- ℃ 11 تركيا
- 17 نوفمبر 2024
الحارث طه يكتب : وعد بلفور... ووعد بايدن
الحارث طه يكتب : وعد بلفور... ووعد بايدن
- 19 أكتوبر 2023, 12:23:29 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
متداول
لم تكن إلا رسالة بخط اليد من آرثر إلى حاييم كتب فيها "أعدك بذلك"، وهنا كانت بداية الرسالة والحكاية، وبداية نشأتها، عندما كان حاييم وايزمن ذلك اليهودي ذو العلاقات الواسعة والنفوذ الكبير في الأوساط البريطانية، واستمر النفوذ إلى داخل الحكومة عندما التقى هيربرت صمويل وزير الصحة البريطانية يهودية الديانة والفكر، الذي اجتمعا عليه العقيدة الصهيونية، وطرق إنتاج كيان يجمعهم والآخرين. فما كان من صمويل إلا أن أخذ الرؤية من حاييم وبدأ بطرحها على أوساط الحكومة البريطانية، والنخب السياسية، كان ذلك في العام ١٩١٦.
أخذ صمويل يحشد الجهود متزامنا مع طرح فرنسا وبريطانيا (مشروع سايكس بيكو)، وجعل فلسطين منطقة دولية. وفي خضم تلك الجهود نضجت فكرة الكيان، واجتمعت النخبة حول ضرورة وجود كيان يهودي بعد الثورة البلشفية في روسيا، وضروري وجود اليهود في أرض يجمعهم على عكس ما كان يسعى إليه هرتزل مؤسسة الحركة الصهاينة في أوروبا الشرقية وروسيا حيث كان يروج لفكرة وطن ما، وقبوله أفريقيا مكانا مناسبة بعد أن عرض عليه ذلك.
زرع الخلاف مع النخبة المؤسسة في بريطانية بعضها البعض، واعتبروا هرتزل شخصا انتهازيا، يسعى وراء مصالحه الشخصية. كان عليه إنشاء جبهة قوية في قلب الحكومة البريطانية، وكان الاجتماع في المنزل الريفي الذي انتظره حاييم بفارغ الصبر، حيث كان اللورد جيمس روتشليد وناحوم كسولون ذلك الثعلب الأنيق المثقف الذي يحمل شهادة دكتورة في التاريخ، والذي أصبح بعد ذلك الاجتماع أول دبلوماسي يهودي يقود ذاك الكيان إلى بر الإيمان بوجوب وطن لليهود على أرض فلسطين وتأسيس دولة إسرائيل.
وصل اللورد آرثر بلفور وزارة الخارجية يحمل حقيبة العمل السياسة ليهديهم دولة عبر التاريخ الحديث بريطانيا العظمى، كانت بيد آرثر بلفور الذي يدير ويحدد سياسة ذلك القوي العظمي، وما كان بتلك اليد إلا أن كتبت وعدا بإنشاء دولة إسرائيل على أرض فلسطين بما عرف لاحقا ب "وعد بلفور"، وبه قامت دولة إسرائيل وأصبحت الدولة الأقوى بالمنطقة ذات السيادة على ما تم الوعد به.
ولكي تحافظ الدول العظمى على تلك الدولة، شنت الحرب على أصحاب الأرض والبلدان المحيطة، واحتلت بعض الأراضي وأنشأت عليها مستوطنات للجماعات اليهودية القادمة من روسيا وأوروبا الشرقية ومختلف بلاد العالم، حتى وصلنا إلى القوى الاميريكية التي تسيطر على القرار العالمي، وصاحبة الشأن الأكبر في وضع السياسات حول العالم وضمان أمن دولة إسرائيل، وبذلك انتقلت إسرائيل الدولة من الاعتراف البريطاني إلى الرعايه الأميركية.
تعاقب الكثير من الرؤساء الاميريكيين في دعم تلك الدولة، لتثبيت أركانها وإرساء قواعدها لتكون الاقوى بين جاراتها في المنطقة، والاعتراف بها كصاحب أرض وحقها التاريخي بتلك الأرض، ومن يعاديهم. وقام الكثير من الرؤساء الامريكيين التعهد باحترام الدولة اليهودية أمام العالم، والاعتراف بها، ونقل السفارة الأمريكية للقدس عاصمة أبدية لاسرئيل. وبعضهم أغدق بالعطاء من معدات عسكرية متطورة وطائرات الحربية، الاكثر تطورا دون غيرها، ودون مقابل، وتوظيف الأقمار الصناعية لخدمة وحماية دولة إسرائيل.
