د. محمد إبراهيم المدهون يكتب: 10 استراتيجيات لمواجهة بلفور105

profile
د. محمد إبراهيم المدهون كاتب ووزير فلسطيني سابق
  • clock 4 نوفمبر 2022, 4:12:56 م
  • eye 1150
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بلفور105 الظالم، والذي استجلبت بريطانيا على إثره العصابات الصهيونية، وهجرت الشعب الفلسطيني من أرضه، وما زالت آثار قرار بريطانيا عبر #بلفور105 قائمة على الأرض، مما يستدعي إعداد استراتيجية وطنية فلسطينية تمثل إجماعاً وطنياً تعمل على محو آثار بلفور ووعده.

لقد تبنت بريطانيا منذ بداية القرن التاسع عشر سياسة إيجاد كيان يهودي سياسي في فلسطين، قدّروا أنه سيظل خاضعاً لنفوذهم ودائراً في فلكهم وبحاجة لحمايتهم ورعايتهم، وسيكون في المستقبل مشغلة للعرب ينهك قواهم ويشتت صفهم، ويعرقل كل محاولة للوحدة فيما بينهم، وتوجت بريطانيا سياستها هذه بوعد بلفور الذي أطلقه وزير خارجيتها في 2/نوفمبر/1917م، مجافيًا الموقف العربي معهم في مواجهة الدولة العثمانية.

صدر وعد بلفور عن وزير خارجية بريطانيا كقرار الإرادة الدولية المنتصرة، حيث وعد بإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين، وحافظ الوعد علي الامتيازات السياسية لليهود في بلدانهم الاصلية الاوروبية بحيث يحق لليهودي الترشح والانتخاب في البلد التي هاجر منها ممن ساهم بمزيد من الامتيازات ورغب بالهجرة اكثر حيث ان المهاجر لن يخسر شيء في موطنه الاصلي، وذلك بتقديرنا يحمل بذور النهاية لدولة الاحتلال بعد (105) سنة على وعد بلفور، حيث ساهم في محطات الصراع القاسية في زيادة الهجرة المعاكسة، خروجًا من فلسطين في محطات الصراع المحتدمة.

وعد بلفور صادر عمن لا يملك لمن ليس له حق حيث في عام 1917 كانت ارض فلسطين تحت سيادة الدولة العثمانية التي رفضت الوعد المشؤوم ولم تكن لبريطانيا أي سلطة لمنح ارض فلسطين لليهود، وادعي الوعد ان اليهود كانوا هم الاكثرية في فلسطين وان الفلسطينيين هم الاقلية وهذا منافي للواقع التاريخي حيث ان الشعب الفلسطيني تجاوز 98% من سكان ارض فلسطين أي لهم الاكثرية المطلقة، تضمن الوعد اقامة وطن قومي لليهود وهم اقلية وتجاهل الحقوق السياسية والدينية للأكثرية الفلسطينية.

مستقبل القضية الفلسطينية لا ينفصل البتة عن المحيط العربي، والإقليمي، والدولي، ومن هنا نرى مستقبل فلسطين في مستقبل عمقها العربي والإسلامي والدولي، وإن #بلفور105 كان مفترقاً مفصلياً في ماضٍ، وحاضر فلسطين، والذي جسده وعد بريطانيا (بلفور) وما مارسته بريطانيا قبل 105 سنة لتكريس العصابات الصهيونية على أرض فلسطين. ومن هنا نؤكد على رسالة فلسطين وشعبها باعتذار بريطانيا، وما يترتب على ذلك من آثار قانونية، وسياسية، ومعنوية، ومادية، وليس غريباً بعد 105 سنة على وعد بلفور أن يستمرئ الأعداء العبث بالمنطقة وأن يطرحوا مشروعهم للفوضى الخلاقة وإعادة تقسيم المنطقة على أساس طائفي في مشروع إعادة رسم خرائط المنطقة.

بعد #بلفور105 مازال الشعب الفلسطيني يستبسل في الدفاع عن حقه في أرضه، وينتقل من ثورة إلى انتفاضة إلى حرب إلى تهجير واعتقال، يقدم عشرات آلاف الشهداء ومئات ألاف الجرحى وملايين اللاجئين، بحثاً عن موطئ قدم في مواجهة بلفور ووعده المشؤوم.

