عاموس هرئيل يكتب: نشاط الكوماندوس الإسرائيلي في سورية ينبئ بانتقال مركز ثقل القتال نحو الشمال أسئلة من دون إجابات

profile
  • clock 14 سبتمبر 2024, 1:58:02 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يتواصل التأرجح بين الأمل (الذي نادراً ما يلوح) واليأس (الذي غالباً ما يسود، هذا إذا لم تنطلِ علينا السردية الحالية التي يروّجها البيت الأبيض، أو تلك التي يروّجها ديوان رئيس الوزراء). يعيد الجمود الحالي في المفاوضات بشأن الصفقة في الجنوب رفع مستوى الخطر في الشمال. وفي نهاية شهر آب/أغسطس، بعد الرد "الضعيف" من حزب الله على اغتيال القيادي في الحزب فؤاد شُكر (في نهاية تموز/ يوليو في بيروت)، بدا أن التوتر في الشمال بدأ بالتراجع قليلاً.

ربما كان زعيم حزب الله حسن نصر الله ينتظر أيّ تقدّم في المفاوضات بين إسرائيل و"حماس" لكن مع الجمود الذي يعتري هذه المفاوضات، بدأ حزب الله بزيادة عدد الأهداف التي يستهدفها بصواريخه وطائراته الانقضاضية، وأحياناً، شرع في زيادة مدى الهجمات. وفي الوقت نفسه، لا تجلس إسرائيل مكتوفة الأيدي. لقد أفادت وسائل الإعلام الأجنبية، أمس، بأن الغارة الجوية التي وقعت هذا الأسبوع على منشأة لإنتاج الأسلحة في مصياف، وسط سورية، كانت في الواقع غطاءً لإنزال قوة كوماندوس إسرائيلية على الأرض، قامت بقتل جنود سوريين ومستشارين إيرانيين، وضربت بنىً تحتية مهمة مرتبطة بمشروع صواريخ حزب الله الدقيقة الإصابة. قد يُعتبر هذا الهجوم أيضاً رسالة إلى إيران: فإذا كان من الممكن ضرب بنى تحت أرضية في سورية، فهل يمكن أن تُضرَب منشآت نووية إيرانية بطرق مشابهة؟
السبب الرئيسي لتكثيف الضربات الإسرائيلية هو الضغط الذي يمارسه سكان الحدود الشمالية، الذين طُلب منهم مغادرة منازلهم في 8 تشرين الأول /أكتوبر. لا يحصل هؤلاء على إجابات من الحكومة، أو موعد محدد لعودتهم إلى بلداتهم ومنازلهم. تبدو التحركات العسكرية الإسرائيلية كأنها تعكس اهتماماً بحالتهم، وإن لم تُثمر كثيراً. فالنهج الحقيقي لنتنياهو في التعامل مع هذه الأزمة يظهر بوضوح في المماطلة المستمرة في تعيين مسؤول لمتابعة أزمة السكان، التي استمرت شهوراً عديدة من دون حل.

النشاط المنضبط من جانب حزب الله

يبدو أن الحزب، الذي يضطر إلى الاستمرار في "الكذب" على اللبنانيين بالقول إنه نجح في تفجير مسيّرات فوق منطقة غليلوت، لا يرغب حالياً في الدخول في حرب شاملة. من جهتها، ترى قيادة الجبهة الشمالية الإسرائيلية، التي تضغط في اتجاه السماح لها بتصعيد الهجمات، أن الفرصة سنحت، لأن المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني فارغة تقريباً من السكان، ولأن حزب الله نقل جزءاً من قواته شمالاً. ومع ذلك، فإن حقيقة أن إسرائيل استهلكت معظم درجات التصعيد، بما يشمل اغتيال شُكر وثلاثة من قادة الوحدات المركزية في حزب الله، وضرب مخازن صواريخ كبيرة في الجنوب، وشنّ هجمات على سورية، والبقاع، وبيروت، قد تجعل من الصعب إرسال رسائل فعالة من دون الدخول في حرب شاملة.

يوصى أيضاً بعدم الاعتماد على النجاح النسبي في مواجهة "حماس"، بصفته دليلاً لتحقيق نجاحات مستقبلية في مواجهة حزب الله. فحتى "حماس"، لم ترفع الراية البيضاء بعد عام تقريباً من الحرب، بينما تظهر علامات الإرهاق بوضوح على الجيش الإسرائيلي، بعد القتال المطول، من دون التمكن من الحسم.

