- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
د ناصر محمد معروف يكتب: معالم المسجد الأقصى: (الحلقة الرابعة)
د ناصر محمد معروف يكتب: معالم المسجد الأقصى: (الحلقة الرابعة)
- 26 يناير 2023, 12:24:20 ص
- 364
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سوران في مدينة القدس، سور يحيط بالمسجد الأقصى (144 دونم)، وسور يحيط بالبلدة القديمة (900 دونم) ويتحد سور المسجد الأقصى من الجهة الشرقية كاملا مع سور البلدة القديمة للقدس، ويتحد بجزء في أقصى الزاوية الجنوبية الشرقية من السور، والناظر إلى هذه الأسوار يعلم مدى حرص المسلمين عبر عصورهم على الحفاظ على هذا المسجد المبارك، فلماذا ينساه الكثير هذه الأيام.
أولا: الجزء الأول: مقدمة هامة حول السور والأبواب:
الحديث عن القدس الشرقية والغربية يتطلب ذكر المساحة ، حيث جاء الإحتلال الصهيوني ومساحة مدينة القدس (الشرقية والغربية)، تبلغ (19331 دونم)، ومع قرار التقسيم المقيت وتدويل القدس، لم يلتزم الإحتلال بهذا القرار، ودخل محتلا لمدينة القدس، واحتل من جهتها الغربية (16261 دونم) وتم طرد حوالي (20.000 مسلم ومسيحي) كانوا يقيمون في القدس الغربية، ولم يُسمح لهم بالعودة أبداً.
لم يتبق بيد الأردن سوى (2220 دونم)، وبيد الأمم المتحدة (850 دونم).
وبعد انتخاب المجلس البلدي الأول لمدينة القدس الشرقية أضيف للمدينة (4.6 كيلوا) وهي بلدان (قرية سلوان، ورأس العامود، والصوانة وأرض السمار والجزء الجنوبي من قرية شعفاط) لتصبح القدس الشرقية (2224.6 دونم)، ومع احتلال القدس الشرقية أضيف الجزء الذي مع الأمم المتحدة لتصبح (100 %) مع الإحتلال.
ثانيا: سور المسجد الأقصى:
(أ) مقدمة ضرورية عن السورين:
عندما نتحدث عن محيط المسجد الأقصى وسوره على مساحة ال(144 دونم) ، لا بد أن نذكر أن النواة الأولى لمدينة القدس هي بقعة المسجد الأقصى التي باركها الله للعالمين، وقد اهتدى إليها المسلمون ، وقد أقيمت هذه البقعة على هضبة تسمى بلغة الكنعانيين هضبة (موريا) أي: هضبة المختار، وهو الذي تقع عليه قبة الصخرة، وظلت هذه البقعة يتكاثر فيها السكان على مدار العصور.
جاء العرب اليبوسيون وهم أحد البطون الكنعانية، وسكنوا المدينة، ومع تعرض المدينة إلى غارات البدو كان لا بد من البحث عن حماية، فكانوا هم أول من وضع أساسات محيط المسجد الأقصى ، وقيل: إن الملائكة هم من وضع أساسات المسجد الأقصى، وهذا على قول الإمام الطبري ،هذا بالنسبة لسور المسجد الأقصى ، أمّا بالنسبة لسور مدينة القدس المحيط بالبلدة القديمة ، فالمؤكد أن اليبوسيون هم من بنوا سورا حول المدينة، ثم تعاقبت الأجيال، إلى أن جاء نبي الله داود، وولده سليمان، فقاما بترميم الجزء الذي بناه اليبوسيون قبلهم، وأضافا بعض الأجزاء إليه.
بعد موت نبي الله سليمان وانقسام اليهود وفي العام (583 قبل الميلاد) غزا نبوخذ نصر المدينة فدمر اسوارها وخربها، وظلت مدينة القدس تعاني الإعتداءات، ويعمرها سكانها.
ثم احتل الرومان مدينة القدس وفي (سنة 70 للميلاد)، قمع الإمبراطور الروماني تيتوس ثورة يهودية في فلسطين، وسوى القدس بالأرض ودمر معابدهم، وفي أعقاب ثورة يهودية أخرى ما بين (132م و135م) شيد الإمبراطور هادريان الروماني مدينة على أنقاض القدس، وأطلق عليها اسم (إيليا)، وحرم على اليهود دخولها.
