المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ مصر وتركيا من المواجهة إلى التعاون الأمني

profile
  • clock 2 ديسمبر 2022, 1:37:40 م
  • eye 690
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لا خصومة دائمة ولا صداقة دائمة .. حكمة ثابتة وقاعدة رئيسية في السياسة والعلاقات بين الدول جددت جدارتها تلك الخطوات المتسارعة لاستعادة العلاقات بين القاهرة وأنقرة، بعد نحو عشر سنوات من القطيعة والعداء والمواجهة التي قاربت للصدام العسكري في ليبيا، وشرق المتوسط، والصدام السياسي والعداء الواضح في ملفات رئيسية كملف الإخوان، ومسألة الحرب على الإرهاب، فضلاً عن أزمة الرباعي العربي الشهيرة مع قطر، إلى غير ذلك من ملفات، كان من أكثرها قلقاً وإرباكاً وصداعاً في رأس النظام المصري اتخاذ عناصر جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية المناصرة لها والمعارضين من تركيا منصات للهجوم الإعلامي عليها، فضلاً عن إيواء المئات من المطلوبين أمنياً لمصر.
الملفت في مسألة استعادة العلاقات بين مصر وتركيا تلك التصريحات المتلاحقة من الرئيس التركي أردوغان حول اللقاء، مقابل غياب التعليق الرسمي المصري من بعد البيان الرسمي لتأكيد اللقاء عشية افتتاح كأس العالم بالدوحة.
تركية وتصريحات متتالية
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال معلقا على اللقاء للمرة الثانية إن نظيره المصري عبدالفتاح السيسي كان “سعيدًا للغاية” بعد لقائهما الأول في قطر، على هامش افتتاح بطولة كأس العالم.
وقال أردوغان، في تصريحات نقلتها وكالة الاناضول، إن مسار تطبيع العلاقات بين البلدين سيتواصل على المستوى الوزاري، وأن مباحثاته مع السيسي في قطر دامت لمدة 45، وهي الأولى من نوعها منذ توتر العلاقات بين البلدين في 2013 وما تلى ذلك من خلافات بشأن قضايا إقليمية، لا سيما الأزمة في ليبيا.
وقال أردوغان: “يمكن أن تعود الأمور إلى نصابها (في العلاقات) مع سوريا في المرحلة القادمة مثلما جرى مع مصر فليست هناك خصومة دائمة في السياسة”، حسب وكالة الأناضول.
فيما قال مصدران في انقرة لرويترز إن مصافحة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي فتحت الباب أمام موجة من اللقاءات الدبلوماسية غير المعلنة بين مسؤولي المخابرات في البلدين بعد توتر شاب علاقات البلدين لسنوات.
وقال مصدر إقليمي مطلع طلب عدم ذكر اسمه إن وفدين استخباراتيين من البلدين التقيا في مصر مطلع الأسبوع.
وقال المصدر الثاني، وهو مسؤول تركي كبير، إن مناقشات “مهمة” بدأت بينهما، وإن من المقرر أن تبدأ تركيا ومصر محادثات حول القضايا العسكرية والسياسية والتجارية بما في ذلك مشاريع الطاقة.
ولم يعلق مسؤولون أتراك عندما سئلوا عن الاجتماع. ولم ترد وزارة الخارجية المصرية بعد على طلب للتعليق.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يوم الاثنين للصحفيين في تطور منفصل إن تركيا ومصر قد تستأنفان العلاقات الدبلوماسية الكاملة وتعيدان تعيين سفيرين “في الأشهر المقبلة”.
وقال جاويش أوغلو للصحفيين في أنقرة إن البلدين قد يستأنفان المشاورات الدبلوماسية بقيادة نائبي وزيري الخارجية في إطار عملية التطبيع “قريبا”.
