- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
4 سيناريوهات لمستقبل الصراع السوداني
4 سيناريوهات لمستقبل الصراع السوداني
- 7 أغسطس 2023, 8:01:47 ص
- 324
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مع اقترابه من دخول شهره الرابع على التوالي وانهيار هدناته بشكل متتالي، وضعت منصة "أسباب" 4 سيناريوهات رئيسية لمستقبل الصراع الجاري في السودان بين قوات الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقائد قوات "الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وذكرت المنصة المعنية بتحليل أبعاد ومآلات التطورات الإقليمية والدولية من منظور جيوسياسي، أن هذه السيناريوهات الأربعة تتمثل في حرب أهلية مُطوّلة، أو خروج قائد الجيش كزعيم قوي، أو انتصار حميدتي وقوات الدعم السريع، أو تقسيم السودان.
حرب أهلية مطولة
وفق هذا السيناريو، يسقط السودان في فخ معارك مكثفة وطويلة المدى بين الجيش وقوات الدعم السريع، ومع فشل الحلول السلمية سيتواصل تصاعد الأعمال العدائية.
من الممكن أن يحكم الجيش سيطرته على العاصمة بالتدريج، لكنّ الصراع سيتوسع متجاوزاً حدود الخرطوم ليعصف بمناطق مثل دارفور، وجنوب كردفان، وشرق السودان.
بينما ستستغل القوات المسلحة وقوات الدعم السريع فترات وقف إطلاق النار لإعادة التجمع، وإعادة التسلُّح، وشن هجمات لاحقة.
وسيؤدي القتال داخل المناطق الحضرية في الخرطوم إلى إلحاق الضرر بالبنية التحتية، فضلا عن سقوط قتلى مدنيين.
وضمن جهودها لفرض الهيمنة، ستستولي قوات الدعم السريع على مناطق حيوية، لتأمين خطوط إمدادها وتجارتها الخارجية.
وستتفاقم الأزمة الإنسانية مع تصاعد العنف، مصحوبةً بارتفاع في عمليات النزوح القسري، وتفشي انعدام الأمن الغذائي، ومحدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية.
وسيؤدي تعقيد الصراع إلى جذب الجهات الخارجية التي صارت متورطة في تقديم الدعم والموارد للفصائل المتحاربة، سواء بصورةٍ مباشرة أو غير مباشرة، وسيسفر هذا التدخل الخارجي عن زيادة حدة القتال وإطالة أمد معاناة الشعب السوداني.
وستكون للحرب الأهلية المطولة تداعياتها على استقرار السودان وأمنه الإقليمي؛ بسبب تصاعد التوترات العرقية، وسيعمل استمرار نزوح المواطنين من مناطق القتال إلى إجهاد موارد البلاد وبنيتها التحتية.
أما على المستوى الإقليمي، سيمثل الصراع تهديداً جسيماً للاستقرار بسبب احتمالية أن يمتد إلى الدول المجاورة، ويُغذي الخصومات الإقليمية، ويخلق ملاذات آمنة للجماعات المسلحة.
خروج البرهان كزعيم قوي
في هذا السيناريو تحقق القوات المسلحة السودانية نصراً حاسماً يمكنها من تعزيز سيطرتها على البلاد، وبعده تشن هجمات منسقة وفعالية لإضعاف الدعم السريع والجماعات المسلحة الأخرى، لتجبرها على التراجع وتسترد سيطرتها على المناطق الاستراتيجية الرئيسية.
ومع اشتداد حدة الهجمات، ستظهر الانقسامات الداخلية في صفوف قوات الدعم السريع على السطح، وسينشق بعض قادتها وجنودها أو سينضمون إلى القوات المسلحة، منجذبين بذلك إلى تنامي قوة الجيش واحتمالية فرض الاستقرار تحت قيادته.
وسيؤدي هذا التفكك في صفوف الدعم السريع إلى إضعاف قدرتها الكلية وتماسكها؛ ما سيصب في مصلحة تقدم القوات المسلحة وتعزيز موقفها.
وسيحظى نصر القوات المسلحة السودانية بدعم دبلوماسي كبير من مصر، وكذلك جهات دولية وإقليمية أخرى بما فيها السعودية، التي ترى في الجيش وسيلةً لإحلال الاستقرار داخل السودان ومنع تصعيد العنف مرةً أخرى.
وقد يتجسد هذا الدعم في صورة مساعدات عسكرية، ومساعدات اقتصادية، وتعزيز لوضعية وشرعية القوات المسلحة السودانية، وسيتولى البرهان حينها دوراً بارزاً في الحكومة الانتقالية بصفته قائداً للجيش، ليستغل نفوذه الجديد من أجل تأسيس منصب قيادة مركزي.
وقد يشهد هذا السيناريو تنصيب البرهان لنفسه رئيساً على المجلس العسكري، أو تحوّله إلى شخصية نافذة ضمن تحالف سياسيٍ أوسع.
