- ℃ 11 تركيا
- 8 نوفمبر 2024
أحمد طالب الأشقر يكتب: شتاءُ الحرّية ومظلّاتُ العبيدْ
أحمد طالب الأشقر يكتب: شتاءُ الحرّية ومظلّاتُ العبيدْ
- 11 مارس 2023, 4:31:55 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
منذُ عقود عدّة ظهرت "متلازمة استوكهولم" كظاهرة نفسية غريبة، يُظهر فيها الفرد الضحية التعاطف والإنسجام تجاه الجلّاد، تصل إلى درجة الدفاع عنه والتضامن معه؛ مثل هذه الظاهرة أصابت فئات من السوريين داخل سوريا و خارجها؛ تعبّر هذه المتلازمة عن اضطراب اجتماعي ونفسي كبير، حالة فِصام و تضاد بين الماضي و الحاضر، كظاهرة تستحق الدراسة.
على غرار "متلازمة استكهولم" تبدو أن هناك نسخة محلية "موالية" في سوريا تدعى "المنحبكجية"، نشأت في ظروف اجتماعية وسياسية قمعية وفاشية؛ يُظهر "المنحبّكجية" فيها ولاء عجيب لسيدهم وجلّادهم، لاتدّخر هذه الفئة جهداً للدفاع عن الدكتاتور الصنم على كافة الإتجاهات والصعد، مثالها سلوك التشبيح والترهيب و الوشاية، أسلوب تلفيق التهم للمخالفين والمختلفين معهم.
على النظير من ظاهرة "المنحبكجية" المحلية، نشأت "متلازمة السوركة الثورية" في دول الجوار واللجوء؛ وهي ظاهرة توثقت معالمها بعد انطلاق الثورة السورية؛ تصيب أفراد وجماعات؛ وبتعريف مختصر لها هي : الإمتنان "المَرَضِي" تجاه المضيف حتى ولو ألحق المضيف فعله منّاً وأذى "الحمد لله نحن عايشين" .. لا بأس إنها تشبه عبارات المنحبكجيّة الموالين " كنّا عايشين " أوااه.. إنها حياة مُذلة! ؛ إذاً فالسوركي "الثوري" شخص متماهٍ، نرجسي وأناني، شخص عديم الإحساس تجاه قضايا أبناء جلدته، ممتن جداً لأفضال المضيف وسياسته؛ أيضاً فهو شخص بليد لا يتأثر بالنقد المضاد؛ لديه لوازم كلامية مثلاً كـ" يا غريب كون أديب "، فهذه وغيرها هي عبارات يستخدمها لتذكير نفسه و الآخرين بتقديم فروض السجود والتعظيم.
لقد توجهت هذه الفئة إلى دول الجوار، حالها كحال ملايين اللاجئين السوريين الأحرار، إلا أنها تميّزت بولائها "للقائد الملهم"، أياً كان، حتى مع تغيّر البلاد، فهي لا بد أن تدين بالولاء لأحدهم، أو تدين بالعرفان لطرف ما، حتى ولو كان على حساب كرامتهم.
حيث نقل هؤلاء " المنحبكجية - السوركيين " أدواتهم المؤذية إلى حيث إقامتهم في دول الجوار، كالتقارير الأمنية و الزيارات الدورية لـأفرع الأمن، كنوع من إثبات الولاء وكوسيلة للتقرب من أجهزة السلطة من أجل مكاسب شخصية، وللحصول على تسهيلات و امتيازات معينة أو لمكاسب مادية يلهثون خلفها.
وأخيراً .. لا تشعر بالدهشة عندما تشاهد تعليقات وردود فعل "السوركي - الثائر" حين يسمع بتجاوزات من قبل أجهزة السلطة المضيفة تجاه أبناء جلدته حتى لو كانت تحمل العنف المفرط والتضييق الشديد و التي قد تتضمن السجن والإعتقال والإحتجاز الغير قانوني، فهي بمنظوره لا توازي فاشية سلطة بلاده فهي سقف طموحه، هذه الظاهرة كمن خرج من الدلف إلى تحت المزراب ؛ يقول أفلاطون : "لو أمطرت السماء حرية .. لرأيت بعض العبيد يحملون المظلات".
وعليه .. لا يحق لكائنٍ من كان عنده كرامة إنسانية وتوّاق للحرية أن يستبدل العبودية بعبودية، والذل بذل والهوان بهوان؛ فإذا كان هذا مفهومه عن الحرية فـلمَ ثار طالباً لها وماذا استفاد فعلاً ؟!.