علي محمد علي يكتب :أعراض إنسحاب

profile
علي محمد علي شاعر وكاتب مصري
  • clock 5 مايو 2021, 3:18:45 م
  • eye 1525
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

أحيانًا يفرض عليك إنهاء علاقة ، أنت لم تخطط لإنهائها أو لم تتوقع تتابع وتسارع الأحداث بهذا الشكل الدراماتيكي ، 

وتقع في حيرة من أمرك ، فأنت لا تريد الإنهاء وفي نفس الوقت إستمرارك يعني مزيد من التنازلات التي لا ترضى عنها ولا تتوافق مع تركيبتك النفسية ، 

وهنا لابد من أخذ قرار قاطع غير قابل للتسويف أو المماطلة ، أنت هنا تقرر أن تتجرع سمًا حتى يشفي بداخلك ورمًا ، إن تهاونت سوف ينتشر في جسدك وربما ينهي حياتك . 

وهنا تظهر عليك الأعراض الآتية : 

- إرتفاع في ضغط الدم 

- عدم اتزان في الجسم 

-اضطربات في النوم 

-الشعور بالغثيان، علي حسب الحالة 

- سرعة فى التنفس أثناء الجلوس أو الحركة

- هلاوس، وذلك أمر طبيعي .

هذه كانت الأعراض الجسدية فقط ، هناك أعراض أخطر وأعتى شراسة منها وهي الأعراض النفسية والتي منها : 

- الإكتئاب 

- القلق 

- التوتر 

- الإرتباك 

وبإضافة الآلام والأعراض الروحية والتي منها : 

- عدم الرغبة في أي شيء 

- جرح الكرامة 

- ألم ووجع وحسرة وندم 

كل هذا وأكثر كانت أعراض حقيقية لإنسحابك من علاقة عاطفية بين رجل وإمرأة ، فما بالك بمن ينسحب من مجتمع كامل أو عقيدة تربى عليها ورواها كل يوم بإخلاص من دمه وروحه ، 

إن الوضع جد خطير ، والمستهين هنا أو المستنكر أو المقلل من خطورة الموقف ، أقل ما يوصف به هو الهمجية والتخلف والرجعية أيضًا ، 

يا سادة الوضع جد خطير وأكررها والإتجاه العام يسير إلى إنفلات صارخ في زمام الأمور ، ووفقًا لآخر إحصائيات - وأنا دائمًا أشكك في الإحصائيات الرسمية -

 ولعل كورونا خير مثال للعار والرسوب المهني للإحصائيين ، فقد أعلن الأزهر بصفته الرسمية عن إنتشار ظاهرة الإلحاد في مصر والخروج عن الملة وأحصى الأعداد بما يقارب ٤ مليون شخص ،

 وأنا بوصفي رجل قريب من كل الدوائر وشريك في معظم التغيرات المجتمعية ، أشكك في تلك الأعداد ، وأرى بعدالة وإنصاف أنها قد تكون ضعف ذلك ، 

و رغم ذلك أعجبني موقف الأزهر لأن أولى خطوات حل المشكلة هي الإعتراف بها ومن ثم تحديدها بدقة . 

فدعونا نقترب من المشكلة أكثر ونوصفها بدقة حتى نكون منصفين أو عادلين ، ونجاوب بكل حيادية على التساؤل التالي : من المسئول ؟ 

وللإجابة على هذا السؤال الذي قد يبدو بسيطًا ، دعني عزيزي القارئ أن أتقمص شخصيتين ( شيخ و ملحد ) حتى لا نتحدث من وجهة نظر واحدة فنخسر القضية من أول جلسة ،

 كما أني أحذرك وبلهجة شديدة أن تعبث معي وتحاول تصنيفي أو وضعي في دائرة دون الأخرى ، لأنك سوف تخسر هذا الرهان . 

فها أنا الشيخ أقول : هؤلاء قوم أضلهم الشيطان ، ضعاف نفوس ، بل نفوسهم مريضة ولا تقوى على حمل الأمانة ، أضلهم الله وأغواهم الشيطان فإنحرفوا أيما إنحراف ،

 ولا تقبل منهم توبة فقد أعلنوا وجاهروا بالشرك بالله ، وإنه لذنب لو يعلمون عظيم . قضي الأمر الذي فيه تستفيان . 

