه في البقاء في الحكم و الحفاظ على كرسيه ، ومحاولة توريثه لأحد أبناءه ، حتى ولو اضطره ذلك إلى التنازل عن حتى أكثر من نصف البلاد وهلاك أكثر من نصف العباد - اللى هما الشعب يعني ..!

وهو في سبيله إلى الحفاظ على هذا الكرسي اللعين ، لم يهتم سوى بطوائف وظيفية وجهوية ثلاث - وهي معلومة للجميع بالضرورة ؛ ولكن لا نعدم منها عناصر وربما قطاعات واسعة واعية وطنية حريصة كغيرها من أبناء هذا الشعب على وحدة البلاد و عدم التفريط في مصالحها وإهدار ثرواتها واحترام وتقدير وحتى حب شعبها وليس كره وبغضه والانتقام منه ومن دون أي داع أو مبرر حقيقي ، و حيث تحمل هذا الشعب ، و طوال تاريخه ؛ ذل وهوان وتسلط حكامه ورزائلهم ؛ هم وعيالهم ؛  و استنزافهم جميعا ونهبهم له ، فضلا عن بغيهم وظلمهم وتجبرهم  أيضا جميعا عليه - وبجانب هذه الجهات الثلاث السابقة الذكر ، سيطر وأمم - أو بالأحرى خرب وجرف - الإعلام ؛ لا لكي يطوره ليساير حركة وتطور المجتمع و العالم من حولنا  ، ويكون ، من ثم ، مرآة صادقة تعكس طموحاته ورغباته في التنمية ، والنمو الحقيقي - و سواء كان أفقيا أو رأسيا - وأداة حقيقية منسجمة ومتوافقه مع دورها الحقيقي في التنوير وليس التضليل . ولكن ، وباختصار ، فما حدث هو العكس تماما من  المأمول والمتوقع من جهاز سير وصار على نحو ونهج معادي لمجتمعه أيضا ؛ قولا واحدا .فلقد حرفه هو كذلك عن دوره الرئيسي ، واستخدمه ، وبكل أسف ، وكما هو واضح لكل مراقب ؛ أداة وظيفية طيعة ، وأيضا وسيلة رئيسية من وسائل التضليل والتخدير لا التنوير  والتحذير ، والتي لا تكل ولا تمل على مدار الساعة ، ومن بث سمومها وأوبئتها الهالكة والمهلكة ؛ آناء الليل وأطراف النهار ..!

ومن ينظر إلى حال البلاد والعباد الآن ، وأينما ولى وجهه ؛ سيصدمه الغلاء والكساد في كل مكان ، و الذي قد عم كل شيء تقريبا . وتلك لعمري ظاهرة نادرة حتى في عالم الاقتصاد . وحيث يفترض في حالة الركود الاقتصادي أن تهبط الأسعار لتشجيع الناس على الشراء ، وذلك وفقا حتى لقوانين و آلية و"ميكانزم" قوانين اقتصاد السوق . أما أن ترتفع الأسعار وحركة البيع والشراء ، أو  بالأحرى الشراء تكاد تكون منعدمة ؛ ما يعنى اجتماع الأضداد ؛  الكساد و الغلاء - ومظاهرهما و أعراضهما الواضحة كثيرة ومتعددة ، ولعل أبرزها الشلل الإقتصادي والإستثماري غير المسبوقين ، و الذين تعيشهما البلاد الآن ، ربما جراء فرض مزيد من القرارات والقوانين العشوائية العدوانية التي لا تستهدف إلا جيب المواطن واستنزاف المستثمر على حد سواء ، كالشهر العقاري ، والتصالح ، وارتفاع أسعار الرسوم والخدمات - مع عدم حصولك حتى على الخدمة المرغوبة ، وفي حالة الحصول عليها لا تكون غالبا بالجودة المتوقعة أوالمأمولة منها ، من جهة ، والتوسع في بناء المدن والقصور والاستراحات و" الكمبوندات " ، والعواصم الأدارية على حساب المصانع التي تنتج وتشغل وتعلم وتصدر ، وتدور  بل وتخلق العمل والعملة الصعبة ؛ والأهم من ذلك أن يشمل أنتاجها ، وفي المجمل غطاءا ، آمنا ألى حد ما ومقبولا ، في طبع مزيد من العملات - أما أن تلجأ إلى طبع مزيد من العملة " كدا عمال على بطال " ، وبدون أي غطاء ، فتلك آية و علامة ومؤشر أخر - ضمن مؤشرات أخرى - خطير جدا حتى على المدى المتوسط ..!

أقول لك وبكل أمانة وضمير ، ومن أجل حاضر ومستقبل ما بقي حيا وصالحا في هذا البلد من بشر وحجر ؛ كفاية قوى لحد كدا ، فلقد حان ، بل استحق ميعاد ووقت رحيلك . 

فإذا كنت تحمل حقيقة وودا وحبا وتقديرا ودينا في عنقك لهذا البلد فأرجوك أن ترحل .

ويمكن أن نلتمس لك خروجا آمنا على غرار المشير طنطاوي - منه لله ، وله أو عليه ما يستحقه من الخالق الباري سبحانه وتعال - ومجلسه العسكري .

التعليقات (0)