-
℃ 11 تركيا
-
13 أبريل 2025
د. إبراهيم جلال فضلون يكتب: السحر والساحر.. انقلاب تطبيع خاسر
د. إبراهيم جلال فضلون يكتب: السحر والساحر.. انقلاب تطبيع خاسر
-
11 أبريل 2025, 2:06:19 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ليس من الشطارة أن ترمي نفسك أمام الموت لأننا نستفيد منك أكثر وأنت حي، قاعدة عاش عليها ترامب وأمثاله، لكن غدر الأخطاء وزلات اللسان حاضرة وقاتلة، وكأن الحياة قاعدتها "لا أغفر الخيانة".. هكذا العالم القوى استولى سحرة التجارة وألاعيبها من أغبياء العالم لا أقويائه ممن يمتلكون العقول الحقيقية لإدارة البلاد والعباد، على اهتمام الناس منذ قديم الزمان، وصلوا إلى مهابة جعلتهم يحتلون مراتب قيادية، دون رجوع الأمر لله الواحد، كما قال تعالى: “فظنوا أنهم قادرون عليها".
وكأننا أمام "شامان" الساحر النابغة كما يسمونه في القبائل البدائية، ليبرز الدور الماسوني وميلشياتها مع صفقات "التطبيع" الخاسرة في تاريخ المسلمين، ومن قبلها سلاطين تنصّروا لحفظ عروشهم، وآخرون سلّموا القدس مرتين وباعوا الأندلس بالتقسيط.. ليتعلم منهم الغربيين وتجار المصالح، التي ستقضى على الاتحاد الأمريكي بالتفكك والانهيار كما انهار الاتحاد السوفيتي، ودول عُظمى، مُنقلبة في صورة حركات الاستقلال على خلفية الانقسامات السياسية الشديدة بين الديمقراطيين والجمهوريين على المستوى الفيدرالي، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها لعام 2020.. في مبادرة مستوحاة من تجربة «بريكست» البريطانية، والتي تهدف إلى طرح سؤال على الناخبين في اقتراع عام: "هل يجب أن تصبح كاليفورنيا دولة مستقلة؟.
يرى من بقي من العقلاء بين الاستراتيجيين الجمهوريين أخطار الإدارة المتغابية الانتقال من طلب الدولة العميقة وأصحاب "الخبرة والكفاية والمؤهلات" إلى طلب الدولة المتهالكة والذين يريدون القنابل ويفجرون الأشياء.. منذ إعلان ترامب تحديه للعالم وغريلاند وقناة بنما لفرض الجمارك للتلاعب بالأعصاب والنفوس لكن صدق الله تعالي (وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ ۖ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) الآية41 سورة العنكبوت.
إنها تصريحات الرئيس الأميركي الجدلية عن كاليفورنيا، غزة ونقاشه حول حقوق الإنسان، لكنها قد تبدو أقرب إلى سياسة "التطهير العرقي"، لتنتفض أكبر ولايات أميركا المحروقة مؤخراً والغنية بمواردها والتي بدونها لانتهت (ماما أميركا)، التي بدت منذ ظهورها بشخصية الساحر وامتلاكه قدرة استثنائية تفوق قدرات البشر العاديين فحين اكتشف كولومبوس القارة الأميركية بأصولها الهنود الحمر، اعتمد على زرع الخوف والجبن في نفوس سكانها فارتاعوا من فكرة (الكسوف)، وظنوه ناجما عن قدرة كولومبوس الخارقة على إخفاء نور الشمس، ثم إعادة نور الشمس للإشراق.
بالتالي، ركع الهنود قابلين قائد الغزاة حاكما مقدسا.. فالتهديدات والإهانات ورمي قبعات تحمل الشعار "اجعل أميركا عظيمة مجدداً" على الجمهور المُغيب أخفت حقيقة الشعبوية الترامبية التجارية وأن الاستراتيجية الاقتصادية تنقلب رأساً على عقب بمقامرة ترامب بالاقتصاد الأميركي وفرض الجمارك المتداعية عليها أولا.. فخرجت المظاهرات في أنحائها ضد ترامب وماسك الإفريقي منقلبين على بعضهما والسبب طفلاً، لكن الأهم أن كليهما عقول لا تحكم بل قلوب ميته لا تقبل للإنسانية مكان ولا حياه في قطاع غزة وأبطاله، فالعالم الذي يريده ترامب هو "عالم التحول نحو القائد القوي والأمة العظيمة والحضارة المتفوقة"، وليس هذا نتاج اندفاعات ارتجالية بمقدار ما هو جزء من تخطيط. ماسوني خبيث، فترامب هو الإمبراطور بإذعان الآخرين. كما يُلاعب مودي "القومية الهندوسية" كأيديولوجيا مهيمنة في الهند، وأردوغان نقل تركيا "من ديمقراطية حزبية إلى عرض رجل واحد أوتوقراطي"، تسبب بخسائر الأسواق العالمية والأسهم بسبب تهوراته التجارية التي قد لا تؤتي ثمارها...
إن التحديات كبيرة في طريق ترامب ففي الداخل، لا يمكن أن يتلاعب بمليوني موظف فيدرالي وحزب ديمقراطي يلتقط أنفاسه ونخبة مجروحة. ومحيطه الخارجي من كاليفورنيا التي تُعلن خلع عباءة الشعبوية الأمريكية، وجرينلاند وبنما وغيرهم، لا سيما الشرق الأوسط المُلتهب، في مشهد مُوقت لا أكثر في ظاهره الهيمنة الأمريكية الصهيونية، لكن باطنه قصة شعب جبار انتصر بإرادته وعزيمة مملوء بالصعاب والتضاريس السياسية العصية على الكاوبوي الأميركي المغتصب وتابعه الإسرائيلي المحتل... حتى النووي الإيراني وتوسع الذي انتصر بالمنطقة بعد سقوط الأسد، فهيهات للنصر الأمريكي الذي لم ينتصر في حرب دخلها والدليل أفغانستان والصومال والعراق وفيتنام وغيرهم كثير، ليخرج علينا شعبوي اقتحم الكابيتول بإرهابيين ويزعم أن الأميركيين تعرضوا إلى "نهب" و"اغتصاب" و"افتراس" من "محتالين أجانب" عبر فرض رسوم جمركية، وهو موقف يتعارض مع واقع ازدهار الاقتصاد الأميركي، مما يُمهد لفجوة كبرى وركود اقتصادي مشابه لما حدث في الثلاثينيات، بسبب هذه السياسات الحمائية التي ساهمت الرسوم الجمركية في تفجر الحرب العالمية الثانية.. والآن ستؤدي إلى حرب تجارية حقيقية الخاسر فيها أميركا ونهاية حتمية.







