- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
"يديعوت أحرونوت": تصنيف “موديز” له أسباب غير اقتصادية
"يديعوت أحرونوت": تصنيف “موديز” له أسباب غير اقتصادية
- 12 فبراير 2024, 9:53:33 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بقلم: سيفر بلوتسكر
هذا ليس الاقتصاد، تماما لا. علنا، وبلا أي رتوش، قررت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" تخفيض تصنيف إسرائيل بسبب المخاطر "الأمنية، السياسية والحزبية" التي تفاقمت، برأيها كنتيجة للحرب ضد "حماس" في قطاع غزة و"حزب الله" على الحدود الشمالية.
هذا هو منطق تخفيض التصنيف وهذا هو التعليل المركزي لذلك، حسب شروحات القرار التي نشرتها الوكالة نفسها.
أما الإمكانية غير المعقولة - حسب "موديز" أيضا – ألا تستطيع إسرائيل في موعد ما في المستقبل تسديد ديونها فلا تذكرها الوكالة على الإطلاق. بالعكس، "موديز" تثني ثناء كبيرا على الاقتصاد الإسرائيلي على نجاحه في أن يخرج "على ما يرام تماما" من تداعيات الحرب الحالية أيضا.
أما مشروع الميزانية الحكومي فتمتنع "موديز" عن انتقاده (وليس الأموال الائتلافية وليس سلم الأولويات)، وهي عمليا تثني عليه أيضا، مثلما تثني على بنك إسرائيل، المنظومة المصرفية وما سمته "السيولة العالية للحكومة".
إذا ما أخرجت الخطوات التي تتضمنها الميزانية، إلى جانب الضرائب والى جانب التقليصات بكاملها إلى حيز التنفيذ، كما يكتب اقتصاديو "موديز"، "فهي كفيلة بأن تقلص العجوزات وتعوض عن الارتفاع في النفقات الأمنية ودفعات الفائدة". وختاما: "الإطار العموم الاقتصادي والنقدي لدولة إسرائيل متين".
هذا ليس الاقتصاد، إذاً، هو الذي دفع "موديز" لأن تخفض التصنيف الائتماني لإسرائيل. فما الذي دفعها لذلك؟ الحرب – مفهوم من تلقاء ذاته أن التصنيف الائتماني لدولة ما ينخفض حين تنشب حربا مضرجة بالدماء بحدودها الجنوبية وتوسيعها الدراماتيكي إلى الحدود الشمالية.
"موديز" تشكك بنجاح نهج حكومة إسرائيل في تحرير المخطوفين، تحذر من تحديد أهداف غير واقعية للقتال وقلقة على نحو خاص من غياب سياسة واضحة ومتفق عليها لليوم التالي.
"الاقتراح الشامل والذي تتشارك فيه الولايات المتحدة وجيران إسرائيل العرب للحل في قطاع غزة"، كما تشرح "موديز"، "كان يمكنه أن يساهم في تحسين أمن إسرائيل. رفض الحكومة له بالمقابل اضعف إسرائيل من كل النواحي – وأضر بالاقتصاد الإسرائيلي".
بتقدير رجال "موديز"، فإن الاضطراب الاجتماعي، التصدعات في الوحدة الداخلية والتطرف السياسي بالتالي ستتعاظم "بعد أن يحل (كابينت) الحرب" – أي، بعد أن ينسحب المعسكر الرسمي من الائتلاف. هذه هي الأسباب التي بموجبها تخفض "موديز" التصنيف الائتماني الآن، وترفق توقعا سلبيا للمستقبل.
صحيح، الحرب بلا شك أضعفت مناعتنا الاقتصادية. نفقات الأمن ارتفعت وانعدام اليقين في الأعمال التجارية وفي الاستثمارات قفز درجة. ما يتضرر هو قدرة إسرائيل على دفع ديونها بكاملها.
لدى إسرائيل فائض ضخم من الذخائر بالعملة الصعبة، اكثر من 200 مليار دولار، ومستوى مشابه من الاحتياطات. الاقتصاد الإسرائيلي يتمتع بثبات بفائض كبير بالحساب الجاري في ميزان المدفوعات الدولي.
رغم الحرب، فإن النسبة بين ديون القطاع العام والناتج المحلي لا تزال دراماتيكية – نحو 62% – وهي لن تثقل على نحو خاص على المواطنين حتى في ذروتها المتوقعة بعد سنة.
غير أن "موديز" لا تتأثر كثيرا بهذه المعطيات الموضوعية – هذه المرة لم تصدر بنفسها توقعات عموم اقتصادية – وتركز على شيء آخر: على التدهور القائم والمتوقع، على حد قولها، في الوضع الأمني والمدني لإسرائيل وبالمخاطر لإضعاف مؤسسات نظامها الديمقراطي.
إن التركيز "المنهاجي" لـ"موديز" على الأمن، السياسة، الحياة الحزبية والمجتمع، مهما كان صحيحا، هو دليل آخر على التغيير الذي طرأ على وكالات التصنيف الائتماني. فقد كان دورها التقليدي هو محاولة قياس مدى خطر الجهة المصنفة – مصلحة تجارية أو اقتصاد – وفرصها في ألا تستطيع في المستقبل تسديد ديونها.
ومع ذلك، مع الوقت بدأت وكالات التصنيف الائتماني ترى نفسها محكمة عالمية عليا للاقتصادات القومية. فهي توزع العلامات ليس على ائتمان الدولة بل على الدولة بصفتها هذه، وهي مهمة مركبة تعتبر كبيرة عليها وعلى مقدرتها. لقد مس الطموح الزائد في مصداقية التصنيفات وجعلتها أحداثا كثيرة الهذر لكن قليلة الأثر، كما وجد في بحوث كثيرة.
وعليه فمسموح التقدير بأن حتى لقرار "موديز" عن إسرائيل لن يكون تأثير اقتصادي مهم لا على الفائدة ولا على سعر الشيكل، وان كان بعض الإسرائيليين من شأنهم أن ينجرفوا إلى مطارح القلق والأعمال المالية المتسرعة.
لقد نشر وزير المالية سموتريتش، امس، رد فعل هستيريا على بيان "موديز" جاء فيه أن قرارها "بيان سياسي"، وعمليا منشور سياسي انهزامي يساري.
ليس في هذا أي حقيقة، ولا حتى ذرة حقيقة. "موديز" تبث لمواطني إسرائيل وثيقة نقدية مهنية معللة جيدا عن سياسة حكومة نتنياهو – سموتريتش – غولدكنوف منذ بداية ولايتها في كل مجالات حياتنا هنا.
هذه السياسة تضر بإسرائيل، تضر بمواطنيها، تضر بإدارة الحرب، تضر بسلطة القانون وفي نهاية المطاف تؤثر سلبا على الاقتصاد أيضا. هذا ليس موقفا حزبيا، أيها الوزير سموتريتش. هذه هي الحقائق.
يديعوت أحرونوت