د. إبراهيم جلال فضلون يكتب: أمريكا تتراجع.. والعالم لا ينتظرُ أحدًا

profile
د. إبراهيم جلال فضلون أستاذ العلاقات الدولية
  • clock 15 أبريل 2025, 9:20:58 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
ترامب

"لن يفلت أحد من العقاب".. جملة من الصواعق فيما يُعرف في علم النفس الجمعي، بـ "الذاكرة الجريحة"، لتاريخ أمريكي مُلتهب كطوفان الأقصى لكنه فقط في الاسم، فطوفان الغضب الأمريكي ضد ترامب وساكني البيت الأغبر، طوفان صحوي لغلبة الأغنياء ورفض فكرة (أن لا حياة للفقراء) في الفترة الأخيرة، ويكافح البيت الأبيض لتهدئة الأسواق العالمية بعد إطلاق حرب تجارية متعددة الجبهات كـ أداء نفسي رمزي، يوظف فيه ترامب كـ"مُثبت للشرعية"، و"مرآة للعظمة"، و"حليف أبوي" يرضي حاجات نفسية لدى الجمهور. لكن (الإتاوات الترامبية)، وصولاً إلى قرار إعفاء الهواتف الذكية والحواسيب من الرسوم الجمركية الإضافية التي كانت مفروضة على المنتجات المستوردة من الصين، والتي تشمل الرسوم البالغة 125 %، بعد زيادة الرسوم لتعرفة جمركية إضافية بنسبة 145 في المئة، قد يُخفف من تأثير التكلفة على المستهلكين الأمريكيين ويقلل من اضطراب سلاسل التوريد العالمية، خاصة في قطاع التكنولوجيا.. أما أشباه الموصلات فهي معفاة أصلا من هذه التعرفة وكذلك من الرسم الإضافي البالغ 10 في المئة والذي يسري على معظم شركاء واشنطن التجاريين. 

وذكر وانج لمدير منظمة التجارة العالمية ناجوزي اونكونج، أن الإجراءات المضادة الحاسمة التي تتخذها بكين تهدف إلى حماية حقوقها ومصالحها المشروعة، والحفاظ على العدالة والإنصاف في المجتمع الدولي الذي يجب الاتحاد في مواجهة الأحادية الحمائية، عبر التعاون المفتوح والتعددية، جعلت أمريكا ترضخ ببعض الاستثناءات التي أثارت ارتياحًا في قطاع التكنولوجيا، وأدت إلى توقعات بارتفاع أسهم التكنولوجيا عند افتتاح الأسواق.. لشركات كبرى مثل أبل وإنفيديا ومايكروسوفت، ويأتي بعد أسبوع من الاضطرابات الشديدة في الأسواق الأمريكية بعد أن أطلق ترامب حربًا تجارية في “يوم التحرير” الثاني من أبريل، كتغذية نرجسية تتناغم مع مفهوم في علم النفس يُعرف بـ "النرجسية الاستعراضية" مُستخدمًا العلاقات لا كروابط إنسانية بل كـ"عناصر ديكور"، وهو ما أثار قلق المستثمرين العالميين وأثار موجة من التراجع في سوق الأسهم، وهروب المستثمرين والشركات.

 

ولكن كبار مسؤولي إدارة ترامب أصروا، على أن الإعفاء مؤقت وجزء من الخطة الحالية لمراجعة الآثار الأمنية القومية لاستيراد أشباه الموصلات، وهي الرقائق التي تُشغّل العديد من الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، قائلين: "إن التعريفات الجمركية الجديدة ستدخل حيز التنفيذ بمجرد انتهاء المراجعة، وهو ما أشار إليه وزير التجارة هوارد لوتنيك بأنه قد يستغرق ما بين شهر وشهرين".

وكأنها فرصة لإعطاء الفرص لترتيب الشركات أوضاعها حيثُ رحّبت شركة أبل بشكل خاص بإعفاء الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر، إذ يتركز الجزء الأكبر من سلسلة توريدها في الصين، فهناك حوالي 80% من هواتف آيفون لا تزال تُصنّع في الصين، رغم سعي الشركة التكنولوجية لتنويع إنتاجها وتوجيهه إلى الهند في السنوات الأخيرة.

