بيسان عدوان تكتب: الانتخابات الأمريكية: وانعكاساتها على حرب غزة " الحلقة الأولى"

profile
بيسان عدوان كاتبة فلسطينية
  • clock 24 يوليو 2024, 1:25:08 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

قال هنري كيسنجر: "السياسة الخارجية لا تُبنى على العواطف، بل على المصالح الوطنية". هذا المبدأ، الذي تجسد في التعامل الأمريكي مع حرب فيتنام، يتجلى اليوم في السياسة الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث تتشكل الاستراتيجيات تبعًا للمصالح السياسية والاقتصادية والاستراتيجية للولايات المتحدة.

 السياسة الخارجية للمرشحين وانعكاساتها

تشكل السجالات المبكرة للانتخابات الأمريكية إحدى المعارك السياسية الأكثر تأثيراً على الساحة الدولية، حيث تنعكس بشكل مباشر على قضايا عدة منها القضية الفلسطينية وحرب غزة. في هذا السياق، يمكن اعتبار الانتخابات الأمريكية بمثابة مؤشر حاسم لسياسات الولايات المتحدة الخارجية، حيث تتباين هذه السياسات تبعاً للمرشحين وبرامجهم الانتخابية، الأمر الذي يجعل منها محط اهتمام عالمي واسع.

مع اقتراب موعد الانتخابات، تتصاعد حدة السجالات السياسية بين المرشحين حول مختلف القضايا المحلية والدولية.. فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، تمثل هذه السجالات فرصة لتحديد توجهات الإدارة الأمريكية القادمة.. تتباين مواقف المرشحين حيال هذا الصراع بشكل كبير، مما يجعل من الضروري فهم مدى تأثير هذه المواقف على الأرض، خصوصاً في ظل الأوضاع المتأزمة في قطاع غزة والضفة الغربية.

من المتوقع أن تتبنى الإدارة الحالية برئاسة جو بايدن " في الفترة المتبقية له"  نهجاً يميل إلى الحفاظ على التوازن في سياساتها تجاه إسرائيل والفلسطينيين. بايدن، الذي يسعى لإعادة بناء العلاقات الدبلوماسية التقليدية للولايات المتحدة، قد يحاول تعزيز حل الدولتين كجزء من جهود إعادة استقرار المنطقة. على الرغم من أن إدارته قد تقدم دعماً مادياً وعسكرياً لإسرائيل، إلا أنها قد تتجنب السياسات المتشددة التي تبناها سلفه دونالد ترامب، وتسعى لتعزيز الدعم الإنساني والاقتصادي للفلسطينيين.

في حال فوز مرشح جمهوري، خاصة إذا كان هذا المرشح يحمل توجهات مشابهة لتوجهات ترامب، فمن المتوقع أن تتجه السياسة الأمريكية نحو دعم أكثر صراحة وحزم لإسرائيل.. إدارة كهذه قد تقلل من المساعدات المقدمة للفلسطينيين وتتبنى مواقف أقل توازناً في الصراع، مما قد يزيد من حدة التوترات في المنطقة. .دعم المستوطنات الإسرائيلية وسياسات القمع في غزة والضفة الغربية قد يتزايد، مما يعمق من معاناة الفلسطينيين ويزيد من تعقيد الحلول السياسية الممكنة.

الدعم المالي والدبلوماسي وتأثيره على الصراع

 

تؤثر نتائج الانتخابات الأمريكية بشكل مباشر على المساعدات والدعم المالي الذي تقدمه الولايات المتحدة لأطراف الصراع.. الدعم المالي والعسكري لإسرائيل يشكل أحد العوامل الرئيسية التي تعزز من موقفها في الصراع، بينما المساعدات الإنسانية والاقتصادية المقدمة للفلسطينيين تسهم في تخفيف الأعباء الناجمة عن الاحتلال والحصار. تغيير الإدارة الأمريكية قد يؤدي إلى تغييرات في حجم وشكل هذه المساعدات، مما ينعكس على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة الذي يعاني من حصار خانق وظروف معيشية صعبة.

الوساطة الأمريكية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تعتمد بشكل كبير على توجهات الإدارة الحاكمة. إدارة ديمقراطية قد تكون أكثر ميلاً لدفع الطرفين نحو طاولة المفاوضات ومحاولة تحقيق تسوية سلمية للصراع، بينما قد تتبنى إدارة جمهورية مواقف أقل تدخلاً وتترك المجال مفتوحاً أمام تصاعد التوترات. .الجهود الدبلوماسية الأمريكية تلعب دوراً محورياً في تحديد مسار الأحداث في المنطقة، سواء كان ذلك من خلال الضغط على إسرائيل لوقف الاستيطان والانتهاكات، أو من خلال دعم مبادرات السلام والجهود الدولية لحل الصراع.

الضغط الدولي والمقاومة الفلسطينية

 

الضغوط الدولية والإقليمية على الولايات المتحدة تتأثر أيضاً بنتائج الانتخابات. . الدول العربية والإسلامية، التي تسعى لتحقيق دعم أكبر للقضية الفلسطينية، تراقب عن كثب نتائج هذه الانتخابات.. الإدارة الأمريكية الجديدة قد تكون أكثر أو أقل استجابة لهذه الضغوط، مما يؤثر على التحالفات والعلاقات الإقليمية. . سياسة الولايات المتحدة تجاه قرارات الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية قد تتغير تبعاً للإدارة الحاكمة، حيث يمكن للإدارة الديمقراطية أن تتبنى مواقف أكثر ليونة حيال تلك القرارات، بينما قد تتبنى الإدارة الجمهورية مواقف أكثر تشدداً.

تنعكس نتائج الانتخابات الأمريكية بشكل مباشر على المقاومة الفلسطينية.. الدعم الأمريكي لإسرائيل يعزز من موقفها العسكري والسياسي في مواجهة الفصائل الفلسطينية، بينما قد تشهد المقاومة دعمًا متزايدًا أو معوقات إضافية بناءً على توجهات واشنطن. التغيرات في السياسات الأمريكية تؤثر على استراتيجيات المقاومة وأدواتها في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

من جهة أخرى، القرارات القانونية والدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية تتأثر أيضاً بموقف الولايات المتحدة. قرارات محكمة العدل الدولية ومواقف الأمم المتحدة حيال الاحتلال الإسرائيلي تعتبر جزءاً من الديناميكية السياسية التي تتحكم فيها الولايات المتحدة بشكل كبير.. الإدارة الأمريكية القادمة قد تتبنى مواقف مختلفة تجاه هذه القرارات، مما يؤثر على حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والدفاع عن النفس.

في المجمل، تشكل الانتخابات الأمريكية محطة حاسمة تؤثر بشكل كبير على ملامح السياسة الدولية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. الإدارة القادمة، سواء كانت ديمقراطية أم جمهورية، ستحدد مسار الدعم المالي والسياسي والدبلوماسي للأطراف المتنازعة، مما ينعكس بشكل مباشر على الوضع في غزة والضفة الغربية وعلى آمال تحقيق السلام في المنطقة.

التعليقات (0)