يسري عبدالغني يكتب : نجيب سرور الشاعر والمأساة

profile
د. يسري عبدالغني ناقد وكاتب
  • clock 3 يونيو 2021, 12:48:04 ص
  • eye 2147
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

نجيب سرور شاعر مصري بزغ نجمه خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. تعرض للاعتقال والتعذيب، واشتهر بين الناس بلقب “شاعر العقل”.

نجيب سرور شاعر وممثل مصري برز خلال عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. ولد في إحدى قرى محافظة الدقهلية بمصر، وكان محبًا للمسرح والتمثيل، فالتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج منه ليعمل في مجالي التمثيل والإخراج.

سافر إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الإخراج المسرحي. وبعدما عاد نجيب إلى مصر، ألف بعض المسرحيات والدواوين الشعرية، ولكن جرأته الشديدة وصراحته في انتقاد سلبيات النظام آنذاك تسببتا في دخوله المعتقل، حيث تعرض لشتى أنواع التعذيب، فضلًا عن إدخاله -كما قيل-غصبًا إلى مستشفى الأمراض العقلية عدة مرات.

يشتهر نجيب سرور بين الناس بقصيدته اللاذعة “الأميّات”، والتي جاءت كلماتها الجارحة وألفاظها الخارجة تعبيرًا عن حالته النفسية بعدما تعرض له خلال حياته من تنكيل وتضييق واعتقال، فكانت هذه القصيدة أشبه بصرخة يطلقها سرور في وجه جميع الناس استياءً من أوضاع مصر في تلك الفترة. توفي نجيب سرور في القاهرة عام 1978.

ولد الشاعر نجيب سرور في قرية إخطاب بمركز أجا في محافظة الدقهلية. كانت عائلته تعمل في الزراعة والأرض على غرار سائر الفلاحين في القرية، وكانت الأسر تحصل على قوت يومها من الزراعة وتربية المواشي، وكان تلك الأموال تستخدم في إرسال الأطفال للتعلم في المدارس الحكومية.

كان للبيئة القاسية والفقيرة التي عاش فيها سرور دور كبير في تأسيس شخصيته، فشبّ على رفض الاستغلال والإقطاع، والمناداة بتحقيق الحرية والعدالة في المجتمع.

وبعدما أنهى سرور دراسته الثانوية، التحق بالجامعة لدراسة الحقوق فيها، ولكنه تركها في السنة الأخيرة كي يحقق حلمه في الانضمام إلى المعهد العالي للفنون المسرحية. وهناك درس التمثيل والإخراج وتخرج منه ليبدأ حياته المهنية.

بدأ عهد سرور مع الشعر بكتابته قصيدة "الحذاء" سنة 1956، والتي صور فيها ما عاناه والده من ظلم وقهر على يد عمدة القرية.

انتمى سرور خلال شبابه إلى الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو)، وهي إحدى المنظمات الشيوعية في مصر. وفي عام 1958، سافر سرور في بعثة دراسية إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الإخراج المسرحي هناك.

عانى سرور خلال تلك الفترة من مشكلتين: فقد عمد الطلاب المرافقون له في البعثة إلى كتابة تقارير أمنية مسيئة بحقه، في حين أن الشيوعيين كانوا يشكّون في انتمائه الشيوعي نظرًا لأنه كان موفدًا ضمن بعثة رسمية.

ولكن شكوك الشيوعيين اتجاه سرور تبددت لما ألقى بعض الخطب الحماسية التي هاجمت نظامي مصر والأردن لسياساتهما القمعية بحق الناس- وكما قيل -نتيجة لهذه المواقف الثورية المعارضة، قررت الحكومة المصرية سحب المنحة الدراسية منه.

بقي سرور في الاتحاد السوفييتي ولكنه لم يكن على وئام مع التنظيمات الشيوعية هناك، ولذا قرر الذهاب إلى المجر، ومنها عاد إلى مصر سنة 1964.

ولكنّ كل ما تعرض له من اعتقال  لم يقف حائلًا أما نشاط سرور الإبداعي، فألف مسرحية "بهية وياسين" عام 1965، وبعدها بعامين أنهى كتابة مسرحيته الثانية "يا بهية وخبريني".

