- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
حسن وهبه يكتب : عن الفنان التشكيلي العراقي دلشاد كوستاني
حسن وهبه يكتب : عن الفنان التشكيلي العراقي دلشاد كوستاني
- 1 أبريل 2021, 11:06:59 ص
- 1093
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الكراسى ستلقى بنا للحروب
الكراسى ستغمرنا بالسلام
الكراسى ستغفرنا كالذنوب
الكراسى ....الجحيم
الكراسى ....الشفاعة
الكراسى التى كلما جد جد
ستهتف موتوا لتحيا الشجاعة
الكراسى التى من دم فوق دم
الكراسى التى لاتطيق
بان يورق الآن حلم
الكراسى التى لم يكن أصلها
شجرًا ذات يوم
........................
إبراهيم نصر الله
..........................
لم أجد أجمل من كلمات إبراهيم نصر الله للتقديم لأعمال الفنان الكردي المبدع دلشاد كوستانى وخاصة مجموعة لوحاته المسماة بالكرسى ، ودلشاد كوستانى ليس مجرد ملون ورسام ماهر فقط بل هو صاحب فكر مميز ورؤية واضحة للحياة والعالم من حوله وحتى فى أعماله الأخرى نرى نظرته الثاقبة للطبيعة وقدرته على تطويع سطح اللوحة واستخدامه للألوان الساخنة بكثافة وحرفية وتمكن رائع من خلال تكوينات لوحاتة ولعبه بالضوء واللون فى إيجاد حلول للمساحة وتفريغ طاقته اللونية الهائلة .
ويتجه دلشاد فى معالجة موضوعه الخاص بلوحات الكرسى إلى رصد الفكر الإنسانى ومشاكله من زاويته الخاصة فاختار موضوع شائك واستخدم فيه كل ملكاته وخبراته اللونية وقدرته على حبك تكويناته فى التعبير عن فكرته وطرحه الشائك وقد قدم دلشاد 25 لوحة عن هذا الموضوع تطرق فيه من خلال اللون والشخوص والرمز وتأثيره الدامي على من حوله وهو أمر مطروح فى كثير من ارجاء العالم " الكرسى " ذلك الكائن الخشبي الذى يتكالب عليه البشر منذ الأزل وهو ما نعانى منه حتى الآن وخاصة فى منطقتنا العربية أنها شهوة الكرسى والحكم التى تحول شخصية الحاكم من شخص عادى إلى طاغية والبعض يتحول إلى شبه إله على الأرض .
وتظهر كل مساوئ البشر والسلطة متمثلة فى القهر والفساد والاستعباد وإذلال بنى جلدته ، فكم من حروب ومآسي وقهر عانت منه شعوبنا نتيجة للتمسك بالسلطة والجلوس على الكرسى واللوحات المرفقة توضح بعض ملامح الامر الجو العام للعمل والمجموعة اللونية المستخدمة وحتى الكرسى بلونه الساخن وحركة الشخوص من حوله والتكوين الراسخ للعمل وحتى لون الشخوص الموحى كل تلك التفاصيل التى تتكرر فى لوحات دلشاد بشكل أو بأخر وإن اختلفت فى تكوينها وتباين ألوانها التى توضح قدرات وإمكانيات دلشاد الهائلة ورغبته فى أن تكون لوحاته ذات مدلول إنساني ومعنى وبعد غير محدود وقد تختلف الأمور من مجتمع لأخر ولكن يبقى الكرسى كرمز للحكم والتحكم والتمسك به الذى أفنى حضارات وقضى على شعوب كانت منهل للحضارة .
والحقيقة أن فكرة العمل فى حد ذاتها مدهشة ومثيرة للجدل فى المجتمعات الاستبدادية التى يمثل فيها الكرسى مطمعًا لكل راغب فى السلطة من أصغر مسئول وحتى الحاكم الذى يرمز لقمة الإستبداد وقد تبدو اللوحات للبعض غامضة ومبهمة بالرغم من وضوح الفكرة ونضوجها ولكن يبقى فى النهاية أننا أمام فنان قادر بقدراته وفكره على الوصول بلوحاته إلى مصاف الفنانين الكبار فى العالم وأنا أرى فى مجمل أعمال دلشاد تجربة فنية ثرية ورائعة .