- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
شوقي عقل : المحطة الثالثة لمصر بعد محطتي النيل والديون
شوقي عقل : المحطة الثالثة لمصر بعد محطتي النيل والديون
- 5 مايو 2021, 3:44:12 م
- 632
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
المحطة الثالثة التي ستصل إليها مصر الشعبية بعد محطتي النيل والديون هي محطة الصدام الشعبي الكبير مع النظام.
هي محطة غير محددة التاريخ كما هو الحال مغ غياب النيل الجزئي، وغير خاضعة لإرادة أحد أو أي قوة منظمة، خاصة مع غياب حزب جماهيري كبير.
تخبرنا التجارب السابقة أن لا أحد يستطيع التنبؤ بتوقيت ولو تقريبي لهذا الصدام، لا سعد زغلول في ١٩١٩، ولا الإحتلال والملك في السنوات الممتدة من ١٩٤٦ إلى ١٩٥٢،
ولا السادات في مواجهة الحركة الطلابية الكبيرة في بداية السبعينيات، أو في إنتفاضة يناير ١٩٧٧ ، ولا مبارك والقوى الوطنية في حركة الأمن المركزي في منتصف الثمانينيات
أو في ثورة يناير ٢٠١١! في كل تلك الإنتفاضات الشعبية، كانت المفاجأة هي ما يحدث، وكانت الأقوال المعادة المبتذلة عن ذل وضعف الشعب وصمته وقبوله هي الرائجة عشية كل إنتفاضة أو ثورة،
يلوكها أنصاف المثقفون، كما يحدث الآن. فلماذا نتوقع الآن رغم ذلك، حدوث صدام شعبي كبير مع النظام؟
• حالة الإنسداد التام التي صنعها النظام. فالمقولات البسيطة التي رأي فيها رأس النظام حلولا لقضايا مهمة وحيوية، كانت لابد أن تؤدي إلى ذلك الأنسداد والوقوف.
مثال شراء ألف عربة بيع خضار لحل مشكلة البطالة، أو المصابيح الموفرة.. فعدم جود برنامج إجتماعي أو سياسي أو إقتصادي من أي نوع كان لابد أن يؤدي للتوقف وتجمد حركة المجتع والنظام.
• التفريط في مضائق تيران، وحقول الغاز والنيل. كانت هناك دائما في خلفية كل تحرك جماهيري كبير في مصر مما سبق الإشارة إليه، دافع وطني ، هزيمة أو تفريط.
• الطبيعة النخبوية الضيقة للنظام، فهو نظام يستند في قوته إلى أساليب أمنية وبيروقراطية، ورشى مادية وعينية وتسيدية مدعاة. خلق عبد الناصر قوة إجتماعية مساندة له حال وصوله للسلطة عبر إصدار قانون الإصلاح الزراعي.
بينما يلجأ النظام القائم إلى إختيار نخب من سلطات الدولة لضمها إلى صفه، من الجيش والأجهزة الأمنية والقضاء والإعلام ومن المؤسستين الدينية المسلمة والمسيحية،
ذلك يعني عدديا بضع مئات من الألوف، يمنحهم الإمتيازات بإفراط وكرم وثراء، بالإضافة إلى تكوين من المهنيين والتكنوقراط وعلقات نظام أقتصاد الفساد الذين شكلوا حياتهم ضمن آلياته الفاسدة، بما لا يشكل في أقصى الحالات مليون شخص، ذلك أمام شعب بأكمله.
• الأفقار المتزايد لملايين البشر عبر سياسات تستهدف الجباية والعصر والتضييق البيروقراطي والإجتماعي والسياسي. ضرب القوى المنتجة،
تخفيض قيمة العملة، رفع أسعار كافة الخدمات، رفع أسعار المواد الخام والطعام، رفع الدعم، مد مظلة الضرائب للمهن البسيطة كسياس الشوارع، المبالغة في تقدير الرسوم، تقصير مدد صلاحية الشهادات،
الرجوع عن قرارات أدارية سابقة بقصد الجباية، أغلاق المصانع والورش بسبب غياب القدرة على التسويق أو المواد الخام، التضييق على صغار المنتجين، المنافسة التي تشكلها المؤسسة الاقتصادية بالنسبة صغار الباعة والمنتجين.
عدم وجود خطة من أي نوع لإستيعاب البطالة القائمة والمتجددة عبر دخول ملايين الشباب سوق العمل سنويا، تزامنا مع أغلاق سوق العمل الخارجي بسبب من حالة التباطؤ الاقتصادي العالمي وانتشار الوباء
وكذلك غياب سوق العمل التقليدي في العراق وليبيا بسبب من سوء الأوضاع، وجزئيا في دول الخليج مع نمو حاجة العمالة المحلية للعمل والإحلال محل العمالة الوافدة. عاد هولاء إلى الوطن دون وجود خطة استيعاب.
• ترك الشعب يواجه الموت المهين بالوباء والكذب العلني عن عدد الحالات، بل وإستخدام الحالة للجباية (ضريبة ١٪) وبيع اللقاح. شكل الوباء لدى الشعب،
إختبار لسلوك النظام بينت مدى قسوته ولا مبالاته، وتجربة عملية في مواجهة موت مهين، قد تكون سببا في إسترخاص هذا الموت وبذله فيما هو كريم ومجدي.
• حالة الإستفزاز المستمر الذي يمارسه رأس النظام في وجهين: الادعاء بالفقر الشديد، وعدم وجود موارد، ثم الوجه الأخر المتمثل في القصور والاحتفالات والمؤتمرات والمواكب وشراء الطائرات،
ورفع المرتبات والبدلات والمنح للخاصة، في نفس الوقت الذي يتم فيه تخفيض وزن رغيف الخبز مثلا. يضاف إلى ذلك الإهانة المستمرة للشعب وإعتباره أقل من النخبة الحاكمة (سادة وعبيد)
وإعلان ذلك على لسان مسؤولين كبار. وأهدار الحقوق الأولية البسيطة للمواطن في سجون ومراكز الشرطة.
• توجه النظام للطبقة الوسطى كمصدر للإيرادات، عبر العديد من النظم والقوانين والإجراءات والضرائب التي تستهدف جمع المال ومعاناة كبار ومتوسطي المنتجين والتجار من الطبقة الوسطى من الحصار
والمنافسة غير العادلة من المؤسسة الاقتصادية وجهاز الدولة البيروقراطي، مما دفع قطاعا واسعا من تلك الطبقة المهادنة عادة إلى إتخاذ مواقف مناوئة ومعارضة.
إنسداد كافة صور وسبل التعبير السياسي والإجتماعي للكافة، مع أحادية وتمركز أعلام الدولة في نقطة واحدة هي عظمة وعلو وإنسانية رجال الشرطة!!
والقوة المسلحة، مع غياب كافة سبل التعبير الفني الأخرى عن بقية الشعب! ذلك يعني أن السبل الإعتيادية للتنفيس الاجتماعي والطبقي مغلقة بإحكام.ما ذكرته،
وغيره كثير، هو صور متعددة من عجز النظام عن الحكم وإدارة الدولة، فهو يقوم ببناء سور حول ذاته، لتأتي اللحظة التي لابد له فيها أن يتوقف ويعجز عن الإستمرار، ويبقى رد الفعل الشعبي متوقع وحاد.