وتوترت علاقات أنقرة مع القاهرة منذ أن قاد السيسي، قائد الجيش آنذاك، الإطاحة بالرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في عام 2013 إثر احتجاجات على حكمه. وكان أردوغان يدعم مرسي بشدة.
لكن أردوغان والسيسي تصافحا في قطر على هامش افتتاح كأس العالم لكرة القدم الأسبوع الماضي فيما وصفه بيان للرئاسة المصرية بأنه بداية جديدة في العلاقات الثنائية بينهما.
وقال مصدر في المخابرات المصرية إن الوفدين في القاهرة ناقشا كيفية تقريب وجهات النظر بشأن الملفات الأمنية المشتركةوأن تلك الملفات شملت وسائل إعلام مقرها تركيا مرتبطة بالإخوان المسلمين تعارض الحكومة المصرية.
تواصل إقليمي
قال أردوغان إنه تحدث مع السيسي لنحو 45 دقيقة على هامش بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر وإن عملية بناء العلاقات مع مصر ستبدأ باجتماع وزراء البلدين وتتطور المحادثات بعد ذلك انطلاقا من تلك النقطة.
وقال المسؤول التركي الكبير إن الدولتين “قد تدخلان في تعاون جدي بشأن قضايا إقليمية خاصة في أفريقيا”.
قطر وتركيا
عودة العلاقات بين مصر وتركيا لمسارها الطبيعي يخلق مجموعة من التساؤلات من بينها هل بالفعل وضعت الحرب أوزارها بين البلدين الكبيرين في الشرق الأوسط، وهل من الممكن أن يتعاون البلدان في الأزمات الإقليمية محل اهتمامها المشترك خاصة ليبيا وسوريا وشرق المتوسط فضلا عن اهتمام تركيا بالامتداد افريقيا، خاصة وأن المواجهة المصرية التركية كانت امتدت لنطاقات عديدة، وثبت لتركيا بما لا يدع مجالا للشك أن المواجهة مع مصر تحملها خسائر عظيمة، وأن التعاون معها أهم وأولى، وأنه إذا كانت المصالح تتصالح فإن مصلحة البلدين أوجبت حدوث التقارب الذي دفعت قطر تجاهه بقوة، الأمر الذي جعل الرئيس السيسي الذي كان رافضا للأمر برمته، بعدما طرحه أمير قطر في زيارته التاريخية للقاهرة، وكذلك في زيارة الرئيس السيسي لقطر، وقدمت قطر لبلوغ أملها في تحقق ذلك كثير من القرابين كان من بينها دعم الاقتصاد المصري بمبالغ طائلة من الاستثمارات، فضلا عن وديعة بمليار دولار بالبنك المركزي المصري، الأمر الذي أخجل الرئيس السيسي وجعله يستجيب للإلحاح القطري، الذي كان يعكس كذلك الإلحاح والضغط التركي من خلال الوساطة القطرية.
مواجهة الإرهاب وعودة العلاقات
من بين الملفات الرئيسية الحاكمة للعلاقة بين البلدين المواجهة المصرية المباشرة للإرهاب، والاتهام المصري المباشر لتركيا بالضلوع فيه تمويلاً وتوظيفاً ودعماً ورعاية وحتى علاجاً، وربما كانت عودة العلاقات بين البلدين من بين الملفات المؤجلة حتى جرى إعلان مصر ضمنياً أحياناً وصراحة أحيانا أخرى انتصارها على الإرهاب، وذلك على مرأى ومسمع العالم أجمع، حين أصرت على إقامة قمة المناخ في شرم الشيخ مدينة السلام، الواقعة في سيناء، والتي شهدت أشرس مواجهة في العصر الحديث بين مصر والإرهاب.
بالمقابل كان القرار التركي تارة بخفض أصوات المنابر المعارضة وتارة أخرى بإخراسها تماما، فضلاً عن الإعلان بين الحين والآخر توقيف إعلاميين منتمين للإخوان ممن يهاجمون مصر، فيما تعلن عن أن بعض قادة الإخوان ممن يهاجمون مصر غير مرغوب فيهم، وهو ما يعني أن تركيا لم تعد ملاذاً آمناً كما كانت .

 

 

المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الارهاب والاستخبارات ـ ألمانيا  و هولندا
إعداد:  إيهاب نافع ، باحث بالمركز الأوروبي لمكافحة الإرهاب

التعليقات (0)