- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
تمارا حداد تكتب: الصراع القادم بين الشباب الفلسطيني المقاوم وفتية التلال.
تمارا حداد تكتب: الصراع القادم بين الشباب الفلسطيني المقاوم وفتية التلال.
- 5 نوفمبر 2022, 10:06:09 ص
- 524
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بعد الاطلاع على نتائج الانتخابات الاسرائيلية والتي احتلت مكانة مهمة نظراً لأهميتها وتداعيات ودلالات نتائجها على المستوى الفلسطيني والإقليمي والدولي، ومدى ارتباط تحرك الاحتلال نحو اليمين المتطرف بالملف الفلسطيني والتي يبدو بهذا التحرك وفوز نتينياهو سيُرسخ اللاءات الليكودية ضمن إقرار قوانين أكثر تطرفاً.
في خطاب نتينياهو الأول أمام الكنيست بُعيد انتخابه عام 1996 أكد فيه على الخطوط الحمراء إزاء التسوية مع الفلسطينيين عبر ثلاث لاءات :
1. لا للدولة الفلسطينية.
2. لا لإعادة الانتشار.
3. لا لوقف الاستيطان.
وأكد أثناء خطابه الاستمرار في التوسع الاستيطاني التزاماً ببرنامج الليكود الانتخابي عام 1996 وجسد فيه خريطة الاستيطان كخريطة الحل الدائم، حيث جاء في البند التاسع من فصل السلام والأمن سيكون نهر الأردن والحدود الشرقية لدولة اسرائيل وسيكون هذا الخط حدوداً دائمة بين اسرائيل والاردن، هذه الخريطة ترسخت فعلياً على أرض الواقع ونجح نتينياهو طيلة الفترة الماضية بتجسيد الاستيطان، وهاهو اليوم ينجح في الانتخابات المؤخرة لاستكمال مشواره الليكودي الاستيطاني، ويبدو أن لاءاته ستتحقق فعلاً على الأرض بمساعدة الأحزاب اليمينية الأخرى مثل بن غفير وسموتريتش.
أسباب نجاح نتينياهو:
هناك عدة أسباب أدت إلى فوز نتينياهو في الانتخابات التي حدثت في نوفمبر الجاري، وأهم هذه الأسباب:-
1. نجح نتينياهو فعلياً بحملته الانتخابية وأبدع فيها حيث استخدم الأسلوب الأمني والعسكري والنفسي في جذب اصوات ناخبيه ومُحبي الليكود واستطاع جذب أصوات الأحزاب اليمينة الأخرى بعد تغيير لغة خطابه عبر دغدغة مشاعر الناخبين من خلال هل تفضلون انتخاب كتلة أم حزب؟ بالفعل نجح نتينياهو بجذب أصوات الناخبين نحو أكبر حزب في اسرائيل وهو الليكود واستطاع استمالة أكبر فئة وهي الشباب والذي أصبح لديهم الحق في التصويت ناهيك عن تواجده أثناء الدعاية الانتخابية في المستشفيات والمقاهي والتجمعات وتواصله المستمر مع كافة شرائح المجتمع.
2. عبر مراحل استلام نتينياهو الحكم استطاع تحريك وإزاحة اسرائيل نحو اليمين بالتزامن مع إضعاف وتآكل قوى اليسار وأضعف نتينياهو اليمين الوسط أو وسط اليمين فمنذ اكثر من عقد ونصف من الزمن يسيطر اليمين على المشهد السياسي الإسرائيلي، وبروز ما يسمى اليمين الإسرائيلي "اليمين الجديد" وانزياح المجتمع الإسرائيلي أكثر نحو اليمين، وقد يستمر حكم الليكود بغض النظر من الرئيس حتى عام 2040.
3. نتائج الانتخابات تشير إلى أن الجمهور الاسرائيلي راضٍ تماماً عن انجازات نتينياهو الاقليمية عبر ترسيخ مفهوم التطبيع مع الدول العربية واستكمال صفقة القرن، ومع يقين الجمهور أن جهود نتينياهو الدولية وبالتحديد نحو ترسيخ العلاقة بين اسرائيل وامريكا وروسيا والصين والقارة السوداء ستعود مُجدداً لقدرته على مسك العصا من المنتصف رغم جدلية ذلك، بالإضافة إلى تغاضي الجمهور الاسرائيلي عن ملفات الفساد " الملفات الجنائية " في سبيل الحفاظ على أمن اسرائيل واستقرارها.
4. الجمهور الاسرائيلي موافق تماماً حول مواقف نتينياهو نحو قطاع غزة وقدرته على تعميق الانقسام وترسيخه مقابل المال اذا توفر الهدوء واذا لم يتوفر فإن الحرب القادمة أشدها وطأة إلى أن تصل إلى حرق الأرض.
5. لم تكن الاحزاب الاسرائيلية الأخرى قوية كحزب الليكود فضعف خصم نتينياهو ساعد نتينياهو الفوز بشكل مريح وسيُشكل حكومة بأريحية مع المتطرفين الآخرين الذين نجحوا بمقاعد 14 مقعداً مثل بن غفير وسموتريتش وغيرهم.
