- ℃ 11 تركيا
- 19 نوفمبر 2024
تونسيون: حل سعيد مجلس القضاء شماعة لتغطية الفشل
تونسيون: حل سعيد مجلس القضاء شماعة لتغطية الفشل
- 14 فبراير 2022, 9:03:06 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تصاعد الجدل في تونس، مع إصدار الرئيس "قيس سعيد" مرسوماً بحل المجلس الأعلى للقضاء، واستحداثه مجلساً مؤقتاً بدلاً منه.
والسبت، أعلنت الرئاسة التونسية، أن "سعيد" وقع مرسوماً باستحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء، وذلك بعد إعلانه قبل أيام أن المجلس الحالي "أصبح من الماضي".
وكشفت تفاصيل المرسوم الذي أصدره "سعيد"، أنه يتضمن نصاً يحظر إضراب القضاة، وآخر يعطي الرئيس "الحق في طلب إعفاء كل قاض يخلّ بواجباته المهنية بناء على تقرير معلّل من رئيس الحكومة أو وزير العدل".
وجاءت هذه التطورات في وقت تشهد فيه البلاد أزمتين سياسية واقتصادية، بعد نحو 7 أشهر من إجراءات "سعيد" التي كان منها تجميد اختصاصات البرلمان والإعلان عن انتخابات مبكرة في 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وترؤسه للنيابة العامة وإقالة رئيس الحكومة وتشكيل أخرى جديدة عَيَّنَ هو رئيستها.
والمجلس الأعلى للقضاء، هيئة دستورية مستقلة من مهامها ضمان استقلالية القضاء ومحاسبة القضاة ومنحهم الترقيات المهنية.
ويُجدد الرّئيس التّونسي في كل مناسبة تأكيده أن "عمل القضاء هو وظيفة صلب الدّولة التّونسية وليس من دوره التّشريع" (أي أنه لا يسن القوانين بل يعمل بها).
وفي 7 فبراير/شباط الجاري قال "سعيد" إن حل مجلس القضاء يهدف "لتطهير البلاد (من الفساد)"، معتبراً أن "التّطهير لا يتم إلا بوجود قضاء عادل، الجميع متساوون أمامه، ليس كما يحصل اليوم حيث لا عقاب للمجرمين والبعض محتمٍ بأفراد تسللوا داخل السّلطة وداخل القضاء".
ويرفض مجلس القضاء (الذي حلّه "سعيد") القرار، ويؤكد أنه بتركيبته الحاليّة (قبل إعلان حلها) هو "المؤسسة الدستورية الشرعية الوحيدة الممثلة للسلطة القضائية" في البلاد.
ويسانده في هذا الموقف العديد من الهيئات الحقوقية غير الحكومية منها، "الجمعية التونسية للقضاة الشبان" و"جمعية القضاة التونسيين".
الطريقة "تعسفية"
واعتبر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي "نزار مقني"، أن "هذا الإجراء في لحظة من اللّحظات كان ضرُوريًا، لكن طريقة الحل المباشر من قبل الرئيس "سعيد" متعسفة من سلطة على سلطة أخرى".
وأضاف: "في محصلة نهائية يبدو أن الدّافع الرّئيسي لإصرار "سعيد" على قراره هو إتمام القطيعة النهائية مع منظومة ما قبل 25 يوليو/تموز، لأنها وجّهت القضاء لخدمة أغراض سياسية لا لخدمة الشعب".
ويرى "مقني" أن "الإصلاح يمكن أن يتم بطريقة أخرى غير الحلّ المباشر" مقترحاً أن "تأتي المبادرة من القضاة أنفسهم بإجراء حوار داخلي يضم المتداخلين في هذا القطاع من قضاة ومحامين وعدول تنفيذ، لتعديل القوانين الجاري العمل بها، والابتعاد عن شبهات المحسوبية وخدمة أطراف سياسية على حساب أخرى".
وأشار إلى أن "طريقة الإصلاح لا يجب أن تكون بهذا الشكل (الحلّ المباشر للمجلس)".
وتابع: "اعتماد هذه الطريقة قد يضع الرّئيس في صورة الباحث عن جمع السلطات بيد واحدة، إن كان هو أو المحيطون به لأهداف خاصة بهم وهم من يشكلون سبب تخوف، لكن ذلك لن يحصل وحرية الكلمة والإعلام موجودان حتى تتعافى تونس وتتجاوز أزمتها الحالية".