وفي عام 1969، كتب مسرحية "الكلمات المتقاطعة"، وفي ذات العام أصدر مسرحية نثرية بعنوان "الحكم قبل المداولة"

تابع سرور مسيرته مع المسرح، فقدم مسرحية "ملك الشحاتين" عام 1970. ولكن العام التالي كان حافلًا بالمعاناة؛ فقد انتقد سرور بشدة أحداث أيلول الأسود في الأردن، وهاجم طريقة معاملة الفلسطينيين في مسرحيته "الذباب الأزرق"، مما أثار نقمة أجهزة الأمن المصرية، التي منعت عرض المسرحية وصادرت النسخ المطبوعة منها.

ولم تقف الممارسات القمعية عند هذا الحد، فقد تعرض سرور للاعتقال وجرت محاولة اغتياله خنقًا-كما قيل- ، وطُرد من وظيفته، ومنع من النشر لبعض الوقت، حتى أنه أيضًا أُودع في مستشفى الأمراض العقلية بتهمة الجنون. وهكذا، ساهمت كل هذه الإجراءات في خروج قصيدة سرور الشهيرة "الأميات" إلى العلن.

تميزت هذه القصيدة بقسوتها الشديدة وبألفاظها الجارحة والخادشة للحياء، إذ انتقد سرور فيها أبرز رموز السلطة في مصر.

ولكن بالرغم من الكلمات الخارجة التي امتلأت بها قصيدة "الأميات"، فإنها عبرت عن المرارة الشديدة التي شعر بها سرور إزاء الأوضاع في مصر. كانت "الأميات" أشبه بصرخة الرفض التي أطلقها سرور ردًا على ما آلت إليه أوضاع بلده.

أصدر نجيب سرور طوال حياته عدة دواوين شعرية نذكر منها: "لزوم ما لا يلزم" التي كتبها في المجر وصدرت عام 1975، وديوان "الأميات"، و"بروتوكولات حكماء ريش"، و"رباعيات نجيب سرور"، وديوانا "الطوفان" و"فارس آخر زمن".

من جهة أخرى، تمتع سرور بحس نقد رفيع، فقد أنجز عددًا من الدراسات النقدية المهمة مثل "رحلة في ثلاثية نجيب محفوظ" التي تعرض فيها لروايات الكاتب الشهير.

ونشر أيضًا عددًا من المقالات النقدية في بعض الدوريات الأدبية، ولعل أبرزها: تحت عباءة أبي العلاء، وهموم في الأدب والفن، وحوار في المسرح.

تزوج نجيب سرور من الفنانة المصرية سميرة محسن،نجيب سرور - ملك الشحاتين ..الشاعر والمأساة

نجيب سرور شاعر مصري بزغ نجمه خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. تعرض للاعتقال والتعذيب، واشتهر بين الناس بلقب “شاعر العقل”.

نجيب سرور شاعر وممثل مصري برز خلال عقدي الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي. ولد في إحدى قرى محافظة الدقهلية بمصر، وكان محبًا للمسرح والتمثيل، فالتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية وتخرج منه ليعمل في مجالي التمثيل والإخراج.

سافر إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الإخراج المسرحي. وبعدما عاد نجيب إلى مصر، ألف بعض المسرحيات والدواوين الشعرية، ولكن جرأته الشديدة وصراحته في انتقاد سلبيات النظام آنذاك تسببتا في دخوله المعتقل، حيث تعرض لشتى أنواع التعذيب، فضلًا عن إدخاله -كما قيل-غصبًا إلى مستشفى الأمراض العقلية عدة مرات.

يشتهر نجيب سرور بين الناس بقصيدته اللاذعة “الأميّات”، والتي جاءت كلماتها الجارحة وألفاظها الخارجة تعبيرًا عن حالته النفسية بعدما تعرض له خلال حياته من تنكيل وتضييق واعتقال، فكانت هذه القصيدة أشبه بصرخة يطلقها سرور في وجه جميع الناس استياءً من أوضاع مصر في تلك الفترة. توفي نجيب سرور في القاهرة عام 1978.

