د. أميرة حبارير تكتب: حرافيش البيت الأبيض

profile
  • clock 3 مارس 2025, 11:15:07 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
د. أميرة حبارير تكتب: حرافيش البيت الأبيض

أثارت ضبابية ترامب، وفريقه البيضاوي، مزيدًا من الارتباك للإعلاميين والعالم قبل زيلينسكي نفسهُ، الذي كان يسعى لإقناع واشنطن بالقبول بدخول بلاده إلى حلف الناتو، خاصة في ظل التفوق العسكري لموسكو في الحرب، حاضراً للتوقيع على أكبر صفقة للمعادن النادرة التي تمتلك أوكرانيا من جملة الثلاثين معدناً 21 معدن، ليكون اللقاء درس قاس في السياسة الواقعية ودورة تدريبية مكثفة في علم النفس التطبيقي.. وبالفعل تبدوا "معركة تلفزيونية بين نجمين محترفين في الأداء الإعلامي"، فالأول مقدم برامج ومعهُ (مُعد البرنامج) نائبه جيه دي فانس في مواجهة الثاني ممثل أو (مشخصاتي في شخصية كاريزمية عنيده أحيانًا)، أوحت لغة الجسد للمواجهة أن كلاهما يدرك كيفية استخدام التلفزيون لصالحه، مما جعل المشهد أقرب إلى "حلقة درامية من مسلسل سياسي سخيف بدا التخبط الأمريكيين والضعف الأوكراني، وكما نعت التاجر زيلينسكي بـ"أفضل بائع مُتجول في التاريخ"، يعرف العالم أن العقاري تاجر شنطة يتجول بها بأروقة اللقاءات والدول، وكأنه سمسار، لكنه رجل لديه خبرة لا حصر لها في المشادات التي تنطوي على الإهانة والإذلال.

لم يكن ترامب مغرماً أبداً بأوكرانيا أو زيلينسكي نفسه، لتبدوا جلسة الزعيمين بوضعية "المرآة" مُتشابهة، حيث تشابكت أيديهما بنفس الطريقة، وهي تقنية لا واعية تعكس وجود تواصل أو انسجام بين الطرفين بلا إرادة، بدت على زيلينسكي  مُتكيفاً مع دوره كرئيس في زمن الحرب للبقاء في موقع القوة، بحركة تقنية يُجاري فيها حرافيش البيت الأبيض من حوله ومجاراة لترامب وتجنب الظهور بموقف الطرف الأضعف، خلافا لما فعله زعيم بريطاني آخر، كير ستارمر، الذي ظهر أقل ثقة في مواجهته مع ترامب في كوميديا فنية، بشكل كبير كنوع من الهروب من الحياة الروتينيه وحروب بلده، التي فاز برئاستها بعد درامته التلفزيونيه فى خادم الشعب عام ٢٠١٥ وصنعت له حقيقة غير متوقعة خلقت له فوز ساحق على منافسه، لكنهُ لم يفهم تماماً القواعد الجديدة للعبة في أمريكا وجره للفخ، حيثً يمكنه أن يُضايق الشعبوى ترامب الذي توقع الخضوع لا التعاون مستخدماً مهاراته التمثيلية في العلن وأمام الكاميرات، كما فعل ماكرون وستارمر، لكن لم يستطع ترامب في اللقاء السيىء في التاريخ الأمريكي والدولي، التخلى وعدم إظهار لعيوب شخصيته رغم أنه رجل أمريكا الأول ويعتبر من أهم رجال الأعمال فيها بعقله ذو الجاذبية القيادية التي ظهرت عليها مخاوفه من هذا اللقاء الضخم محاولًا دائمًا فرض سيطرته على الحوار رافضا الاعتراف بأي نقاط ضعف أو أخطاء، مما يعكس عدم قدرته على التعامل مع النقد، وهي سمة نرجسية معروفة، حاول قلب الطاولة فى الهجوم الشخصي، مثلما فعل عندما قال: أنت مجرد ممثل سابق فلا تتحدث عن الاستعراض!، واتهام زيلينسكي بأنه يعتمد على الدعم الخارجي.

هذا التبادل الساخن للكمات اللفظية، جعل العالم منزعجاً من سياسة "الفتونة البيضاوية"، وعدم احترام شرطي العالم الذي بدا في اندفاعه بفريق شعبوي يفتقر إلى الإدارة السياسية للبلاد، التي تفقد احترام الجميع لاسيما في تعاطفه مع دولة الاحتلال التي جرمت أفعاله المحكمة الدولية ومجلس الأمن، ولا رادع لهمجتهم الفظة، في النبرة والأسلوب اللذين قد يكونان فعالين سياسياً إلا أنهما فاشلين إنسانياً ودولياً، فالفتونة صارت سمة عالمنا الذي نعيش فيه اليوم، ولا يسعنا إلا أن نأمل في صحوة سريعة.

 

 

 

التعليقات (0)