تحليل: عام على قمة "العلا".. هل يوحد الخليج سياساته الخارجية؟

profile
  • clock 5 يناير 2022, 9:57:43 ص
  • eye 473
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

الأناضول: يوافق الأربعاء 5 يناير/ كانون الثاني 2022، الذكرى السنوية الأولى للقمة الخليجية الحادية والأربعين في محافظة العلا السعودية، والتي رأبت الصدع الخليجي، وأعادت إلى دول المنطقة لحمتها بعد أربع سنوات من مقاطعة ثلاث دول خليجية ودولة أخرى عربية لقطر.

ففي 5 يونيو/ حزيران 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وأغلقت المنافذ الجوية والبحرية والبرية معها، في أسوأ أزمة منذ تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981.

وانعقدت القمة الخليجية الثانية والأربعون في العاصمة السعودية الرياض، منتصف ديسمبر/ كانون الأول الماضي، عقب جولة قام بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في بقية دول الخليج، وشملت أول زيارة له إلى الدوحة منذ الأزمة الخليجية.

إسرائيل

ولعل أبرز هدف اتفقت عليه دول الخليج في قمة العلا وأكدته في قمة الرياض هو "بلورة سياسة خارجية موحدة" بين دول المجلس الست وهي: السعودية وقطر والكويت والإمارات وسلطنة عمان والبحرين.

لكن وفق عبد الله الشايجي، رئيس كلية العلوم السياسية في جامعة الكويت، فإن "دول الخليج تفتقد إلى التنسيق وإلى موقف جامع، ولا تزال غير متفقة بشكل تام على موقف في أي من القضايا الرئيسية في المنطقة".

وخلال استضافته من مركز "أورسام" للحديث عن الأمن الإقليمي بالشرق الأوسط وشمالي إفريقيا قبل أيام، أوضح الشايجي أنه "على رأس القضايا الرئيسية في المنطقة، والتي لا تمتلك بشأنها الدول الخليجية موقفا موحدا، هي القضية الفلسطينية ومسألة التطبيع مع إسرائيل".

وبينما طبَّعت كل من الإمارات والبحرين علاقاتهما مع إسرائيل، برعاية أمريكية في 2020، ترفض بقية دول الخليج التطبيع معها، إلا بعد توصلها إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.

 النظام السوري

كذلك قبل سنوات، كان موقف دول الخليج من النظام السوري موحدا إلى حد ما، لكنه اليوم منقسم.

واللافت أن الإمارات والبحرين، اللتين طبعتا مع إسرائيل، تدعمان التطبيع مع نظام بشار الأسد.

وفي 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2011، علقت جامعة الدول العربية عضوية سوريا، ودعت إلى سحب السفراء العرب من دمشق، إلى حين تنفيذ النظام كامل تعهداته بتوفير الحماية للمدنيين، بعد أن بدأ في قمع عسكري لاحتجاجات تطالب بتداول سلمي للسلطة.

وأعادت الإمارات والبحرين فتح سفارتيهما في دمشق نهاية 2018 على مستوى القائمين بالأعمال، قبل أن ترفع المنامة مستوى العلاقات بأن عينت قبل أيام أول سفير لها في دمشق منذ 10 سنوات.

وفي أكتوبر 2020، أعادت سلطنة عمان سفيرها إلى دمشق، لتصبح أول دولة خليجية تعيد تمثيلها الدبلوماسي على مستوى السفراء.

بينما لا يزال موقف السعودية وقطر والكويت رافضا لإعادة العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري.

وبدا موقف الرياض جليا عبر تصريح للمندوب السعودي لدى الأمم المتحدة عبد الله المعلمي، في ديسمبر الماضي، هاجم فيه النظام السوري، ودعا العالم إلى "عدم التصديق بأن الحرب في سوريا انتهت".

وهذا التصريح كان مفاجئا، إذ جاء بعد تقارير إعلامية عن محادثات سورية سعودية لإعادة فتح سفارة الرياض في دمشق.

ليبيا

يتباين أيضا موقف كلا من قطر والإمارات من مسألة ليبيا الغارقة في حالة عدم استقرار منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي عام 2011، فالبلد الغني بالنفط بات تقريبا مقسما بين إدارتين في الغرب والشرق.

وبينما تدعم الدوحة سلطة الغرب، ممثلة بحكومة شرعية منتخبة مدعومة ومعترف بها من الأمم المتحدة، يعتبر كثير من المراقبين أن أبوظبي تقف مع اللواء المتقاعد خليفة حفتر في الشرق.

