- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
طاهر الكتبي يكتب :شجرة الانبياء
طاهر الكتبي يكتب :شجرة الانبياء
- 23 أبريل 2021, 5:10:55 م
- 1033
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سيدنا شعيب عليه السلام
"وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره "
أرسل الله شعيبا عليه السلام إلى أهل مدين داعيا إياهم إلى توحيد الله وعبادته وهم عرب يسكنون بلاد الحجاز ،
كان أهل مدين ينقصون المكيال والميزان ، ولا يعطون الناس حقهم ، « ولا تنقصوا المكيال والميزان إنى أراكم بخير وإنى أخاف عليكم عذاب يوم محيط
كان أهل مدين لا يعطون الناس حقهم ويعتبرون بخس الناس أشياءهم نوعا من أنواع المهارة في البيع والشراء وداء فى الأخذ والعطاء ،
ثم جاء نبيهم شعيب عليه السلام وأفهمهم أن هذه تعتبر سرقة «ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين وأنه يخاف عليهم بسببها من عذاب يوم محيط.
كان أهل مدين كفارا يقطعون السبيل ويخيفون المارة ويعبدون الأيكة وهي شجرة من الأيك حولها غيضة ملتفة بها
، وكانوا يقولون لشعيب إن صلاته توسوس له وتأمره فيطيع دون تردد ودون تفكير لقد تحول بسبب صلاته إلى آلة متحركة وأداة لا تعي.
«أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤناوبدأ قوم مدين التهكم والسخرية من سيدنا شعيب عليه السلام وعادوا يتساءلون بدهشة ساخرة ،
تخيل يا شعيب أن صلاتك تتدخل فى إرادتنا وطريقة تصرفنا في أموالنا «أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ما هي علاقة الإيمان والصلاة بالمعاملات المادية
وبهذا التساؤل الذي ظنه قوم شعيب قمة الذكاء ، طرحوا أمامه قضية الإيمان وعلاقتها بالعمل وأنكروا أن تكون لها علاقة بسلوك الناس وتعاملهم واقتصادهم وأنكروا أن يتدخل الدين في حياتهم اليومية ،
هذا هو فهم قوم شعيب للإسلام الذي جاء به شعيب عليه السلام .
ولو أنك سألت قوم شعيب عن تصورهم للدين لأخبروك أنه مجموعة من القيم الروحية الطيبة التي لا تدخل فى الحياة اليومية
، لقد أدرك شعيب عليه السلام أن قومه يسخرون منه لاستبعادهم تدخل الدين في الحياة اليومية ولذلك تلطف معهم تلطف صاحب الدعوة الواثق من الحق الذي معه
وتجاوز سخريتهم ، لا يباليها ولا يتوقف عندها ليناقشها ، أفهمهم أنه على بينة من ربه ، وإن ما يريده هو الإصلاح
« إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وبعد أن أوضح لهم سيدنا شعيب أهدافه وكشف عن حقيقة دعوته أراهم مصارع من كان قبلهم من الناس
«يا قوم لا يجرمنكم شقاقي أن يصيبكم مثل ما أصاب قوم نوح أو قوم هود أو قوم صالح وما قوم لوط منكم ببعيد
، بدأ شعيب عليه السلام حواره معهم بأن ينبههم إلى أن عنادهم سوف ينتهي إلى نتائج مؤسفة ويؤدي إلى هلاكهم وبعدها فتح لهم النبي باب الاستغفار والتوبة ،
إن الله رحيم يقبل التوبة من عباده « واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود .
ويبدو أن قوم شعيب اختاروا العذاب ، وقسوة قلوبهم وإصرارهم على مكاسبهم الحرام ، وأصروا على الوقوف ضد شعيب عليه السلام
« قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا وقالوا إنك ضعيف لأن الفقراء والتعساء هم الذين آمنوا.
وهو بالحساب البشرى لا يملك قوة كافية لفرض دعوته ، أما الأغنياء والكبراء فكانوا جميعا ضده إذن هو ضعيف ،
وأنهم يرونه ضعيفا وذليلا ، فكشفوا عن كراهيتهم له وتمنيهم قتله « ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز
ودخل قوم شعيب مرحلة جديدة من التهديد فهددوه بالقتل والطرد من قريتهم وخيروه بين التشريد والعودة إلى ملتهم التي تعبد الأشجار والجمادات ،
أفهمهم شعيب عليه السلام أن مسألة عودته إلى ملتهم ليست ضمن المسائل الواردة في المفاوضات ،
فهو يدعوهم إلى ملة التوحيد بالله فكيف يدعونه إلى الشرك والكفر بالله. استمر الصراع بين أهل مدين ونبيهم شعيب عليه السلام حتى طالبوه بأن يسقط عليهم العذاب إن كان من الصادقين
فأوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية فخرج شعيب عليه السلام وجاء أمر الله تعالى
«ولما جاء أمرنا نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا فأصبحوا في ديارهم جاثمين كأن لم يغنوا فيها ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود .
هى صيحة واحدة ، صوت جاءهم من غمامة أظلتهم ، ولعلهم فرحوا بما تصوروا أنها تحمله من المطر ،
ثم فوجئوا أنهم أمام عذاب عظيم ليوم عظيم ، فقد أدركتهم صيحة جبارة جعلت كل واحد فيهم يجثم على وجهه وهو في مكانه ، صعقت الصيحة كل مخلوق حتى لم يستطع أن يتحرك أو يجري أو يختبئ . وانتهى قوم شعيب .