الداعية الشيخ خالد سعد يكتب: القادة الكرام شهداء معركة طوفان الأقصى دروس في البطولة والتضحية

profile
خالد سعد داعية إسلامي مصري
  • clock 30 يناير 2025, 6:46:18 م
  • eye 97
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01
تعبيرية

في زمنٍ تكالبت فيه الأمم على الأمة الإسلامية، وتصاعدت فيه الاعتداءات على المقدسات، تبرز أسماء قادة عظام يكتبون بدمائهم وأرواحهم ملحمة من ملاحم الجهاد والصمود. هؤلاء القادة، الذين سطروا بأحرف من نور تاريخًا حافلًا بالبطولة والإيمان، هم من يصنعون الفارق في معارك الأمة، ويقدمون أنفسهم قربانًا لتحرير الأرض والمقدسات. ومن بين هؤلاء الأبطال، نذكر القائد الكبير محمد الضيف "أبو خالد" ومروان عيسى، وغازي أبو طماعة، ورائد ثابت، ورافع سلامة، الذين التحقوا بركب الشهداء في معركة "طوفان الأقصى"، ليلتحقوا بركب القادة العظام الذين سبقوهم في درب الشهادة، مثل الشيخ أحمد ياسين، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي، وأبو العبد إسماعيل هنيه، وأبو إبراهيم يحيى السونار.

 

محمد الضيف القائد الذي أرهق العدو وألهم الأمة

 

محمد الضيف، المعروف بـ"أبو خالد" هو القائد العام لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس). وُلد في مخيم خان يونس بقطاع غزة، وانضم منذ شبابه إلى صفوف المقاومة الفلسطينية. تميز بقدراته التخطيطية والتنفيذية، مما جعله هدفًا رئيسيًا للاحتلال الإسرائيلي. تعرض لعدة محاولات اغتيال، نجا منها جميعًا، حتى أعلن عن استشهاده في معركة "طوفان الأقصى" في 30 يناير 2025. كان الضيف رمزًا للصمود والتحدي، وألهم أجيالًا من المقاومين. قال الله تعالى: "وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ۚ وَحَسُنَ أُولَٰئِكَ رَفِيقًا"* (النساء: 69). لقد كان محمد الضيف من أولئك الذين أنعم الله عليهم بنعمة الشهادة، فاستحق أن يكون رفيقًا للأنبياء والصديقين نسأل الله له ذلك وظننا في الله أنه سيكرمه بهذا ولا نزكي على الله أحدا.

 

مروان عيسى الرجل الذي صنع المعجزات في الميدان

 

مروان عيسى، نائب القائد العام لكتائب القسام، وُلد في مخيم النصيرات بقطاع غزة. انضم إلى صفوف المقاومة في سن مبكرة، وشارك في العديد من العمليات النوعية. كان له دور بارز في تطوير القدرات العسكرية للقسام، وتولى مسؤولية التنسيق بين الجناحين السياسي والعسكري للحركة. استشهد في معركة "طوفان الأقصى"، تاركًا خلفه إرثًا من الشجاعة والتفاني. قال الله تعالى: "وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ" (آل عمران: 139). لقد كان مروان عيسى مثالًا للمؤمن الذي لا يهن ولا يحزن، بل يقاتل في سبيل الله حتى النصر أو الشهادة.

 

غازي أبو طماعة: القائد الذي لم يعرف الخوف

 

غازي أبو طماعة، قائد ركن الأسلحة والخدمات القتالية في كتائب القسام، وُلد في مدينة غزة. كان له دور محوري في تطوير وتصنيع الأسلحة، وساهم في تعزيز القدرات القتالية للمقاومة. عرف بشجاعته وإقدامه في الميدان، وشارك في العديد من العمليات التي ألحقت خسائر فادحة بالعدو. استشهد في معركة "طوفان الأقصى"، مؤكدًا أن درب المقاومة مليء بالتضحيات. قال الله تعالى: "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ۚ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ" (التوبة: 111). لقد كان غازي أبو طماعة من أولئك الذين باعوا أنفسهم لله، ففازوا بالجنة.

 

رائد ثابت رمز الصمود والتضحية

 

رائد ثابت، قائد ركن القوى البشرية في كتائب القسام، وُلد في مخيم جباليا بقطاع غزة. كان مسؤولًا عن تدريب وتجهيز المقاتلين، ولعب دورًا أساسيًا في بناء الكوادر العسكرية للمقاومة. تميز بحنكته القيادية وقدرته على استنهاض همم الشباب للانخراط في صفوف المقاومة. استشهد في معركة "طوفان الأقصى"، تاركًا بصمة لا تُمحى في تاريخ الجهاد الفلسطيني. قال الله تعالى: "وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ" (العنكبوت: 69). لقد كان رائد ثابت من المحسنين الذين جاهدوا في سبيل الله، فهداهم الله إلى طريق الشهادة.

 

رافع سلامة: قائد لواء خان يونس*

 

رافع سلامة، قائد لواء خان يونس في كتائب القسام، وُلد في مخيم خان يونس. كان من المقربين للقائد محمد الضيف، وشارك في العديد من العمليات النوعية. عرف بشجاعته وإقدامه، وكان له دور بارز في التصدي للاجتياحات الإسرائيلية لجنوب قطاع غزة. استشهد في معركة "طوفان الأقصى"، مضيفًا صفحة مشرقة إلى سجل الشهداء القادة. قال الله تعالى: "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (آل عمران: 169). لقد كان رافع سلامة من أولئك الأحياء عند ربهم، يرزقون من فضله.

 

معركة "طوفان الأقصى": ملحمة من ملاحم الصمود

 

اندلعت معركة "طوفان الأقصى" في أكتوبر 2023 إثر تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح. أمهلت المقاومة الفلسطينية الاحتلال حتى الساعة السادسة مساءً للانسحاب من تلك المناطق والإفراج عن المعتقلين، وعند انتهاء المهلة، أطلقت كتائب القسام صواريخ تجاه القدس، معلنة بدء المعركة. شهدت هذه المعركة استخدام صاروخ "عياش 250" الذي استهدف مطار رامون جنوب فلسطين، بأمر من القائد محمد الضيف، في رسالة قوية للاحتلال. رغم استشهاد عدد من القادة البارزين، أثبتت المقاومة قدرتها على الصمود والتحدي، مؤكدة أن درب التحرير مليء بالتضحيات. قال الله تعالى: "وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ"* (آل عمران: 146). لقد كانت معركة "طوفان الأقصى" درسًا في الصبر والإصرار، أثبتت فيه المقاومة أنها قادرة على مواجهة أعتى الجيوش.

 

*خاتمة: دماء الشهداء تُضيء طريق النصر

 

إن استشهاد هؤلاء القادة العظام في معركة "طوفان الأقصى" يؤكد أن طريق الحرية والتحرير مفروش بالتضحيات. لقد قدموا أرواحهم فداءً للوطن والمقدسات، وتركوا خلفهم إرثًا من البطولة والإيمان سيظل يُلهم الأجيال القادمة. قال الله تعالى: *"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ"* (البقرة: 155-157).

 

هكذا يكون القادة الكرام، يموتون في ساحة الوغى، مقبلين غير مدبرين، تاركين خلفهم إرثًا من البطولة والإيمان سيظل يُلهم الأجيال القادمة. . فرحمة الله على قادتنا العظام وتقبلهم الله في الشهداء ورفع درجاتهم في أعلى عليين والحقنا بهم على خير يارب العالمين. وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

التعليقات (0)