شماعة لتغطية الفشل
من جهته يرى الصحفي والمحلل السياسي "صالح عطية" أن "الرئيس قيس "سعيد" جمد البرلمان وحل الحكومة قبل 7 أشهر واستحوذ على السّلطة التنفيذية بشقيها كما وضع يده على السلطة التشريعية، لتبقى السلطة القضائية العائق الأخير للتحكم والاستحواذ على السلطة".
واعتبر أن "الرئيس يريد تعليق فشله لأشهر منذ يوليو/تموز 2021 على شماعة القضاء الذي طالب بتطهيره باسم إرادة الشعب الذي لم يخرج في يوم من الأيام للمطالبة بحل المجلس الأعلى للقضاء".
وأوضح "عطية" أن "المجلس الأعلى للقضاء لا يدير المحاكمات ولا يباشر القضايا وصبغته ترتيبية وتنظيمية، ورقابية بالأساس، وهنا الأمر واضح وجلي؛ فالرّئيس يريد تصفية خصومه بقضاء التّعليمات وليعود إلى مرحلة الاستبداد الذي يوجه الأوامر وفق دوافعه ورغباته الشخصية".
وقال إن "سعيد أدرك أن مشروعه السّياسي والاجتماعي والاقتصادي فشل، ليبحث الذهاب إلى الاستحواذ على القضاء لإجراء محاكمات على المقاس تضمن تأييد الشعب التّونسي له، وهو ما يجب أن يتصدى له القضاة والمعارضة بشدّة" على حد قوله.
وتوقع "عطية" أن تؤدي هذه الخطوة، إلى بقاء تونس لمدة عقدين من الزمن على الأقل تحت إمرة قضاء التعليمات والولاءات للرئيس الساعي إلى البقاء لفترة أطول بالحكم والسّيطرة على انتخابات البرلمان المقبلة، لنمر إلى مرحلة مستبدة أشرس وأخطر من سابقاتها بالبلاد، بدعم خارجي من دول كالإمارات ومصر وفرنسا" (دون أن يقدم توضيحات).
رفض قانون الصّلح الجزائي هو السبب
وفي نفس السّياق يعتبر المحلل السّياسي "بولبابة سالم"، أن "السّبب الحقيقي لمُضي الرّئيس "سعيد" في قرار حل المجلس الأعلى للقضاء هو رفض هذا المجلس لقانون الصّلح الجزائي الذي اقترحه "سعيد"".
و"الصلح الجزائي" هو مرسوم قانون اقترحه "سعيد" على مجلس القضاء أواخر عام 2020، لإرساء صلح جزائي مع "من تورطوا في قضايا الفساد ونهب ثروات ومقدرات البلاد والملك العام طيلة السنوات الماضية".
وأشار "سالم" إلى أن "المجلس قال حين عرض مرسوم القانون أنه يحتاج محاكم مختصة ولم يتقبله بالصيغة التي عرض بها، الأمر الذي دفع الرّئيس لشن هجمات متتالية على المجلس قبل أن يصدر قرارًا بحله، في جانب أول لدوافع "سعيد" لحل الأعلى للقضاء".
وأضاف أن "الجانب الثاني لدافع قرار الرّئيس يأتي نتيجة لرفض المجلس قبول مرسوم قانون الصّلح الجزائي، في رغبة واضحة من الرّئيس للسيطرة على السّلطة القضائية بعد الإمساك بشكل كامل على السّلطتين التنفيذية والتّشريعية".
وتوقع "سالم" أن تكون التركيبة الجديدة للمجلس، في "صفّ الرّئيس ومؤتمرين بأوامره، عكس التركيبة المنتخبة (التي تم حلها) المتكونة من 45 عضوًا بين قضاة ومحامين قبل أشهر من موعد انتخابات المجلس".
وفي أكثر من مرة قال "سعيد"، الذي بدأ في 2019 فترة رئاسية تستمر 5 سنوات، إن إجراءاته الاستثنائية هي "تدابير في إطار الدّستور لحماية الدولة من خطر داهم"، وشدد على عدم المساس بالحقوق والحريات.
المصدر | الأناضول