مما شكل بعد ذلك تجمع هو الأقوى داخل أمريكا لليهود (ايباك) اللوبي اليهودي وعليه يتم فرز السياسيين على حسب انتمائتهم أما لدعم مشاريع الدولة الاسرائيلي وما يخدم مصالحها أو يقف على الحياد أو ضده وهؤلاء لن يستطيعون الاقتراب من المناصب القيادية في الإدارة الأمريكية.
كانت اليد التي ترعى الدولة الحبيبة بكل جوارحها نفسها تلك اليد القوية على اعدائها، إذ لوح بايدن بيدها خلال الهجمات من قبل فصائل المقاومة على اسرائيل. قائلا من يقف مع إسرائيل يقف مع اميركيا، ومن غير ذلك فهو عدونا، اعترضت عليه سيدة في اللقاء الاعلامي رافعة صوتها تسأله متى توقف القصف على غزة؟، وما كان منه إلا أن قال "لا اسمعك ومهما قلتي لن أسمع"...
أخذ بايدن زمام الأمور وإدارة تلك الحرب المعلنة على عاتقه، واستخدم كل القوة العسكرية والاقتصادية لحماية إسرائيل. في بداية هجوم المقاومة علي مستوطنات غلاف غزة، اجتمع بايدن مع مجموعة كبيرة من النخبة اليهودية الاقتصادية والاعلامية، لتكون تلك الحرب المتغير الأخير في إرساء وتوسيع دولة إسرائيل في المنطقة، وأخذت تلك النخبة توزيع الأدوار على الآخرين كلن حسب تأثيره ومجاله.
كان الجانب الاعلامي هو الاهم في تلك الحرب لتوحيد الدعاية الدولية خلف الدولة اليهودية والاصطفاف العالمي خلفها. ومن غيره ذلك الرجل المؤثر الرئيسي في الاعلامي صاحب الإمبراطورية الاعلامية الاكثر نفوذا والأكثر تاثيرا على المجتمعات الأوروبية والامريكية لخلق تشتيت وتغير الافكار والترويج لمباركة الحرب الاسرائيلية على اي بقعة في الشرق الأوسط. انه روبرت مردوخ رأس الحربة في صناعة البروباجندا السوداء وتغير الرأي العام العالمي بحسب المصالح الامريكية والإسرائيلية، مهما كلف الأمر.
بدا العمل من خلال الصحافيين والكتاب والمخرجين وصناع المحتوى والعقول إلكترونية. تلك العقول أخذت علي عاتقها معالجة كلب في مهد العلاج لطفل محروق الجثة. ومن مدينة دمرت اسمها غزة لمدينة صار اسمها استرويد.
كان بايدن قد جلس مع تلك النخبة وأعطى الوعد لبارون عائلة روتشليد بحماية إسرائيل. وقالها في المنزل الريفي، وعلى منصة اعلامية في وقت لاحق "لو لم تكن إسرائيل موجود لاوجدناه اليوم، نحن الولايات المتحدة الدولة الاقوى في التاريخ نقف إلى جانب إسرائيل". وهذا الخطاب كان لبايدن منذ عشرين عاما عندما كان سيناتور وعضو مجموعة الضغط في الكونغرس. ثم أعاد الخطاب نفسه، وهو نائب الرئيس الامريكي الاسبق باراك أوباما.
واليوم أعطى الرئيس الامريكي بايدن وعدا قطعه على نفس للصهاينة "بالوقوف والدفاع والعمل على توسيع دولة إسرائيل لضمان وجودها على أرضها التاريخية". تماما كما تراها نخب العمل اليهودية منذ القرن الماضي، والذي اعتبره بايدن والكثير من السياسيين الامريكيين، كفاحا ونضالا من اجل بناء دولة إسرائيل التاريخية.
عرف عن بايدن أنه يعاني من مرض اسمه النوم المفاجئ، وعرف عنه السقوط وكانت له عدة سقطات على منصات الإعلامية التي يخطب بها، بجانب أنه يضل طريقه للخروج من أي مكان يوجد فيه. وهو الآن يرسل حاملات الطائرات والطائرات المتطورة الي اسرائيل. بل انه أدخل قطعات من الجيش ووحدات المارينز للمشاركة في الحرب في المتوسط ضد أعداء إسرائيل علي أرض فلسطين.