ولسنوات، قاتلت مليشيا حفتر حكومة الوفاق الوطني السابقة، المعترف بها دوليا.

إيران

لا توافق أيضا بين دول الخليج بشأن التعامل مع إيران، فلا تزال علاقات البحرين والسعودية معها مقطوعة، فيما تحافظ قطر وعمان والكويت على علاقات "غير صدامية" معها.

أما الإمارات فاتفقت مع إيران مؤخرا على "فتح صفحة جديدة من العلاقات"، توجتها زيارة مستشار الأمن القومي الإماراتي، طحنون بن زايد، لطهران وهي أول زيارة لوفد إماراتي رفيع المستوى منذ 2016.

وفي مايو/ أيار الماضي، جرى الكشف رسميا عن إجراء مباحثات رسمية مباشرة بين السعودية وإيران هي الأولى منذ قطع العلاقات بينهما عام 2016.

فآنذاك، أعلن الرئيس العراقي برهم صالح، أن بلاده استضافت أكثر من جولة حوار بين الرياض وطهران.

وبعدها، قال وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، إن هذه المحادثات في مرحلة "استكشافية".

ويبدو أن اتفاق المصالحة في قمة العلا فتح الباب أمام جهود التقارب والتوصل إلى صيغة توافقية لحل الأزمة مع إيران.

وتتهم دول خليجية، ولا سيما السعودية، إيران بامتلاك أجندة توسعية في المنطقة والتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، بينها اليمن ولبنان، وهو ما تنفيه طهران وتقول إنها ملتزمة بعلاقات حُسن الجوار.

 تركيا

رغم عدم وجود توافق كامل، على ما يبدو، بشأن معظم القضايا الخارجية، إلا أن هناك اتجاها متناميا لدى دول الخليج لتطوير العلاقات مع تركيا، وهو ما تعززه رغبة مخلصة من القيادة التركية بالتقارب مع دول المنطقة.

وشهدت العلاقات بين تركيا والإمارات تحسنا ملحوظا، تُوج بزيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان، لأنقرة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ولقائه الرئيس رجب طيب أردوغان، وتوقيع البلدين 10 اتفاقيات في مجالات مختلفة.

وخلال الشهور القليلة الماضية، مرت العلاقات التركية البحرينية بتطور كبير على المستوى الدبلوماسي، وناقش وزيرا الخارجية تعزيز التعاون، خلال الحوار الاستراتيجي بين البلدين بأنقرة في 17 نوفمبر الماضي.

كذلك عُقدت لقاءات عديدة بين مسؤولين رفيعي المستوى من تركيا والسعودية، وناقش مؤخرا فؤاد أقطاي، نائب الرئيس التركي مع وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، تعزيز العلاقات التجارية بين البلدين.

وجاء ذلك بعد مقاطعة سعودية شبه رسمية للمنتجات التركية منذ عامين، انخفضت وتيرة تغذيتها إعلاميا خلال الشهور الماضية، ما يشير إلى تغير، ولو محدودا، في العلاقات.

يأتي ذلك كله في وقت ترتبط فيه تركيا وقطر بعلاقات وصفها الرئيس أردوغان، في أكتوبر الماضي، بأنها "استراتيجية وتاريخية ومتجذرة"، وعادة ما تصفها الدوحة بـ"الشراكة الاستراتيجية والاستثنائية".

ويبقى هناك قناعة جماعية لدى دول المنطقة بضرورة "تصفير" الأزمات، وهو ما يبدو جليا منذ أن تولى جو بايدن الرئاسة الأمريكية مطلع 2021.

ويسعى بايدن إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، وخفض ثقل واشنطن في منطقة الشرق الأوسط وتوجيه تركيزها إلى الصين وروسيا.

كما أثبتت الشهور الماضية عدم حرص إدارة بايدن على حماية حلفائها في الخليج، ولا سيما السعودية، من هجمات جماعة الحوثي اليمنية، المدعومة إيرانيا.

ومع مرور عام على انتهاء الأزمة الخليجية، يتصاعد التساؤل بشأن قدرة دول الخليج على توحيد كل سياساتها الخارجية وتجاوز خلافاتها، لاسيما بشأن إسرائيل وسوريا وليبيا، بما يحقق أحد أبرز أهداف قمة المصالحة (العلا).

التعليقات (0)