-
℃ 11 تركيا
-
13 أبريل 2025
سجاد الياسري يكتب: عيد أكيتو.. بين بابل الماضي وحضور التاريخ في الحاضر
سجاد الياسري يكتب: عيد أكيتو.. بين بابل الماضي وحضور التاريخ في الحاضر
-
11 أبريل 2025, 3:51:55 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في مطلع شهر أبريل/نيسان من كل عام، تتردد أصداء التاريخ من أعماق حضارات ما بين النهرين، معلنة عن ميلادٍ جديد للأرض والحياة، في احتفالٍ عريق يُعرف باسم عيد أكيتو. هذا العيد، الذي يُعد من أقدم الأعياد في التاريخ البشري، كان يحتفل به السومريون والأكديون ثم البابليون والآشوريون في بلاد ما بين النهرين، معلنين بداية السنة الجديدة وانبعاث الخصب والنماء من رحم الشتاء.
أكيتو في بابل: طقوس مقدسة ومراسيم ملكية
في بابل، كان عيد أكيتو يُحتفل به في أول أيام شهر أبريل/نيسان، ويستمر لمدة 12 يومًا، ويمثل مناسبة دينية وسياسية كبرى. كان الملك يُجرد من رموزه الملكية، ويقف أمام تمثال الإله “مردوخ” ليؤكد خضوعه للإرادة الإلهية وتجديد شرعيته. تُقرأ خلال الطقوس أسطورة الخلق البابلية “إنوما إليش”، التي تروي انتصار مردوخ على قوى الفوضى، في مشهد يرمز إلى انتصار النظام والخصب على الفوضى واليباس.
كما كان يُقام موكب مهيب يُنقل فيه تمثال الإله من معبده في مدينة بابل إلى بيت أكيتو خارج المدينة، حيث تتم الطقوس الاحتفالية، في مشهد يجسد تلاحم الدين بالحياة والسياسة، ويعكس عمق الوعي البابلي بدورة الطبيعة والكون.
أكيتو في الحاضر: هوية تتجدد
رغم مرور آلاف السنين، لا يزال عيد أكيتو يُحتفل به حتى اليوم بين أبناء الشعوب الآشورية والكلدانية والسريانية، سواء في العراق أو في المهجر. يُعد العيد رمزًا للهوية الثقافية والوجود التاريخي، وتُقام فيه مسيرات شعبية واحتفالات تتخللها الأغاني والرقصات واللباس التقليدي، إلى جانب الكلمات التي تؤكد على السلام والتعايش والانتماء.
وفي المدن العراقية مثل دهوك وأربيل، تشهد احتفالات أكيتو مشاركة جماهيرية كبيرة، حيث تتحول المناسبة إلى فرصة لتجديد الارتباط بالتراث والمطالبة بالحقوق الثقافية، في ظل تحديات الحاضر.
بين الماضي والحاضر: أكيتو يروي قصة حضارة
عيد أكيتو ليس مجرد مناسبة احتفالية، بل هو شهادة حية على حضارة ساهمت في تشكيل التاريخ الإنساني. من معابد بابل إلى شوارع أربيل، لا يزال أكيتو يُعيد سرد الحكاية الأولى للإنسان حين رفع عينيه نحو السماء واحتفل بالحياة.
إنه عيدٌ يعيد التذكير بأن الحاضر لا ينفصل عن الجذور، وأن في طقوس الأجداد ما يضيء دروب المستقبل. وها هي اليوم بابل تحتفل بعيد الاكيد باحتفال بهية وضخم.








