فؤاد بكر يكتب: الشرق الاوسط الجديد تشيرنوبل اسرائيلي

profile
فؤاد بكر رئيس الدائرة القانونية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
  • clock 5 يناير 2025, 3:34:52 م
  • eye 180
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

انفجرت محطة الطاقة النووية "تشيرنوبل" في أوكرانيا عام 1986، التي كانت جزءا من الاتحاد السوفياتي، وتعد من أخطر الكوارث النووية، اذ انفجرت أثناء اختبار أمني تضمن بعض الاخطاء البشرية، ولاتزال اثاره الشعاعية تهدد المستقبل البيئي الى اليوم، رغم انشاء قبة احتواء جديدة بنيت عام 2016 لمنع تسرب الشعاع. 


وبينما يدور نقاش داخلي إسرائيلي بشأن الحلول المستقبلية في قطاع غزة، فهو ليس الا تشيرنوبل جديد بالنسبة لإسرائيل، نتيجة تمسك اسرائيل بموقفها لجهة الاستكمال في حصار قطاع غزة، والاستمرار في احتلالها للاراضي الفلسطينية المحتلة، حيث انها تطرح مشاريع تزيد يوما بعد يوم في تعقيداتها وقيودها وتشددها، رغم المفاوضات التي يفشلها نتنياهو ومن حوله بدعم من الولايات المتحدة الاميركية وبعض الدول الاوروبية، وهذا ما يشكل مستقبلا انفجارا جديدا، غير واضح المعالم وتحديدا في الشرق الاوسط، بعد ان وسعت اسرائيل احتلالها في الاراضي السورية واحتلت جبل الشيخ واجزاء من القنيطرة، وتمددها في الجنوب اللبناني، ورغبتها بضم الضفة الغربية وتهجير الفلسطينيين. 


ولعل أبرز الخطط الاسرائيلية في قطاع غزة والتي تطرح في النقاشات الداخلية الاسرائيلية، هي حُكم مدني برعاية إسرائيل، والمقصود إقامة 4 مراكز لوجستية على شاطىء القطاع، يجري من خلالها توزيع المساعدات الإنسانية بواسطة مقاولين مدنيين، برقابة من الجيش الإسرائيلي. كما سيجري في اطار الخطة فحص فكرة أن تقام في جباليا، وفي بلدات شمال القطاع، "تجمعات مغلقة" مراقبة، يُسمح للمدنيين الفلسطينيين بالعودة إليها مستقبلاً، مع ابقاء اقامتهم بالخيام، نظراً إلى عدم وجود مبانٍ صالحة للسكن، وسيطرة الجيش الإسرائيلي على الدخول والخروج من هذه المناطق. أمّا بالنسبة إلى جنوب القطاع، فهناك خطة اسرائيلية لدمج سكان محليين في الحكم من المتورطين جنائياً كما تسميهم اسرائيل، ويجري البحث في ضمّهم إلى الإدارة، اضافة الى السلطة الفلسطينية، لكن من الواضح أن هذا سيجري فقط بعد دمار اضافي، وبعد إبعاد السكان وتصفية المقاومة الفلسطينية، كما تدعي الخطة. 


وبعد ادراك اسرائيل بحسب تقرير صدر عن الاجهزة الاستخباراتية الاسرائيلية، فإن عدد المقاومين في قطاع غزة يتراوح ما بين 20 الى 23 الف مقاتل، وفي حال تم التشدد في معبر نتساريم الذي تريده اسرائيل، فسيكون عرضة للاستهدافات اليومية، ما يكبد اسرائيل خسائر بشرية هائلة ويعرض جيشها للخطر. وكذلك الامر في سوريا، بعد ان سيطرت اسرائيل على جبل الشيخ والذي يعد من المناطق الاستراتيجية المطلة على لبنان والعراق والاردن، ستتكون قوى وطنية في سوريا أكثر تشددا بضرورة التمسك بخيار مواجهة الاحتلال ومقاومته. ومع توغل اسرائيل في جنوب لبنان، وخرقها لاتفاقية الهدنة، وتوسعها بإحتلال عدد من القرى الحدودية، عجزت ان تتقدم اليها اثناء فترة الحرب، فهذا سيؤدي الى مزيد من الوعي الجماعي حول ضرورة التمسك بخيار المقاومة، كخيار وحيد لإخراج الاحتلال الاسرائيلي من الاراضي اللبنانية. 


رغم بعض الانجازات المؤقتة التي حققتها اسرائيل من توسيع احتلالها، بهدف اقامة اسرائيل الكبرى وبناء شرق اوسط جديد تحت سيطرتها بدعم وشراكة من الولايات المتحدة الاميركية، الا ان المواجهات المحتملة ستزداد في حال استمرارها، ما يشكل انفجارا كبيرا جديدا أشبه بإنفجار تشيرنوبل، رغم احتواء المشهد بإتفاقيات هدنة لن تدوم طويلا، وهذه المرة ليست نتيجة خطأ بشري كما حصل بالمحطة النووية في اوكرانيا عام 1986، بل نتيجة عدم استفادة اسرائيل من تجاربها، واصرارها على توسيع مشاريعها الاستعمارية.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)