بيسان عدوان تكتب: الانتخابات الأمريكية وتأثيرها على غزة " الحلقة الثانية ".. خطاب نتنياهو يفجر الانتخابات الأمريكية

profile
بيسان عدوان كاتبة فلسطينية
  • clock 26 يوليو 2024, 11:41:11 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

قال ونستون تشرشل: "التاريخ سيكون لطيفًا معي، فأنا أنوي كتابته". هذه الكلمات تعكس كيف أن الأحداث الكبرى يمكن أن تشكل اتجاهات المستقبل، وقد تنبئ بمستقبل السياسة الأمريكية في ظل تأثير خطاب نتنياهو. ففي سياق مماثل لما حدث بعد خطاب نتنياهو في الكونجرس، شهدت الولايات المتحدة تغيرات انتخابية جذرية إثر أحداث تاريخية مثل قصف هيروشيما وناغازاكي، وحرب فيتنام.

تأثير خطاب نتنياهو على السياسة الأمريكية: نقابات العمال وتغيرات الرأي العام

بمجرد انتهاء خطاب بنيامين نتنياهو في الكونجرس، شهدت الولايات المتحدة ردود فعل قوية من النقابات العمالية، التي تُعد قوة مؤثرة في السياسة الأمريكية. النقابات العمالية، التي تمثل شريحة واسعة من الناخبين، نظمت مظاهرات احتجاجية ضد خطاب نتنياهو، تعبيرًا عن رفضها لسياساته تجاه النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. هذه الاحتجاجات تعكس تحولًا ملحوظًا في موقف الطبقة العاملة الأمريكية من السياسات الإسرائيلية.

النقابات العمالية ترى في سياسات نتنياهو تهديدًا للسلام العالمي وحقوق الإنسان، وهو ما يجعل هذه القضايا أولوية أعلى على جدول أعمالهم السياسي. منذ فترة طويلة، كانت النقابات تدعم سياسات تركز على الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ولذا فإن أي تطور دولي يؤثر على هذه الحقوق يلقى اهتمامًا كبيرًا. تطورات مثل هذه تبرز كيف يمكن للسياسات الخارجية أن تؤثر بشكل مباشر على المواقف المحلية، وقد تؤدي إلى إعادة تقييم الدعم الأمريكي لإسرائيل.

الخطاب المثير للجدل: كيف شكلت سياسات نتنياهو توجهات الناخبين الأمريكيين

أظهر استطلاع أجري في 2024 من قبل مؤسسة جالوب تزايدًا ملحوظًا في نسبة الأمريكيين الذين يفضلون سياسة أكثر توازنًا تجاه النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. أظهرت البيانات أن 50% من الأمريكيين يؤيدون موقفًا محايدًا، بزيادة 10% عن العام السابق. هذا التوجه يعكس تحولًا في المزاج العام، حيث يعبر الناخبون عن قلقهم من استمرار الدعم غير المشروط لإسرائيل.

استطلاعات الرأي من مركز بيو للأبحاث تدعم هذه الاتجاهات، حيث أظهرت أن 47% من الأمريكيين يعتقدون أن السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل بحاجة إلى تغيير لتكون أكثر توازنًا بين دعم إسرائيل وحقوق الفلسطينيين. هذه الأرقام تعكس عدم رضا متزايد بين المواطنين الأمريكيين حول كيفية إدارة الحكومة الأمريكية لعلاقاتها مع إسرائيل، وهو ما قد يؤدي إلى تغييرات في استراتيجيات الحملات الانتخابية.

المظاهرات والاحتجاجات ضد سياسات نتنياهو ليست مجرد ردود فعل عابرة، بل تعكس تحولًا عميقًا في القيم والتوجهات السياسية بين الناخبين. هذا التحول في الرأي العام يمكن أن يكون له تأثير كبير على نتائج الانتخابات القادمة، حيث يتزايد الطلب على سياسات خارجية أكثر توازنًا وانفتاحًا.

من الكونجرس إلى صناديق الاقتراع: انعكاسات خطاب نتنياهو على الانتخابات الأمريكية

الخطاب الذي ألقاه نتنياهو في الكونجرس لم يكن مجرد عرض دبلوماسي، بل كان له تأثير عميق على السياسة الأمريكية الداخلية. يظهر الانقسام في الحزب الديمقراطي حول كيفية التعامل مع سياسات إسرائيل مدى تعقيد الموقف. الجناح التقدمي في الحزب يدعو إلى مراجعة الدعم الأمريكي لإسرائيل، بينما يظل بعض الديمقراطيين المعتدلين متمسكين بالدعم التقليدي. هذا الانقسام يبرز التحديات التي تواجه الحزب في محاولة جذب قاعدة واسعة من الناخبين.

في الحزب الجمهوري، رغم أن دعم إسرائيل كان دائمًا أحد الثوابت، بدأ بعض الناخبين الجمهوريين يتساءلون عن العواقب الاقتصادية والسياسية للدعم غير المشروط. هذا القلق يشير إلى تحول طفيف في قاعدة الدعم التقليدية للحزب، مما قد يؤثر على الديناميات الانتخابية.

بعد خطاب نتنياهو، أظهرت الاستطلاعات تقدم نائبة الرئيس كامالا هاريس على الرئيس السابق دونالد ترامب بين الناخبين المسجلين. وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة سيويل في يوليو 2024، أظهرت النتائج أن هاريس تتفوق على ترامب بنسبة 5% بين الناخبين المسجلين، في تزايد ملحوظ مقارنة بالاستطلاعات السابقة. هذا التقدم يعكس استجابة الجمهور لتحركات السياسة الخارجية وتطورات الأحداث الدولية، مما يعزز موقف هاريس في السباق الانتخابي.

الخطاب ساهم أيضًا في زيادة حدة الانتقادات، مما قد يؤدي إلى تعزيز مواقف الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي وتقديم دعم أكبر لقضايا حقوق الإنسان والسلام في السياسات الخارجية. هذا التغيير في الأولويات السياسية للناخبين قد يساهم في تشكيل نتائج الانتخابات المقبلة، مع احتمال أن تشهد الانتخابات القادمة تحولًا في توازن القوى بين الأحزاب.

بناءً على التوجهات الحالية، يظهر أن خطاب نتنياهو في الكونجرس له تأثير مزدوج على الانتخابات الأمريكية. من جهة، يعزز من مواقف السياسيين الذين يدعمون إسرائيل بشكل غير مشروط، ومن جهة أخرى، يساهم في زيادة حدة الانتقادات والمطالبة بتغيير في السياسة الأمريكية تجاه النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. هذه الانقسامات والاتجاهات المتغيرة في الرأي العام تشير إلى أن الانتخابات المقبلة قد تكون متقلبة وصعبة التنبؤ. بالنظر إلى الاتجاهات الحالية، من المحتمل أن يشهد الحزب الديمقراطي تعزيز دعم الجناح التقدمي، بينما سيظل الحزب الجمهوري في وضع يتطلب التوازن بين دعم إسرائيل ومواجهة القلق الداخلي. قد يؤثر هذا التباين في أولويات الناخبين على نتائج الانتخابات بشكل كبير، مع احتمال ظهور قضايا جديدة تؤثر في اختيارات الناخبين وتحدد ملامح المستقبل السياسي الأمريكي.

التعليقات (0)