6. السر الاهم لنجاح اليمين المتطرف هو مقاطعة عرب 48 للانتخابات الاسرائيلية وهو أكبر هدية له وأمام انقساماتهم الذي سيؤدي إلى ضعف تمثيلهم داخل الكنيست، وهناك أصواتاً عربية صوتت لنتنياهو.
ماذا بعد؟
أبرز تداعيات انتخاب نتينياهو هو تجسيد الانقسام، لا دولة فلسطينية، وابقاء الوضع الحالي كما هو، والاستمرار بالاستيطان في الضفة الغربية وتهويد القدس إلى أن يصبحوا الفلسطينيين أقلية صغيرة بحكم ذاتي وكنتونات معزولة بحواجز أمنية ومستوطنات.
حزب الليكود يميني استيطاني متطرف يرفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود 1967، وسيُبادر لسلسلة قوانين تهدف إلى ضم تدريجي للضفة الفلسطينية المحتلة من خلال سريان قوانين إسرائيلية يسنها الكنيست مباشرة على المناطق المحتلة، إضافة إلى قوانين قمعية واستبدادية تُضعف السلطة الفلسطينية وابقاءها على واقعها الامني دون الحق السياسي.
تراجع مكاسب اوسلو بعد 29 عاماً من اتفاقية اوسلو ومانتج عنها من اضعاف الحالة الفلسطينية وضياع الارض والقدس وانهاء حق العودة وازدياد معاناة اللاجئيين، بات مفهوم اوسلو في عداد الموت الحقيقي نتيجة تخلي الجانب الاسرائيلي عنه وعدم تنفيذ أي من بنوده.
أمّا غزة، فيجري تحويل قضيتها إلى قضية خدمات، والتعامل معها على أنها قضية إنسانية وإغاثية تتولى بعض الدول الغنية تزويدها بما تحتاج إليه من مشاريع ماء وكهرباء وبنية تحتية وغيرها مما يلزم لتخفيف معاناة السكان ومنع انهيار الوضع الإنساني وذلك تحت رقابة إسرائيلية، مع البدء نحو فتح أبواب الهجرة للشباب.
ستضع الحكومة الجديدة فريقاً من القادة الأمنيين والاجتماعيين الجدد للعمل من أجل ضمان أمن إسرائيل، وإعادة الوحدة إلى المجتمع الإسرائيلي المنقسم، واعادة تغيير النظرية الامنية نحو تحقيق الامن الكلي مقابل المال والحفاظ على الهدوء.
إغلاق الملف الفلسطيني والإعلان عن انتهاء قضية فلسطين هى محطة أساسية فى المخطط الإسرائيلي لإعادة رسم المنطقة الشرق أوسطية من جديد على اعتبار أن العالم العربي بمفهومه القومي لم يعد قائماً وبالتالي لم يعد يشكل أي عقبة خطيرة أمام المخططات والأحلام الصهيونية. والابقاء على الحلول المؤقتة ضمن الدولار لغزة والشيقل للضفة إذا توفر شرط الهدوء، الاحتلال يعمل ضمن نطاق خطة وقوانين ومعلومات استخباراتية امنية لن يتوقف عن السير قُدماً في تنفيذ مُخططه.
في نهاية المطاف لا حقوق فلسطينية في الأيديولوجية الصهيونية ولا البرامج السياسية في ظل غياب لغة الخطاب الوطنية والانسانية في الطبقة السياسية الفلسطينية وبروز المصلحة الشخصية على حساب المصلحة الوطنية.
إذا لم تنجح بنود مبادرة الجزائر حول المصالحة الفلسطينية فهذا يعني توافق صامت بين فتح وحماس على استمرار التقسيمة الحالية ولكن نتائجها سلبية على الاثنين، لأن الاكتفاء بالحديث عن انهاء الانقسام لا يكفي.
فيما يتعلق باتفاق ترسيم الحدود مع لبنان فنتينياهو لن يُلغيه فالمستفيد الأكبر من هذا الاتفاق هو اسرائيل فاكبر الحقول وهو حقل كاريش تحت سيطرتهم وحتى عوائد حقل قانا نسبة منها سيعود الى الاحتلال والشيء الآخر الاتفاق تحت رعاية اميركية فلن يقوم نتينياهو بأي خطوة يُغضب الأمريكان منه.
خلاصة:
• توجه المجتمع الاسرائيلي نحو اليمين المتطرف يعني اتباع سياسة العنف في المنطقة "حكومة احتلالات".
• الصراع القادم بين الاجيال الفلسطينية المقاومة ذات الانتماء الوطني الحقيقي وبين فتية التلال ذو الفكر اليمني المتطرف.
• اسرائيل ستُفكر في مفهوم الدولة الواحدة ولكن بتعزيز دولة "ابرتهاد" وانكار كافة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وقتل حل الدولتين.
• مهما تزينت اسرائيل بالديمقراطية المزيفة فإن العالم سيتغير ولن يقبل باستمرار دولة ابرتهايد كما حصل في جنوب افريقيا.