وبتحليل بسيط لهذا المنطق ، سنكتشف دون أدنى مشقة أنه السبب المباشر في الإلحاد ، فهذا الفكر الجامد والمتوقف عند حدود القرنين هجرية ، هو والله سبب النفور ،

 فلم يقدم المحدثين دليلًا أو حتى خطابًا حتى الآن يرقى لمعاصرة التغييرات الهائلة والإنفجارات المعرفية والفتوحات العلمية  مما تسبب في إنهيار البناء الفلسفي القديم ونظريات بداية الكون 

وبدء الخليقة التي تبناها الإسلام ونظرية الأرض المسطحة ونظرية الشمس التي تغرب في عين حمأة ونظريات الفلك والشهب التي تترصد الشياطين .

ونظرية الناسخ والمنسوخ ومدى الصلاحية لكل زمان ومكان ، ومدى صحة نظرية الجهاد في عالم بات يكره الحروب ، وكثير من أحاديث الآحاد والخبر ،

 والطوائف والمذاهب المتعددة والتي يكفر بعضها بعضًا لم يحسم  أحد أي من تلك القنابل الموقوتة أو يبدي نية لتجديد حقيقي وتفسير عصري لأي مشكلة واحدة مما ذكرت 

والتي هي كفيلة بالتشكيك وعبث العقلانيين المتنوريين بالعلم .( هذا جزء قليل من كل ) فهناك آلاف القضايا والمشاكل التي لم يبت فيها من وجهة نظر معاصرة ، 

بل دعني أقول لك أن كل آيه إن لم يعاد تفسيرها فهي مشكلة في حد ذاتها .

وها أنا كملحد أرد على كلام الشيخ : نعم يا شيخ أنا أكفر بكل ما جاء به دينك فهو بالنسبة لي ولعلمي أساطير الأولين كما قال النضر بن الحارث ، وأنا لا أحب إلهك الماكر السباب اللعان ولا يروق لي .

وهنا قام الشيخ فوكز الملحد بعصاه فمات .

وكبر الحاضرين وهللوا بالنصر المبين . 

لكن جماعة الملحدين لن يتركوا دم ذميلهم الشهيد ( شهيد الكلمة ... شهيد الحرية ..... ) يسكب على الأرض كالماء .

فقامت المعركة الطاحنة والمرتقبة ... 

ترى لمن الغلبة ؟ 

تعالوا في المشهد الأخير نستخلص بعض العبر من باب " وذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين " 

أولا : إن الإرهاب الفكري والعنف الجسدي الذي يتبناه صاحب الفكر  لخطأ فادح فالفكر يواجه بالفكر 

كما وأن العنف اللفظي الذي يتبناه الملحدون وتبجحهم وتطاولهم وسخريتهم من كل ما هو مقدس لدى المسلمين خصوصًا لخطأ فادح أيضًا لن يقرب التصادم المسافات .

ثانيًا : الإسلام كحال بعض الديانات عبارة عن منظومة متكاملة الأركان يكاد لا ينقصها شيء من وجهة نظر معتنقيها بل وذهبوا إلى أبعد من ذلك و إدعوا صلاحيتها لكل زمان ومكان .

أما الدعوة الإلحادية فلم تقدم إلى الآن بديلًا مكتمل الأركان وإنما إنشغل مفكريها ومنظريها بالقدح في المقدسات والأديان ونسوا بناء نسق فلسفي يتلائم مع طبيعة العصر كما يدعون .

ثالثًا : إن لم يجلس الطرفان على مائدة حوار والإتفاق على صيغة توافقية أي كانت ، لا يهميني تنتصر لطرف على حساب الآخر بقدر ما يهمني توافقها مع العقل الحديث المستنير بأحدث نظريات العلم .

رابعًا : ما من فريق ينكر وجود الله ، فالله موجود عند الملحدين بجميع تصنيفاتهم  ( إني أصدقكم القول )  وخلق الناس أحرارا وسواسية و وهبهم حرية المعتقد ، 

وبكل الأشكال ؛ الله جميل رحيم ، إجعلوا تلك ثوابت بينكم لتستطيعوا إقامة حوار بناء ربما ستغير نتائجه وجه الكون .

والله الموفق والمستعان .

التعليقات (0)