عالمياً: يتوقع خبراء الاقتصاد والتكنولوجيا أن يؤدي هذا القرار إلى:

  • انخفاض محتمل في أسعار الأجهزة الإلكترونية بنسبة 5-10%
  • تحسن في هوامش ربح الشركات المصنعة
  • زيادة في حجم المبيعات خلال الربع الثاني من 2025
  • تحفيز الابتكار في قطاع أشباه الموصلات

ولا ننسي أن «فيتش» خفّضت توقعاتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي في مارس 2025 إلى 2.3 % للعام الحالي، و2.2 % في عام 2026، وأن «المخاطر تميل نحو تباطؤ أكثر حدة، مما قد يُشكّل ضغطًا على أسعار السلع العالمية، ومنها النفط...

عربياً: رغم أن القرار الأمريكي يستهدف السوق المحلي بشكل أساسي، إلا أن له تأثير غير مباشر على الأسواق العربية الناجمة عن انخفاض أسعار النفط نتيجة ضعف نشاط الاقتصادي العالمي، مما تؤدي إلى انخفاض الإنفاق الحكومي، و«ستكون عاملًا رئيسياً» في الأداء العام للاقتصاد الكلي والقطاع المصرفي الخليحي، وكذلك المصارف صنفت «فيتش» بنوك الإمارات عند «إيه إيه-» بنظرة مستقبلية مستقرة، وقطر عند «إيه إيه» بنظرة مستقبلية مستقرة، والكويت «إيه إيه-» /مستقرة، وعمان «بي بي+» /إيجابي. فمثلًا فالمصارف السعودية تتمتع بسجلات ائتمانية أقوى وتصنيفات أعلى في المنطقة، وبالتالي الأثر يكون من خلال:

  • انخفاض أسعار الأجهزة المستوردة من أمريكا
  • زيادة المنافسة بين الموردين
  • ظهور عروض ترويجية جديدة من الشركات المصنعة
  • تحسن في توافر بعض موديلات الهواتف النادرة

أما بالنسبة لمصر، فإن تأثير الرسوم الجمركية يعتمد على السياسات المحلية ومدى ارتباطها بالتجارة العالمية. إذا استمرت التوترات التجارية بين الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين، فقد يكون هناك تأثير على الأسعار العالمية، مما قد ينعكس على السوق المصري. ومع ذلك، فإن الإعفاءات الأخيرة قد تساعد في تخفيف بعض الضغوط على الأسواق العالمية. لكن في مصر قد تؤدي إلى ارتفاع ملحوظ في الأسعار، حيث تم تحديد نسبة الجمارك على الأجهزة المستوردة بحوالي 38.5% من قيمة الجهاز، وهو قرار يهدف إلى تقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة وتشجيع الصناعة المحلية، مما قد يخلق فرص عمل جديدة ويعزز الاقتصاد المحلي، أما بالنسبة للمستهلكين، يمكن أن يؤدي هذا إلى زيادة الطلب على الأجهزة المستعملة كبديل أرخص، أو التوجه نحو المنتجات المحلية التي قد تكون بأسعار تنافسية. كما أن هناك تطبيقًا يسمى "تليفوني" يساعد المستخدمين على تسجيل أجهزتهم ودفع الرسوم الجمركية بسهولة.

 

ونصيحتي للمستهلكين عند شراء أجهزة إلكترونية جديدة مستقبلاً بما يلي:

  • مراقبة الأسعار خلال الأسابيع القادمة
  • مقارنة الأسعار بين المتاجر المختلفة
  • الانتظار قليلاً لظهور العروض الترويجية
  • التحقق من بلد المنشأ للاستفادة من التخفيضات

إن الهوية الجمعية، كما يُسميه علم النفس بـ "التمزق الهوياتي"، خلقت انطباعًا نفسيًا بالترهل والإهتزازية في تلك "القيادة الحكيمة الواقعية".

 

التعليقات (0)