- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
د. عبد الله خليفة الشايجي يكتب: السعودية تعزز دورها القيادي في الشرق الأوسط
د. عبد الله خليفة الشايجي يكتب: السعودية تعزز دورها القيادي في الشرق الأوسط
- 25 سبتمبر 2023, 2:12:56 م
- 571
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لا يمكن إغفال الصعود السعودي في شتى القضايا والملفات الخليجية والعربية والإقليمية والدولية. فرضت السعودية نفسها لاعباً مؤثراً في التهدئة والمصالحات الإقليمية والانتقال من مرحلة المواجهات والحرب الباردة خاصة مع إيران وأذرعها لعقد، من اليمن إلى العراق ومن الخليج إلى المتوسط، إلى أولوية التهدئة والاستقرار والتنمية المستدامة لتحقيق رؤية السعودية 2030 بخفض الاعتماد على عوائد الطاقة وتنويع مصادر الدخل وتحويل السعودية لمركز استقطاب مالي واستثماري وسياحة دينية وثقافية ورياضية، واستقطاب أبرز النجوم بشتى أنواع الرياضة والترفيه- واستضافة كبرى مسابقات الدوريات والأحداث الرياضية والطموح لاستضافة كأس العالم 2030.
تساعد السعودية على فرض نفسها لاعبا مؤثرا، قدراتها المميزة بامتلاك أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يتجاوز1 تريليون دولار للمرة الأولى في تاريخها، وأكبر ميزانية، وأكبر دولة مصدرة للنفط، وعضو في مجموعة العشرين لأكبر اقتصاديات العالم. وانضمام السعودية مع الإمارات ومصر لمجموعة بريكس لأكبر اقتصاديات ناشئة، والتي توفر بديلاً مقنعاً ومغرياً بقيادة الصين وروسيا يتحدى نفوذ الغرب بمؤسساته المالية والاقتصادية.
برزت السعودية لاعباً مؤثراً في ملف انتاج وتصدير النفط والطاقة بصفة السعودية الدولة الأولى المصدرة للنفط في العالم ومن أكبر الدول المنتجة للنفط مع الولايات المتحدة وروسيا
لذلك شكلت استضافة قناة فوكس نيوز الإخبارية الأمريكية- الأكثر متابعة أمريكياً- بميولها اليمينية المقربة من الحزب الجمهوري واليمين الأمريكي- قبل أيام لولي العهد ورئيس الوزراء السعودي الأمير محمد بن سلمان-حدثاً فريداً ومهماً لجرأة الطرح وتغطية العديد من الملفات المهمة. وحظيت المقابلة بتغطية وتحليل واسعين، خاصة في الإعلام السعودي والإعلام الأمريكي والعربي، برغم كون المقابلة مسجلة. وتعمد ولي العهد السعودي إجراءها باللغة الإنكليزية بالكامل للمرة الأولى ليوصل رسائل لصناع القرار وللرأي العام الأمريكي والغربي بأن الجيل السعودي الحاكم السعودي المستقبلي منفتح ومطلع. وهذه صورة السعودية ومسارها الجديد.
بدأ التحول الجذري في مقاربات السعودية لتصفير المشاكل وحل أزمات المنطقة، بقيادتها للمصالحة الخليجية وإنهاء الأزمة الخليجية بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر من طرف وقطر من طرف آخرفي يناير 2021. تبعته هدنة في اليمن، ومصالحة مع إيران، وذلك لرغبة ولي العهد السعودي بتحويل منطقة الشرق الأوسط لمنطقة مستقرة لتحقيق التنمية المستدامة.
كذلك شكل إنجاح السعودية وإيران وساطة الصين لإعادة العلاقات بين السعودية وإيران هذا العام منهية 7 سنوات عجاف من المواجهات والحرب الباردة في الشرق الأوسط بين السعودية وإيران. وفي رسالة واضحة للولايات المتحدة بأن للسعودية خيارات وبدائل. وهو ما دفع السعودية لمطالبة إدارة بايدن كجزء من الصفقة الكبرى للتطبيع مع إسرائيل باتفاق دفاعي ملزم لأمريكا-ودعم برنامج نووي سلمي وتنازلات إسرائيلية واسعة للفلسطينيين كشروط لتطبيع السعودية.