لكن ظهور حاكم قوي في السودان ينطوي على مقايضةٍ أخرى؛ إذ ربما يتحقق استقرار نسبي تحت قيادة البرهان، لكنه سيأتي على حساب الديمقراطية والحريات والتعددية السياسية، واحتمالية وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان.
انتصار حميدتي
وفقا لهذا السيناريو، سيؤدي انتصار قوات الدعم السريع لتعزيز سيطرتها على السودان، وستبرهن على كونها خصماً هائلاً للقوات المسلحة، بفضل هيكلتها اللامركزية وكفاءتها في حرب العصابات، والدعم الخارجي.
وفي غضون ذلك، ستشن قوات الدعم السريع سلسلة من الهجمات المنسقة جيداً لتكون لها اليد العليا في البلاد، حيث تستولي على المواقع الاستراتيجية والقواعد العسكرية الرئيسية.
وستتوسع الأراضي الخاضعة لسيطرتهم بالتزامن مع فرض هيمنتهم على مختلف مناطق السودان، وستعزز قوات الدعم السريع نجاحها بتشكيل تحالفات مع الجماعات المسلحة الأخرى، سواءً داخل السودان أو من البلدان المجاورة.
وستوفر هذه التحالفات المزيد من القدرات العسكرية والموارد والمجندين والتمويل؛ ما سيُتيح لقوات الدعم السريع الحفاظ على وتيرة عملياتها الهجومية وتصعيدها، وستحظى بدعم خارجي من الجهات أو الدول ذات المصالح المتوافقة معها.
كما سيوفر ذلك غطاء الشرعية لتحركات قوات الدعم السريع، وربما يتألف من مساعدات عسكرية أو مشاركة معلومات استخباراتية أو دعم دبلوماسي.
وستبسط قوات الدعم السريع نفوذها على مؤسسات الحكومة الرئيسية، بالتزامن مع توطيد سيطرتها على البلاد، لتُهمِّش بذلك الفصائل المعارضة وتؤسس لسلطتها، وسيعزز حميدتي وضعيته كقائد ليصبح شخصية قوية لها قدر كبير من النفوذ والسيطرة.
في غضون ذلك، سيلعب حميدتي دور الحاكم القوي لفرض المركزية على السلطة وعملية صنع القرار تحت قيادته، حيث سيعيش السودان شكلاً استبدادياً من أشكال الحكم، الذي يتسم بالسيطرة المركزية ومحدودية الحريات السياسية.
سيستفيد حميدتي بموقعه في السلطة من استغلال موارد السودان الاقتصادية، من أجل تعزيز سيطرته وتأمين الموارد المالية، وسيشمل هذا استغلال الأراضي، والثروات الطبيعية، والمشروعات التجارية لتعزيز سلطة قوات الدعم السريع أكثر.
لكن في المقابل فإن انتصار الدعم السريع سيأتي مصحوباً بتداعيات متداخلة على الأمن والاستقرار في السودان؛ إذ قد يؤدي هذا النصر إلى استقرارٍ نسبي في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة القوات، لكن المخاوف ستظل قائمة حيال انتهاكات حقوق الإنسان المحتملة، والتوترات العرقية، والمقاومة المحتملة من الفصائل المعارضة.
تقسيم السودان
وفقا لهذا السيناريو سيأخذ الصراع الجاري بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع منعطفاً مروعاً؛ مما سيؤدي إلى تقسيم السودان.
سيؤجج صراع السلطة المتصاعد من الانقسامات العرقية والإقليمية القائمة، ويدفع بالسودان نحو حالة التفكك، وسيتحول صراع حميدتي والبرهان إلى نقطةٍ محورية في الصراع الأكبر، حيث سيتحرك كلاهما مدفوعاً بطموحاته الشخصية ورغبته في السلطة.
كما سيؤدي تنافسهما من أجل السيطرة والهيمنة على السودان إلى تفاقم التوترات؛ ما سيزيد استقطاب الفصائل والمناطق على حدٍ سواء. ومع تصعيد الصراع أكثر، ستضعف الحكومة المركزية لتطغى عليها طموحات القوات المسلحة وقوات الدعم السريع.
بينما سيعطي كلا الفصيلين الأولوية لتعزيز سلطته على المناطق الخاضعة لسيطرته؛ مما سيسفر عن تفكك الحكومة المركزية وظهور مناطق الحكم الذاتي.
ومع تقسيم السودان ستنفجر الصراعات المسلحة وصراعات السلطة بين المناطق والجماعات العرقية المختلفة، التي ستتنافس للسيطرة على الأراضي أو الموارد أو النفوذ السياسي، وستستمر المظالم التاريخية والصراعات التي لم تُحَل بعد -مثل صراع دارفور أو انفصال جنوب السودان- في تشكيل الديناميات الإقليمية وتحريك مطالبات حق تقرير المصير.
ولا شك أن تفكك الحكومة المركزية سيفاقم الأزمات الإنسانية القائمة؛ ما سيؤدي إلى زيادة النزوح وتدفق اللاجئين، وتقييد قدرات الاستجابة الإنسانية إقليمياً ودولياً.