- ℃ 11 تركيا
- 28 ديسمبر 2024
غزة.. حين يولد الابن وتغيب روح الأب في لحظة واحدة
غزة.. حين يولد الابن وتغيب روح الأب في لحظة واحدة
- 27 ديسمبر 2024, 12:13:53 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في غزة، حيث تتداخل الفرحة بالألم، يصبح لكل لحظة في الحياة طعم خاص، وقد تتغير الأحلام إلى ذكريات أبدية في لحظة. ففي هذه البقعة من الأرض، لا يتوقف الألم عن ملاحقة البشر، بل يحول حتى أجمل لحظات الحياة إلى مشاهد من المعاناة. هذا ما تجسد في استشهاد الصحفي أيمن الجدي، الذي ارتقى في غارة جوية صهيونية استهدفته مع 4 آخرين من زملائه الصحفيين، في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، في يوم ميلاد ابنه البكر.
أيمن الجدي، الصحفي الذي كان يعتز بعمله، كان في ذروة سعادته مع قدوم مولوده الجديدة، لكن لحظة الميلاد تلك تحولت إلى لحظة وداع أبدية له، ليُفجع أسرته بفقدانه في وقت كان ينتظره فيه الجميع ليحتفل بقدوم ابنه. هذا المشهد لم يكن الأول من نوعه في غزة، فهنا حيث لا تستثني آلة الحرب شيئًا، لا يُعرف مصير الأب في لحظة ولادة ابنه، فقد يرحل الأب وتبقى ذكرى ميلاده في قلب طفلته الصغيرة، التي لن تعي معنى الحياة إلا على وقع فقدان والدها في تلك اللحظة الفارقة.
وفي غزة وحدها، لا تكاد تكتمل فرحة قدوم المولود حتى يصبح الموت والدمار جزءًا من الحياة اليومية. فبينما تفرح أسرة بمولود جديد، يُفجعون في ذات الوقت بفقدان أحد أفرادها في غارة أو قصف. هذه الصور تكررت مع العديد من الأسر الفلسطينية، ليصبح موت الأب في لحظة الولادة هو واقع مأساوي لا يتوقف عن تكرار نفسه، في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة.
أيمن الجدي لم يكن مجرد صحفي يؤدي عمله فحسب، بل كان رجلاً يأمل أن يعيش ليشهد لحظات فرحته العائلية. لكن الاحتلال الصهيوني لم يرحم تلك اللحظة، ليحول فرحته إلى حزن أليم، وليفجع أسرته التي ستظل تذكره في كل لحظة ميلاد جديد. الجدي هو واحد من بين عدد كبير من الصحفيين والشباب الذين فقدوا حياتهم في لحظات فارقة، حيث يرحل الأب بينما يولد ابنه، في مشهد لا يعبر فقط عن الألم الشخصي، بل عن ألم غزة بأسرها.
وفي غزة وحدها، يصبح الأمل في الحياة مستمرًا، رغم أن الموت يحوم حولها في كل لحظة، وأما لحظات ميلاد الأبناء فيصبح مصيرها غالبًا مرهونًا بالدماء التي يسفكها الاحتلال.