- ℃ 11 تركيا
- 19 نوفمبر 2024
يديعوت: بوتين لسياسة واشنطن الاستفزازية: البادئ أظلم
يديعوت: بوتين لسياسة واشنطن الاستفزازية: البادئ أظلم
- 1 مارس 2022, 3:03:57 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بقلم: غيورا آيلند
تعرفت على روسيا بوتين في 2004 حين كنت رئيساً لهيئة الأمن القومي وزرت موسكو في أحيان قريبة. كان مضيفي ايغور ايفانوف، الذي كان في حينه رئيس هيئة الأمن القومي الروسية وقبل ذلك وزير خارجيتها. منذ البداية، شدد على مدى جهل الولايات المتحدة بفهم روسيا. كيف تساءلت إذ كتبت كونداليزا رايس، رئيسة هيئة الأمن القومي في ذاك الوقت، رسالة الدكتوراه خاصتها عن الاتحاد السوفياتي. هذه هي المشكلة، شدد ايفانوف. ربما عرفت الاتحاد السوفياتي، لكنها لم تعرف روسيا. ليس لروسيا أيديولوجيا شيوعية، بل مصالح فقط.
وكما ادعى في حينه ايفانوف، ولافروف وزير الخارجية، أن لروسيا ثلاثة توقعات من الولايات المتحدة: الأول، ألا تتدخل الولايات المتحدة في شؤون روسيا الداخلية، وألا تحاكم مستوى أخلاقنا، بالضبط مثلما لا نحاكم علاقات السود والبيض في أمريكا. وثانياً، ألا تحاول الولايات المتحدة جر دول الاتحاد السوفياتي سابقاً إلى الناتو، المنظمة المناهضة لروسيا على نحو معلن. وثالثاً، أن تتعاطى الولايات المتحدة معنا باحترام وألا تضعنا أمام حقائق وخطوات من طرف واحد.
بقدر ما، فكر بوتين في حينه، وحتى اليوم، أن الولايات المتحدة لا تحترم هذه المصالح الروسية الثلاث، وأن الإدارات الأمريكية في العشرين سنة الأخيرة تمس بها بشكل مقصود. من الأمثلة عشرات، ونشير هنا إلى اثنين: ففي 2005 زار تشيني الذي كان في حينه نائب رئيس الولايات المتحدة بريغا، عاصمة لاتفيا. وفي خطاب علني، كان قد هاجم بوتين شخصياً على عدم تحويل روسيا ديمقراطياً. في 2008 حاولت جورجيا أن تضم إليها مقاطعتين مستقلتين معظم سكانها ليسوا جورجيين. أما بايدن، الذي كان نائب رئيس الولايات المتحدة في حينه، فسارع للوصول إلى تبليسي، وإذ كان يقف إلى جانب رئيس جورجيا ساكاشفيلي، الرجل الأكثر كرهاً على بوتين في العالم، وعد بمساعدة سياسية بل وعسكرية لجورجيا. لماذا تعد جورجيا مهمة بهذا القدر للأمريكيين، عجب بوتين.
وعودة إلى 2004. سألت الروس: “ما الذي ستكونون مستعدين لفعله إذا ما احترمت الولايات المتحدة طلباتكم الثلاثة؟”.
تلقيت الجواب في أيلول من ذاك العام. طلب ايفانوف أن آتي على عجل إلى موسكو كي نبحث في إيران. سافرت على رأس وفد إسرائيلي، وفد لقاءات مع ايفانوف ووزير الدفاع ورئيس اللجنة الروسية للطاقة الذرية الذين قالوا إن “بنية روسيا أن تعرض على إيران صفقة: إقامة منشأة لتخصيب اليورانيوم بشراكة اقتصادية روسية إيرانية، ولكن المنشأة تكون في روسيا، والسيطرة على التكنولوجيا تكون للروس فقط. أكثر من ذلك، ستخصب المنشأة اليورانيوم فقط إلى مستوى 4 في المئة وتنتج قضبان وقود لأزمة لإنتاج الكهرباء، ولكن بعد الاستخدام، لا يمكن زيادة التخصيب.
رائع، قلت، لكن ماذا تريدون بالمقابل؟ كان الجواب الروسي بسيطاً: كل ما نريد أن تؤيد الولايات المتحدة ودول الغرب رسمياً وعلنياً “الاقتراح الروسي”. لقد كان مهما جداً لبوتين في حينه أن يقود ويتلقى اعترافاً غربياً. غني عن البيان أن الولايات المتحدة رفضت العرض الروسي باحتقار.
نعم، بوتين دكتاتور، وهو بلا شك “الرجل الشرير” بالنسبة للأزمة الحالية. ولكن أولم تكن الولايات المتحدة سكرى قوة منذ 1991 واستمتعت بإهانة روسيا في سلسلة من الخطوات أحادية الجانب، من نصب صواريخ متطورة في بولندا، ودعم العدوان الجورجي وحتى جذب المزيد من دول الاتحاد السوفياتي سابقاً إلى الناتو؟ لقد فوتت الولايات المتحدة فرصة نقل روسيا إلى جانبها إزاء النووي الإيراني، وليس واضحاً ما الذي كسبته من سياستها الاستفزازية في شرق أوروبا. واضح ما الذي خسرته إسرائيل.