ولكن كان الفلسطيني قادراً على تقديم الأفضل في مواجهة آثار #بلفور105 ، وما زالت الفرصة سانحة لذلك، فاليوم فلسطينيًا المطلوب أكثر من أي وقت مضى، وبعد تفاقم أثار وعد بلفور، وباتخاذ خطوات لشطب حق العودة عبر صفقة القرن السارية فعلا على الأرض والتي هي إعلان تمديد 100 سنة اخرى لوعد بلفور والتي تعمدت ترمب إطلاقها بعد 100 سنة وفي ذات تاريخ دخول اللنبي #القدس في ديسمبر 1917 ثم تعمد نقل السفارة في 14 مايو2018 في ذكرى 70 سنة على #النكبة معلنا الرغبة الجامحة في تصفية القضية الفلسطينية، خاصة في مرحلة تفتح أبواب عواصم عربية لاستقبال ادة الاحتلال ووزرائه ووفوده، ويبلغ #التطبيع مستوى غير مسبوق من المجاهرة بالخطيئة.

ومن هنا، مواجهة آثار #بلفور105 تكمن في الحفاظ على القضية الفلسطينية من التصفية اليوم، وكذلك إبطال مشاريع الاستنساخ والتقسيم، وإعادة الاعتبار للمنطقة، لحماية فلسطين من ضياع مداه الزمني الطويل، ويمكن إيجاز استراتيجيات عشر فلسطينية شاملة لمواجهة آثار وعد بلفور بالتالي:

1.  القدس تتعرض لأقسى الهجمات عبر التهويد المستعر، وهذا يحتاج منح #القدس (عاصمة فلسطين) أولوية إسنادها سياسياً، واقتصادياً، ومالياً، ومؤسسياً، وفردياً، مع فضح الممارسات الصهيونية، والأمريكية، كون الصراع مع الاحتلال يتعاظم في بعده العقائدي، حيث تشكل القدس محور ذلك الصراع حين أعلن ترامب القدس عاصمة الدولة اليهودية ويستمر بايدن على نهجه, بينما أعلن شعب القدس وضفة الإباء انتفاضته الثالثة مجددا بعنوانها الكبير انتفاضة القدس.

2.  البيت الفلسطيني وترميمه وتوحيده مشروع وطني، ومجتمعي يعالج آثاراً مدمرة للقضية الفلسطينية على أساس نظامٍ سياسي موحد عنوانه إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية محلياً، وعربياً، ودولياً. ومنطلق ذلك تصويب علاقة المنظمة بالسلطة، وإعادة بناء منظمة التحرير كمرجعية على أساس برنامج وطني لإدارة الصراع بقرار فلسطيني مستقل بعيداً عن العصبية الحزبية، وعبـر استراتيجية وطنية تتصف بعمق عربي، وعدم حصر خيارات الشعب الفلسطيني بخيار واحد، حيث أن الانتفاضة الشاملة، ومحاكمة الاحتلال وفضحه دولياً من أحد الأدوات المهمة لتحقيق أهدافها. ومطلوب هنا البناء على مصالحة الجزائر وتوسيع مداها إلى مشروع وطني جامع لمواجهة وعد بلفور واثاره الممتدة إلى يومنا.

3.  إدارة أفضل للشأن الحياتي الفلسطيني كي يستقر بتحقيق العدالة المجتمعية، وتوفير مقومات الصمود، والحياة الكريمة، وإسناد القضية عبر عمق اقتصادي بشتى القطاعات، ولكافة شرائح المجتمع. وهنا يجدر التذكير أنه قد واجهت #حماس في تجربتها في الحكم تحديات داخلية، وخارجية بالغة الصعوبة، فكانت المرحلة إدارة لأزمات متتالية من حصار، وانقسام، ومقاطعة، وعزل، وعدوان، لذا لا مقارنة لهذه التجربة مع غيرها، وقد شكل ذلك صعوبة الجمع بين الحكم، والمقاومة في ظل غياب الشراكة السياسية، والمأمول اندماج كافة القوى وعلى رأسها حماس، وفتح في مشروع شراكة خاصة في ظل التحولات السياسية التي جسدتها حماس في وثيقتها السياسية.

4.  العمل عبر كافة ساحات التواجد الفلسطيني عبر منظومة متناسقة متعاونة إيجابا لا متناحرة سلبا في توزيع أدوار محدد ومتفق عليه وضمن رؤية شاملة لمساحة التأثير في كل ساحة مع توظيف أمثل لنقاط القوة فيها وعدم الدخول في أي صراعات جانبية مع أي من ساحات الفعل وإنما تحشيد لوبيات إسناد للقضية ومظلومية شعب فلسطين في مواجهة #بلفور105  

5.  إفشال السياسة الصهيونية التي تتجسد عبر تهويد القدس وضم الضفة وحصار غزة والاستيطان، والجدار، ويهودية الدولة، والتطهير العرقي، حيث يعتمد الاحتلال مشروع الحل الإقليمي، والسلام الاقتصادي، وهذا الخيار سيتعزز بعودة #نتنياهو وحلفه الأكثر يمينية في تاريخ دولة الاحتلال. ويدعمها #بايدن بهدوء ساعياً لفرض حل عنصري، وعلى حساب الحق الفلسطيني في أرضه، واستقلاله، ومواجهة هذا المشروع الخطر مسؤولية وطنية تشمل الكل الفلسطيني.