قام هدريان الروماني ببناء إيليا ضمن المخطط الموجود عليه المدينة الآن تقريبا، واعاد بناء سور مدينة القدس، لكن البيزنطين وسَّعوا المدينة مرة اخرى وادخلوا سلوان بداخل البلدة القديمة وهو الوضع الذي كانت به المدينة عند الفتح الاسلامي، والذي استمر خلال العهود الاسلامية الاولى.
احتل الصليبيون مدينة القدس (عام 1099م) وحولوا المسجد الأقصى إلى أماكن اصطبل للخيل ودنسوه بالزبالة وغيرها، إلى أن جاء صلاح الدين الأيوبي وحرر المسجد الأقصى ومدينة القدس في (27 رجب 583 هـ، الموافق ـ 2 أكتوبر 1187م)، وحافظ عليها، وما لبث أن مات حتى جاء أخوه الكامل، ومن بعده المعظم عيسى ابن الكامل، الذي تفاجأ بالحملات الصليبية، فشرع المعظم (سنة 616هـ ــ 1219م) بهدم أبراج مدينة القدس وسورها حتى لا يتمكن الفرنجة من الاحتفاظ بها إذا استولوا عليها.
(ب) سور المسجد الأقصى ومحيطه:
ظلت مدينة القدس دون أسوار إلى أن جاء العهد المملوكي، فشرع المماليك بتطوير المسجد الأقصى في حضارة معمارية كبيرة، فلم يتعرضوا لسور المدينة (البلدة القديمة)، إنما تعرضوا لسور المسجد الأقصى الذي قيل: إن أساساته وضعته الملائكة، وهو الذي يظهر لنا بالشكل المستطيل الآن، ويبلغ طول سور المسجد الأقصى بأكمله (1554 مترا) بحيث يبلغ طول الضلع الجنوبي منه (281 مترا) وطول الضلع الشمالي منه (310 مترا)، وطول الضلع الشرقي منه (462 مترا)، وطول الضلع الغربي منه (491 مترا)، وقد برع المماليك في إعماره حيث بنوا سور المسجد الأقصى بأبوابه مع الأروقة وخاصة، الرواق الشرقي والرواق الغربي، وكذلك العديد من المدارس والقباب والمآذن، فكان أن بنو أسوار المسجد الأقصى من جميع جهاته الأربع وجعلوا فيه (17 بابا) منها (11 بابا مفتوحا) و (6 أبوابا مغلقة) وهي بالترتيب كما يلي:
(1) سور المسجد الأقصى من الجهة الغربية، وفيه عشرة أبواب، ثمانية أبواب منها مفتوحة إلى الآن، وهي من الجنوب إلى الشمال بالترتيب كما يلي: (باب المغاربة ، باب السلسلة ، باب السكينة ، باب المطهرة ، باب القطانين ، باب الحديد ، باب المجلس ، باب الغوانمة)، والبابان المغلقان في السور الغربي في اقصى جنوب ساحة البراق واسفل باب المغاربة الحالي ثم باب السكين القديم واسمه باب الكهف).
(2) سور المسجد الأقصى من الجهة الشمالية وفيه ثلاثة أبوب وهي من الغرب إلى الشرق (باب العتم "شرف الانبياء" ، باب حطة ، باب الاسباط) وجميعها مفتوحة.
(3) سور المسجد الأقصى من الجهة الشرقية، وفيه ثلاثة أبواب مغلقة، وهي من الشمال إلى الجنوب : (باب الرحمة "الذهبي" ، باب التوبة ، باب الجنائز) وكلها مغلقة.
(4) سور المسجد الأقصى من الجهة الجنوبية وفيه أيضا ثلاثة أبواب مغلقة، وهي من الشرق إلى الغرب: (باب المفرد ، باب محراب مريم (الباب الثلاثي) ، باب المزدوج).
وهذه الأبواب بخلاف أبواب مدينة القدس البلدة القديمة.
إلى اللقاء في الجزء الثاني والحديث عن سور المدينة وأبوابها.