ولد الشاعر نجيب سرور في قرية إخطاب بمركز أجا في محافظة الدقهلية. كانت عائلته تعمل في الزراعة والأرض على غرار سائر الفلاحين في القرية، وكانت الأسر تحصل على قوت يومها من الزراعة وتربية المواشي، وكان تلك الأموال تستخدم في إرسال الأطفال للتعلم في المدارس الحكومية.

كان للبيئة القاسية والفقيرة التي عاش فيها سرور دور كبير في تأسيس شخصيته، فشبّ على رفض الاستغلال والإقطاع، والمناداة بتحقيق الحرية والعدالة في المجتمع.

وبعدما أنهى سرور دراسته الثانوية، التحق بالجامعة لدراسة الحقوق فيها، ولكنه تركها في السنة الأخيرة كي يحقق حلمه في الانضمام إلى المعهد العالي للفنون المسرحية. وهناك درس التمثيل والإخراج وتخرج منه ليبدأ حياته المهنية.

بدأ عهد سرور مع الشعر بكتابته قصيدة "الحذاء" سنة 1956، والتي صور فيها ما عاناه والده من ظلم وقهر على يد عمدة القرية.

انتمى سرور خلال شبابه إلى الحركة الديمقراطية للتحرر الوطني (حدتو)، وهي إحدى المنظمات الشيوعية في مصر. وفي عام 1958، سافر سرور في بعثة دراسية إلى الاتحاد السوفييتي لدراسة الإخراج المسرحي هناك.

عانى سرور خلال تلك الفترة من مشكلتين: فقد عمد الطلاب المرافقون له في البعثة إلى كتابة تقارير أمنية مسيئة بحقه، في حين أن الشيوعيين كانوا يشكّون في انتمائه الشيوعي نظرًا لأنه كان موفدًا ضمن بعثة رسمية.

ولكن شكوك الشيوعيين اتجاه سرور تبددت لما ألقى بعض الخطب الحماسية التي هاجمت نظامي مصر والأردن لسياساتهما القمعية بحق الناس- وكما قيل -نتيجة لهذه المواقف الثورية المعارضة، قررت الحكومة المصرية سحب المنحة الدراسية منه.

بقي سرور في الاتحاد السوفييتي ولكنه لم يكن على وئام مع التنظيمات الشيوعية هناك، ولذا قرر الذهاب إلى المجر، ومنها عاد إلى مصر سنة 1964.

ولكنّ كل ما تعرض له من اعتقال  لم يقف حائلًا أما نشاط سرور الإبداعي، فألف مسرحية "بهية وياسين" عام 1965، وبعدها بعامين أنهى كتابة مسرحيته الثانية "يا بهية وخبريني".

وفي عام 1969، كتب مسرحية "الكلمات المتقاطعة"، وفي ذات العام أصدر مسرحية نثرية بعنوان "الحكم قبل المداولة"

تابع سرور مسيرته مع المسرح، فقدم مسرحية "ملك الشحاتين" عام 1970. ولكن العام التالي كان حافلًا بالمعاناة؛ فقد انتقد سرور بشدة أحداث أيلول الأسود في الأردن، وهاجم طريقة معاملة الفلسطينيين في مسرحيته "الذباب الأزرق"، مما أثار نقمة أجهزة الأمن المصرية، التي منعت عرض المسرحية وصادرت النسخ المطبوعة منها.

ولم تقف الممارسات القمعية عند هذا الحد، فقد تعرض سرور للاعتقال وجرت محاولة اغتياله خنقًا-كما قيل- ، وطُرد من وظيفته، ومنع من النشر لبعض الوقت، حتى أنه أيضًا أُودع في مستشفى الأمراض العقلية بتهمة الجنون. وهكذا، ساهمت كل هذه الإجراءات في خروج قصيدة سرور الشهيرة "الأميات" إلى العلن.

تميزت هذه القصيدة بقسوتها الشديدة وبألفاظها الجارحة والخادشة للحياء، إذ انتقد سرور فيها أبرز رموز السلطة في مصر.