6. السياسة الفلسطينية تحقق الأهداف ب #الوحدة وإلغاء #أوسلو، واعتماد #المقاومة الشاملة خياراً، ودعوة الأطراف العربية التي طبَّعت مع الاحتلال إلى التراجع عن برنامجها الضار بالقضية، وشعب فلسطين.

7.  رفع #الحصار نهائياً عن قطاع غزة الذي ليس له مسوغ أخلاقي أو قانوني أو سياسي، ورفع الإجراءات ضد غزة أولا من السلطة ضرورة عاجلة، وكذلك مواجهة دبلوماسية، وشعبية مع الاحتلال لرفع شامل للحصار.

8. يمثل التواجد الفلسطيني في داخل الأرض المحتلة48 إشراقة أمل على طريق اسقاط #بلفور105 ، حيث أنه دليل أثبات للوجود الفلسطيني رغم حملات التهجير والتطهير. ورسالة الوجود الفلسطيني فضلاً عن إسقاط دعوى شعب بلا أرض لأرض بلا شعب، فإنها أيضاً تثبيت للوجود الفلسطيني الذي يمثل تهديد دائم من قلب الكيان لوجوده، فضلاً عن القيمة المترتبة على تذكير الاحتلال والعالم أننا باقون ما بقى الزعتر والزيتون، وهذا يستدعي رؤية لتوظيف الوجود الفلسطيني في مواجهة آثار وعد بلفور.

9.  إقامة #دولة_فلسطينية في حدود 67 دون التفريط أو إعلان التنازل عن بقية الأرض الفلسطينية يمثل محطة مهمة لإسقاط وعد بلفور، باعتبارها الحاضنة للحلم الفلسطيني في ظل التيه الفلسطيني في صحراء العرب، وقد تمثل غزة بمساحتها الضيقة مأوى لهذا الحلم في إعادة دورة الزمن لصالح الحق الفلسطيني، وابطال وعد بلفور باعتبارها أول أرض فلسطينية محررة رغم الحصار والعدوان وذلك على قاعدة لا دولة في غزة ولا دولة بدون غزة.

10. التحولات الإقليمية والاضطراب الذي تحياه المنطقة لا ينبغي أن يكون على حساب فلسطين، وقضتيها، وذلك يحتاج استراتيجية عربية موحدة لأكبر عدد ممكن لمواجهة التحديات التي تهدد الأمن القومي العربي، وذلك عبر حاضنة تحوز ثقة الجماهير العربية والإسلامي ولعل قمة الجزائر العربية مؤخرا مؤشر إيجابي في ذلك، ومن هنا دعوتنا للإتلاف قائمة، وتبنيها المباشر للقضية الفلسطينية على أساس مشروع فلسطيني عربي إسلامي جامع عنوانه (حلف العودة)، والتصدي للحملة الدعائية اليهودية، وتشكيل لوبي لمواجهة استهداف الوعي العربي عبـر دبلوماسية رسمية، وشعبية،  وما يحقق إسناداً لهذا السلوك منظومة علاقات دولية خاصة مع الشعوب الغربية التي بدأت تنضح لصالح الحق الفلسطيني رغم سنوات التشويه والتشويش الإعلامي، عبر الاستحواذ اليهودي الإعلامي على الإمبراطوريات الإعلامية.

النضال الفلسطيني في مواجهة وعد بلفور تنوعت عبر قرن من الزمن وتم تقديم تضحيات جسام، وتقويض مبررات وجود الكيان الصهيوني عبر وسائل أساليب عدة سواء عسكرياً وسياسياً واعلامياً وأمنياً وقانونياً واقتصادياً داخلياً وخارجياً، وهذا يحتاج مزاوجة ذكية وإدارة صراع حكيمة بين المقاومة كذراع والسياسة كوعاء يحصد ثمار الفعل الميداني، حيث أن البنادق غير المسيسة قاطعة طريق.

وهذا يستدعي من الكل الفلسطيني على توحيد الاستراتيجية الوطنية من اجل مواجهة ما ترتب على هذا الوعد من آثار وتداعيات لازال الشعب الفلسطيني يعيش مرارتها من ضياع للأرض وتهجير الانسان.

" وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ " (يوسف: 21)

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)