وهذا ما سطرته بالتفصيل في مقالي الأسبوعي في القدس العربي في 11 سبتمبر الماضي: «عقبات أمام صفقة التطبيع الكبرى بين السعودية وإيران». وخلال الأسبوعين الماضيين تكثفت التسريبات والتعليقات والتصريحات التي تؤكد ما ذهبت إليه في مقالي. وأكدها الرئيس الأمريكي جو بايدن ومستشار الأمن الوطني الأمريكي جيك سوليفان وحتى نتنياهو في أول اجتماع له مع الرئيس بايدن على هامش الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة. وتأكيد نتنياهو في كلمته «اقتراب إسرائيل التوصل لاتفاق سلام مع السعودية بقيادة الرئيس بايدن». وكذلك تأكيد ولي العهد- رئيس الوزراء الأمير محمد بن سلمان في مقابلته مع شبكة فوكس نيوز- : «كل يوم نقترب أكثر من تطبيع العلاقات مع إسرائيل». «وإذا تحقق ذلك سيكون أكبر اختراق منذ نهاية الحرب الباردة، ويوفر حياة كريمة للفلسطينيين». وذلك بدعم ومباركة إدارة بايدن لتحقيق اختراق تاريخي بين السعودية صاحبة «المبادرة العربية للقمة العربية في بيروت 2002». لكن دون ذلك تحديات كبيرة ومعقدة.
رسخت السعودية مكانتها باستضافة قمم خليجية وعربية ودولية، وإعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية في القمة العربية في جدة في مايو 2023-واستضافة الرئيس الصيني في السعودية- والقمم الخليجية الأخيرة من العلا إلى الرياض وجدة، وكسر جمود الحرب الباردة مع تركيا وزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن صيف 2022 برغم تعهده عام 2018 بعد مقتل خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول- بجعل السعودية دولة «منبوذة»-ليخضع ويقوم بزيارتها- ويلتقي بايدن مع الأمير محمد بن سلمان على هامش قمة العشرين في الهند قبل أسابيع.
كذلك نجحت السعودية بمفاوضات ماراثونية بوقف غير رسمي للحرب في اليمن مع الحوثيين في أطول هدنة غير رسمية منذ أكتوبر 2022- وحققت اختراقا كبيرا باستضافة وفد من الحوثيين في الرياض، للمرة الأولى مرة منذ انطلاق عاصفة الحزم في مارس 2015 في مفاوضات لوقف إطلاق النار بشكل دائم!
وبرزت السعودية لاعباً مؤثراً في ملف انتاج وتصدير النفط والطاقة بصفة السعودية الدولة الأولى المصدرة للنفط في العالم ومن أكبر الدول المنتجة للنفط مع الولايات المتحدة وروسيا. وتبقى السعودية اللاعب المرجح والموازن في أمن الطاقة وتتشارك مع روسيا في قيادة مجموعة أوبك بلس-ل23 دولة تضم منظمة الأقطار المصدرة للنفط أوبك و10 دول من خارج أوبك بقيادة روسيا-التي في تحد للغرب ومطالب وإلحاح إدارة بايدن في الخريف الماضي بزيادة انتاج النفط- رفضت المجموعة بل خفضت انتاج النفط، كذلك خفضت مجموعة أوبك بلس انتاج النفط حتى نهاية عام 2023. بسبب تفاعل عدة عوامل- بقيادة السعودية وروسيا، بخفض انتاج النفط بواقع 2.5 مليون برميل نفط يومياً- حصة السعودية وروسيا 1.3 مليون برميل يومياً، ما أجبر الولايات المتحدة والبرازيل وإيران على رفع انتاجهم النفطي. بالإضافة إلى ارتفاع الطلب على الطاقة في الصين واستمرار نمو الاقتصاد الأمريكي- ما أدى لرفع أسعار النفط بحوالي 40% لحوالي 95 دولارا لبرميل النفط منذ يونيو 2023 لتوازن أسواق الطاقة.
تلك العوامل مجتمعة تكرس وتعزز دور ومكانة السعودية كلاعب وقائد مؤثر في منطقة الشرق الأوسط.