ولكن بالرغم من الكلمات الخارجة التي امتلأت بها قصيدة "الأميات"، فإنها عبرت عن المرارة الشديدة التي شعر بها سرور إزاء الأوضاع في مصر. كانت "الأميات" أشبه بصرخة الرفض التي أطلقها سرور ردًا على ما آلت إليه أوضاع بلده.

أصدر نجيب سرور طوال حياته عدة دواوين شعرية نذكر منها: "لزوم ما لا يلزم" التي كتبها في المجر وصدرت عام 1975، وديوان "الأميات"، و"بروتوكولات حكماء ريش"، و"رباعيات نجيب سرور"، وديوانا "الطوفان" و"فارس آخر زمن".

من جهة أخرى، تمتع سرور بحس نقد رفيع، فقد أنجز عددًا من الدراسات النقدية المهمة مثل "رحلة في ثلاثية نجيب محفوظ" التي تعرض فيها لروايات الكاتب الشهير.

ونشر أيضًا عددًا من المقالات النقدية في بعض الدوريات الأدبية، ولعل أبرزها: تحت عباءة أبي العلاء، وهموم في الأدب والفن، وحوار في المسرح.

تزوج نجيب سرور من الفنانة المصرية سميرة محسن،ولم ينحب منها  وله زوجه روسية  ظلت مخلصة له حتى آخر لحظة فى حياته وأنجب منها طفلهما شهدي. ولكن زواجهما لم يدم طويلًا وتطلقا في نهاية المطاف.

تدهورت الحالة الصحية والمعيشية لنجيب سرور خلال الفترة الأخيرة من حياته، و، فأودع  مستشفى الأمراض العقلية، ليتوفى هناك بتاريخ 24 أكتوبر عام 1978.

نجيب سرور شاعر ومؤلف مسرحي مرهف الحس يمتلك حسًا شعريًا راقيًا، وقدرة فريدة على التعبير، ومن المؤسف حقًا اختزال مسيرته الشعرية في قصيدة "أميات" التي كتبها تحت وطأة الظروف القاسية التي عاشها نتيجة الملاحقة الأمنية.

غنى الشيخ إمام عيسى بعض القصائد التي ألفها سرور، نذكر منها: "البحر بيضحك ليه" و"غريب وجيت البلد" و"حلوا المراكب".

سمى نجيب سرور ابنه شهدي تيمنًا بالسياسي الشيوعي المصري، شهدي عطية، الذي قضى تحت التعذيب في سجل أبو زعبل.

نشرت أعماله الكاملة في 4 مجلدات عام 1997.

نشر شهدي نجيب سرور مقاطع من قصيدة "أميات" بصوت والده، فتعرض للملاحقة الأمنية -كما قيل-مما اضطره إلى السفر بعيدًا عن مصر. وأنجب منها طفلهما شهدي. ولكن زواجهما لم يدم طويلًا وتطلقا في نهاية المطاف.

تدهورت الحالة الصحية والمعيشية لنجيب سرور خلال الفترة الأخيرة من حياته، و، فأودع  مستشفى الأمراض العقلية، ليتوفى هناك بتاريخ 24 أكتوبر عام 1978.

نجيب سرور شاعر ومؤلف مسرحي مرهف الحس يمتلك حسًا شعريًا راقيًا، وقدرة فريدة على التعبير، ومن المؤسف حقًا اختزال مسيرته الشعرية في قصيدة "أميات" التي كتبها تحت وطأة الظروف القاسية التي عاشها نتيجة الملاحقة الأمنية.

غنى الشيخ إمام عيسى بعض القصائد التي ألفها سرور، نذكر منها: "البحر بيضحك ليه" و"غريب وجيت البلد" و"حلوا المراكب".

سمى نجيب سرور ابنه شهدي تيمنًا بالسياسي الشيوعي المصري، شهدي عطية، الذي قضى تحت التعذيب في سجل أبو زعبل.

نشرت أعماله الكاملة في 4 مجلدات عام 1997.

نشر شهدي نجيب سرور مقاطع من قصيدة "أميات" بصوت والده، فتعرض للملاحقة الأمنية -كما قيل-مما اضطره إلى السفر بعيدًا عن مصر.

التعليقات (0)