لقد صرّح بني غانتس، في كلمته هذا الأسبوع في واشنطن أمام مؤتمر منظمة MEAD لتعزيز الحوار الإسرائيلي-الأميركي بأنه "حان وقت العمل في الشمال. إذا لم نتوصل إلى صفقة بشأن الأسرى خلال أسابيع قليلة، فيجب علينا التوجه نحو الحرب في الشمال". وقد دعا الرجل إلى زيادة الضغط السياسي والعسكري من الولايات المتحدة وإسرائيل على إيران. أمّا حسابات نتنياهو، كالمعتاد، فستظل لغزاً. لقد تجنّب، حتى الآن، شن حرب شاملة في الشمال، ومن المؤكد أنه يدرك أيضاً التكلفة الاقتصادية الهائلة التي ستنجم عن مثل هذه الحرب، فضلاً عن الخسائر البشرية والدمار. لكن، نظراً إلى أن قراراته في الحرب تنبع من حاجته إلى البقاء في سدة الحكم، إلى حد كبير، فمن الصعب علينا أن نغفل تاريخاً آخر: إنه موعد شهادته الأولى في محاكمته [في قضايا الفساد] في أوائل كانون الأول/ ديسمبر. ومثلما حدث في بداية جائحة كورونا، يمكن للحرب أن تكون سبباً ممتازاً لتعليق نشاط الجهاز القضائي. هناك أيضاً احتمال فوز ترامب في تشرين الثاني/نوفمبر ومدى الدعم الذي يتوقعه نتنياهو من الرئيس المقبل، سواء أكان ترامب، أم هاريس.

أيضاً ظهر بوضوح من خلال سلسلة طويلة من الخطابات والمحادثات التي جرت خلف الكواليس في مؤتمر MEAD في واشنطن، أن الأميركيين يعارضون شنّ هجوم إسرائيلي واسع النطاق على لبنان، ويخشون من أن يشعل ذلك الشرق الأوسط بأسره، ويزعزع سوق النفط قبل الانتخابات. عندما تهدد إسرائيل بالتحرك، يذكّرها الأميركيون ببرودة، بالتسلح، ويحذّرون من أن العمليات البرية في لبنان هي الطريق المؤكدة للتصعيد الإقليمي.

يعتقد الأميركيون أن لديهم قنوات اتصال فعالة مع حزب الله، وإن كانت غير مباشرة، وأن الحزب لا يزال غير ساعٍ لمواجهة شاملة.

يلتزم الديمقراطيون الأميركيون مساعدة إسرائيل في الدفاع عن نفسها في مواجهة هجوم قد يُشن عليها من لبنان، لكنهم لن يقاتلوا نيابةً عنها. وهذا ينطبق أيضاً على إيران، التي لم تنتقم بعد لاغتيال إسماعيل هنية، والمنسوب إلى إسرائيل. لقد أعلنت الولايات المتحدة، أمس، مغادرة إحدى حاملتَي الطائرات المنطقة، في إشارة أُخرى إلى تراجُع التوتر، على الرغم من أن إسرائيل لا تزال مستعدة لاحتمال محاولة اغتيال إيران شخصية كبيرة، حالية أو سابقة، في الخارج.

يرتبط جزء من دينامية التصعيد بالتعريفات والتفاصيل. يُقال في واشنطن إن المرشد الأعلى الإيراني علي الخامنئي كان غاضباً عندما بلّغه مساعدوه في البداية أن إسرائيل أطلقت صاروخاً من الجو على غرفة إسماعيل هنية في بيت ضيافة الحرس الثوري في طهران. لكن عندما تبين أن قنبلة وُضعت في الغرفة، ولم يكن هناك انتهاك صارخ للسيادة الإيرانية، هدأ الخامنئي قليلاً، وربما قرر تقييد طبيعة الرد الإيراني على إسرائيل.

أفاد أمير تيبون في صحيفة "هآرتس"، هذا الأسبوع، بأن الإدارة الأميركية حذّرت إسرائيل، برسائل صارمة، من شن حرب شاملة في الشمال. وذكر مسؤول أميركي بارز في مؤتمر أن الحروب نادراً ما تتطور حسبما يتوقع مخططوها. وأضاف أن المجتمع الدولي سيقدّم، بعد الحرب، صيغة اتفاق يشبه، إلى حد كبير، ما تقترحه الولايات المتحدة الآن.

من المتوقع أن يعود مبعوث بايدن، عاموس هوكشتاين، إلى إسرائيل ولبنان خلال الأيام المقبلة، في محاولة أُخرى للخروج من الأزمة الشمالية، على الرغم مما يعتري الجبهة الجنوبية من جمود. "إن تحالف الجبهات الإقليمية هو أحد أكبر مشاكلنا"، بحسب مصدر أمني إسرائيلي كبير، ويتابع: "نحن عاجزون عن الفصل بين تحركات أعدائنا. يعتقد البعض أن هذه الأزمة بسيطة وستُحل قريباً، لكن الحقيقة هي أننا نقود سيارة عبرت حاجزاً من الأسلاك الشائكة، وثقبنا إطاراتها الأربعة".

المصادر

هآرتس

التعليقات (0)