- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
أسامة سعد يكتب: رد ياسر عرفات على مؤتمر العقبة
أسامة سعد يكتب: رد ياسر عرفات على مؤتمر العقبة
- 2 مارس 2023, 10:49:56 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كانت معركة الكرامة التي وقعت بين قوات الثـورö الفلسطينية والجيش الصـמـيوني بمنزلة عهد جديد للثـورö الفلسطينية، إذ امتدت وانتشرت في كل أماكن وجود الشعب الفلسطيني، خاصة في المخيمات الفلسطينية التي تمركزت في البلدان العربية كسوريا والأردن ولبنان، وأمام هذا الزخم الثوري الهائل، بدأت الثـورö الفلسطينية باتخاذ إجراءات لتنظيم عمل الكفاح المسلح بما يستوعب هذا التطور الذي كان أبرز ملامحه إقبال الشباب الفلسطيني على الانضمام لقوات الثـورö الفلسطينية أو ما كان يعرف وقتها بالكفاح المسلح.
كانت لبنان كدولة عربية حدودية من أكثر الدول التي استوعبت اللاجئين الفلسطينيين الذين تمركزوا في حوالي ستة عشر مخيما للاجئين الامر الذي شكل عبئا ثقيلا على لبنان ليس من الناحية الاقتصادية فقط ولكن من حيث معادلة التوازن الطائفي، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى أدى تكريس وتكثيف الوجود الفلسطيني المسلح على الأرض اللبنانية إلى شعور الدولة اللبنانية بنوع من فقدان السيطرة الأمنية على أراضيها حيث ظهر تحرك قوات الثـورö الفلسطينية على الأرض كأنه منازعة من قوات الثـورö للجيش اللبناني في العمل على أرضه؛ الأمر الذي دفع قوات الجيش والشرطة اللبنانية إلى اتخاذ بعض الإجراءات ضد قوات الثـورö الفلسطينية في شمال لبنان لإحكام سيطرة الجيش والشرطة الأمنية على المنطقة، لم يكن في وارد حسابات قيادة الثـورö الفلسطينية أن تسلم بهذه الإجراءات، فانطلقت قوات الثـورö الفلسطينية لتسيطر على قواعد الجيش ومخافر الشرطة في المنطقة التي جرى فيها تحرش الجيش اللبناني بقوات الثـورö الفلسطينية؛ الأمر الذي استدعى تدخل الرئيس جمال عبد الناصر في حينه وتوقيع ما عرف باتفاقية القاهرة في 3 نوفمبر 1969م، التي نظمت الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان بما يضمن حرية العمل لقوات الثـورö الفلسطينية على الأرض اللبنانية وحرية انتماء أبناء الشعب الفلسطيني لقوات الثـورö الفلسطينية، وقد وقّع الاتفاق ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والعماد إميل البستاني قائد الجيش اللبناني.
ما سبق كان رد ياسر عرفات على كل محاولة للنيل من العمل الثوري الفدائي الفلسطيني عندما كانت الثـورö الفلسطينية والكفاح المسلح هما السبيل الوحيد في عقيدة منظمة التحرير لتحرير الأرض الفلسطينية، ولذلك لم يكن يقبل في ذلك الوقت مجرد فكرة المس بالكفاح المسلح حتى من قبل المستضيف لقوات الثـورö واللاجئين الفلسطينيين، وهي الدولة اللبنانية من خلال الجيش اللبناني أو أجهزة الأمن اللبنانية، رغم أن الأرض هي أرض لبنانية والسيادة عليها سيادة لبنانية ورغم أن الوجود الفلسطيني المسلح على الأراضي اللبنانية كان له تبعات خطِرة على لبنان كدولة، أقلها تكرار قصف الطائرات الصـמـيونية للأراضي اللبنانية والمناطق والمواقع الحيوية في لبنان.
في مؤتمر العقبة يجتمع من يدّعون أنهم يحملون إرث ياسر عرفات مع العـ.ـدو الصـמـيوني ليتفقوا على القضاء على الثـورö المسلحة التي تنتشر في مدن وقرى الضفة الغربية برعاية وإشراف أمريكي، رغم أن الأرض التي تجري عليها الـمـöـ.ـاومة هي أرض فلسطينية محتلة، والشعب الـمـöـ.ـاوم هو الشعب الفلسطيني والمحتل هو العـ.ـدو الصـמـيوني الذي يرتكب يومياً مجازر ضد أبناء الشعب الفلسطيني، التي كان آخرها مجزرة نابلس.
المفارقة بين اليوم والبارحة أن قيادة منظمة التحرير بالأمس لم تقبل أن تتدخل الدولة اللبنانية أو تمس بأي حال من الأحوال بالثـورö الفلسطينية والكفاح المسلح، رغم أنها مستضافة على الأرض اللبنانية وتخضع للسيادة اللبنانية، وفي سبيل حماية الثـورö الفلسطينية أصدرت قيادة منظمة التحرير قرارًا لقوات الثـورö الفلسطينية باقتحام مواقع الجيش والشرطة اللبنانية في المنطقة التي جرى فيها التحرش بقوات الثـورö الفلسطينية، وقد أسفر عن هذا التحرك السيطرة على عدد من مواقع الجيش اللبناني ومخافر الشرطة اللبنانية واعتقال عناصر الشرطة والجيش الموجودين في تلك المواقع، ومصادرة أسلحتهم لصالح قوات الثـورö الفلسطينية، وبلا شك فقد شكل هذا التحرك إهانة شديدة للدولة والجيش والشرطة اللبنانية، ورغم ذلك وُقِّعت الحكومة اللبنانية اتفاقية تحمي الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان.
اليوم نفس القيادة لنفس المنظمة مع اختلاف الأسماء وبعد مرور الزمن، توقع اتفاقية للقضاء على قوات الثـورö الفلسطينية في الضفة الغربية، وبمنطق الثـورö الفلسطينية في عام 1969 كان الرد هو الاستيلاء على مواقع الجيش والشرطة التي حاولت أن تمس الثـورö الفلسطينية واجبار الحكومة اللبنانية على توقيع اتفاقية تحمي الثـورö والكفاح المسلح، فهل تتخذ الثـورö المسلحة في الضفة الغربية اليوم ذات القرار الذي اتخذه ياسر عرفات عام 1969م؟
غزة في 2/3/2023م