- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
جلال نشوان يكتب: فوز ماكرون ، وأمركة المجتمع الفرنسي
جلال نشوان يكتب: فوز ماكرون ، وأمركة المجتمع الفرنسي
- 25 أبريل 2022, 11:35:46 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كان واضحاً أمس. أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية ، وفروا كافة السبل وتهيئة الظروف والأجواء ، لإنجاح الرئيس الفرنسي ماكرون ، وما يلحظه قارئ المشهد ، حجم الارتياح الأوروبي والأمريكي ، لهذا الفوز ، ورغم هذا الفوز يلحظ قارئ المشهد السياسي الفرنسي ، حجم الأصوات الكبير الذي حصدته ( مارين لوبان ) التي وضحت حقيقة لا يمكن إغفالها وهي صعود اليمين المتطرف الذي بات قوسين أو أدنى من اعتلائه سدة الحكم ، في قادم الأيام
وكان واضحاً أيضا أن الناخب الفرنسي كان له الخيار بين رؤيتين متضاربتين ، في السياسة الداخلية أو الخارجية. حيث وصفت وسائل الإعلام، في الأيام الأخيرة ، الانتخابات الرئاسية ، بأنها تشكل الحجر الأساسي للديمقراطية الفرنسية ، وبالتاريخية ، نظرا للحرب الدائرة على الأراضي الأوكرانية ، وكذلك لحجم الصعوبات الداخلية الاقتصادية والمجتمعية والانقسامات المتفاقمة سياسيا. وفي الحقيقة :
انتاب الناخب الفرنسي ، تخوفاً كبيراً ، لأن فوز مارين لوبان مرشحة اليمين المتطرف وهذا التخوف ، فحواه أن فوز لوبن يعني إدخال فرنسا في متاهات شبيهة بما عرفته بريطانيا مع (البريكسيت) وكذلك الولايات المتحدة مع فوز دونالد ترمب. وبالمقابل، فإن نجاح ماكرون يعني إعادة تجريب المجرب وفي الحالتين ، ستشهد في قادم الأيام اهتزازات اجتماعية وسياسية ومزيد من التشرذم وما سيزيد من فداحتها التدهور الاقتصادي ، الاجتماعي المتمثل بغلاء الأسعار وتدهور القوة الشرائية للطبقات الأقل ثراء واستقواء نزعات التطرف يمينا ويسارا.
وهنا يداهمنا السؤال الأكثر إلحاحاً :
ما تفسير هذه العوامل و النسبة المرتفعة لمقاطعة الانتخابات ، خاصة الشباب الذين المح عنهم ، ماكرون في خطاب الفوز ؟
شريحة الشباب ، يتطلعون إلى أفكار أكثر ليبرالية ، فما تم طرحه من برامج سياسية ، لم تشف غليلهم ، ثم أن المعروض سياسيا ماكرون ولوبن وما يمثلان لا يلقيان هوى لدى المقاطعين أو الذين فضلوا رمي ورقة بيضاء في صناديق الاقتراع. ونتساءل أيضاً :
لماذا دعا ميلونشون مؤيديه الانتخاب لصالح ماكرون دون أن يصرح بذلك ؟ولماذا حثهم على حرمان لوبن من أصواتهم ؟
. اللافت للنظر ، أن حزب الجمهوريين اليميني المعتدل الذي خرجت ممثلته فاليري بيكريس من المنافسة من الجولة الأولى، اعتمد جماعيا الاستراتيجية نفسها لليسار المتشدد، بينما دعت مجموعة من قادته للاقتراع لصالح ماكرون ومنهم بيكريس نفسها.
وفي الحقيقة ، كان ماكرون يرغب بإقامة تجمعاً سياسياً عريضاً ، يضم كل المكونات السياسية التي وقفت إلى جانبه قبل الجولة الأولى وما بين الدورتين الأولى والثانية ومن بينها الشخصيات اليمينية التي أيدته بحيث يضمن له أكثرية برلمانية مريحة بمناسبة الانتخابات النيابية التي ستجرى في يونيو حزيران القادم.
المجتمع الفرنسي مقبلاً ، على تغيرات كبيرة ، وهي أمركة المجتمع الفرنسي ، إذ كيف نفسر الاستثمار في المدارس ، وليس في التعليم ؟
منافسة ماكرون، مرشحة اليمين المتطرف، (مارين لوبن) أقرت بالهزيمة وقدمت له التهنئة. كما رحّب رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي، شارل ميشال، بفوز ماكرون، وقال إن الاتحاد الأوروبي يمكنه التعويل على فرنسا لـ5 أعوام إضافية . وكانت غالبية الأوروبيين قد دعمت ماكرون، وعبّرت عن قلقها من خيار آخر للفرنسيين، وكان بعض القادة قد دعوا علانية وكتابة إلى التصويت لصالحه، مثل المستشار الألماني ورئيسي وزراء إسبانيا والبرتغال.
لكن رغم الفوز المريح لماكرون، فإن شعبيته تقلصت إلى حد بعيد، حيث اكتسح انتخابات العام 2017 بحصوله على 66 في المائة من الأصوات.
ووسط انهيار الأحزاب التقليدية التي حكمت فرنسا ، اليمين المعتدل واليسار الاشتراكي منذ ستين عاما، فقد تغير المشهد السياسي بشكل جذري بحيث نشأت ثلاث كتل متساوية إلى حد بعيد: اثنتان على طرفي الخريطة السياسية «أقصى اليمين وأقصى اليسار» وأخرى وسطية «حزب ماكرون ومن نجح في اجتذابهم يمينا ويسارا ، ولأن ممثل كتلة اليسار المتشدد ، جان لوك ميلونشون خرج من السباق في الدورة الأولى، فإن ماكرون ولوبن دأبا على محاولة إغراء ناخبيه الذين يمثلون كتلة رئيسية كان لها دورها كما لنسبة مقاطعة الانتخابات، في تحديد
الارتياح الأوروبي والأمريكي ، يؤكد ، بما لا يدع مجالاً للشك إن حجم التحديات الذي يواجهه الغرب ، جعلته يدفع بثقله ، لفوز ماكرون
لكن السؤال يدعونا ، لماذا أعرب العرب عن ارتياحهم ؟
ماكرون أقام علاقات وثيقة مع العرب ، والأفارقة ، خاصة توريد السلاح ،الذي يدر دخلاً كبيراً على الميزانية الفرنسية ، أما مارين لوبان ،فقد انتصرت للهوية الفرنسية ، مصرحة بأنه أن الأوان لعودة فرنسا بقوتها وهيبتها والتخلص من المهاجرين ، وعلى خطى بريطانيا، عندما خرجت من الاتحاد الأوروبي
فوز ماكرون يعني الكثير من أسرار العلاقات الدولية ، القائمة على المصالح ، وكل يعرف مصلحته جيداً
اجتاز ماكرون العديد من الأزمات ومنها أزمة السترات الصفراء والكورونا ، بفضل الدعم الأمريكي والأوروبي ، خاصة على ضوء الأزمة الأوكرانية الروسية
أوروبا مقبلة على الكثير من المتغيرات وقادم الأيام يحمل في طياته الكثير وان غداً لناظره قريب