- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
د . يحيى القزاز يكتب : الهزيمة و الانهزامية بين عبدالناصر وهتلر
د . يحيى القزاز يكتب : الهزيمة و الانهزامية بين عبدالناصر وهتلر
- 14 يونيو 2021, 10:39:55 م
- 7826
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
صاح الفيلسوف سقراط: "تكلم يا هذا حتى أراك!".. فبالكلام يُعرف مكنون الإنسان، ويماط اللثام عن فكره، ونتساءل إلى متى يستدعى البعض هزيمة يونيه/حزيران 1967 ويرون أننا لم نتجاوزها ونعيش فيها بالرغم من مرور 54 عاما عليها، تلاها نصر أكتوبر العظيم 1973 وأربعة أنظمة حكم متعاقبة؟!
العنوان تعبيرعن حالة بدأت تتزايد عاما بعد عام منذ أكثر من نصف قرن. وإذا كان من حق الكاتب أن يبحث في الماضى لتجنب مآسيه في المستقبل، فمن حق المتلقى أن يصوب مايقع فيه الباحث من خطأ ليستقيم الوضع في وطن سَوِى ومستقل. والتفرقة ضرورية بين الانهزاميين والمهزومين. الانهزامى هو من له أراء انهزامية تؤدى إلى فقدان الثقة وتهدم الروح المعنوية. والانهزامية هي حالة مرضية ومن أكبر أسباب فشل الأفراد والمجتمعات في استعادة ما سُلب منهم، فهى تجذر اليأس وتقتل الأمل، تنفر ولا تبشر. والمهزوم هو من كسرت شوكته وانتصر عليه عدوه وخسر جولة، وهو من فشل في مهمة.
الانهزامى هو فاقد الثقة في نفسه وعدو لها يبحث دائما عن شماعة يعلق عليها عجزه ويُسوق من خلالها أفكاره الهدامة، هو صانع يأس في المجتمعات وقاتل أمالها. والمهزوم هو من يخسر معركة أو يفشل في مهمة ومازال يقاوم ولديه أمل في الانتصار، فيحاول التغلب على هزيمته وينتصر. الانهزامى من لا أمل له ولا عمل له سوى الترويج للهزيمة واستدعائها والعيش فيها. والمهزوم هو من يشعر بالألم ويملأه الأمل مقرونا بجدية العمل.
في يونيه/حزيران من كل عام يقوم البعض باستدعاء هزيمة يونيه 1967 -وهى هزيمة كارثة بلا ريب- وتجتر الأحزان، ويرون في استدعائها بحث ودراسة لمعرفة أسبابها وتجنب الوقوع في مثلها مستقبلا، وفيها رسالة للجيل الجديد بالأخطاء والعمل على تلافيها حتى لا تتكر في زمانهم. وهذا حق، من يختلف عليه فهو عدو لوطنه وكاره لأهله. وأوضح أننى لا أشكك في نوايا أحد وأقدر مسعاهم، وأعذر من لهم عداوات وثأر صراع على السلطة مع نظام يوليه، فيشيطنون كل ما قام به نظام يوليه حتى تأميم القناة وبناء السد العالى وتشييد المصانع التي مازالت تخصخص وتباع حتى اليوم.. فما بالنا بهزيمة يونية!. ويشمتون في مآسيه، ومنهم من فرح في هزيمة يونيه 1967 ومن سجد لله شكرا كراهية في عبدالناصر، ولم يعرفوا أن من هُزم هي مصر، ومن قتلوا ومن شردوا وتاهو في الصحراء وماتوا من الجوع والعطش ومن أُسروا هم أبناؤنا في الجيش المصرى، لكنه عمى البصائر والقلوب الذى يصيب كارهى الوطن من أجل الصراع على السلطة.. لذلك فلهم العذر.
نعترف بأن هزيمة 5 يونيه 1967 هي كارثة بكل المقاييس، ولا يوجد ما يبررها، وعبدالناصر هو المسئول الأول عنها بلا جدال، ولا يمكن إعفائه من مسئوليته، وهو قد اعترف بها. وجدت مقالا للكاتب الكبير الأستاذ عبدالعظيم حماد تحت عنوان "مصر بعد هزيمة عرابى وهزيمة 1967.. مالفرق؟" بتاريخ 10 يونيه 2021 في موقع "مصر 360". وأرى أن الكاتب لخص أسباب الهزيمة جيدا ولم يترك ذرة ولا نقيصة إلأا وقد أحصاها، وأحيل القارئ لمقاله. ومع هذا وحرصا على وحدة الموضوع، وإن طال مكتوبى هذا، قررت أن اقتبس أجزاء منه حرصا على جيل جديد لم يعرف تاريخه أو يقرأه مشوها.
يرى الكاتب عبدالعظيم حماد أن "الأسباب العميقة للهزيمة" تمثلت في "سيادة أعراف ماقبل القانون"، "وقيم وعلاقات غير موضوعية وغير رشيدة أنتجت ظاهرة عبد الحكيم عامر وازدواجية السلطة بينه وبين ناصر إلى حد الصراع.. وهي نفسها القيم والعلاقات التي رسخت الأنماط المملوكية في عصر انحطاطها، مشبعة بمفاهيم أعيان الريف حول الشهامة الشخصية في إدارة المؤسسة العسكرية، حيث الولاء الشخصي يحل محل الكفاية الاحترافية، وحيث كل صاحب نفوذ ملتزم بحماية رجاله، على طريقة شيوخ الخفر كما قال ناصر ذات مرة لعامر في واقعة محددة لم يتبعها تغيير النمط، اكتفاء بتسوية تلك الواقعة الجزئية جدا وحدها ، وحيث التواكلية والغيبية والثقة الجاهلة بالنفس هي منهج التفكير والعمل".ويضيف الكاتب حماد "فإذا تقدمنا في البحث خطوة أخرى لوجدنا أن الحالة العامة للمجتمع والدولة كانت الأقل صلاحية لخوض حرب شاملة ضد دولة وجيش حديثين بكل معنى الكلمة، فقد كان الجندي والضابط عندنا أقل تعليمًا وتدريبًا من نظيريهما الإسرائيليين، ولنتذكر فقط المفارقة بين تغيير موشي ديان المنتصر في حرب 1956 وكل هيئة أركانه، وبين تثبيت عامر وجنرالاته المهزومين، وليس هذا فقط، فبينما ذهب ديان وكثير من زملائه للدراسة من جديد في جامعات أمريكا وأوروبا، ثم التدريب مع الضباط الأمريكيين على حرب العصابات في فيتنام، تفرغ “مشيرنا” وكبار ضباطه لسهرات الأنس وملاحقة نجمات السينما، كما كانت المقارنة في اللياقة البدنية والحالة الصحية ضدنا، وكما كتب قادتنا العسكريون في مذكراتهم فيما بعد فقد حالت ظروف سوء التغذية والأمراض المتوطنة بين مصر كثيفة السكان وبين مجاراة إسرائيل قليلة السكان في تخريج العدد الكافي من الطيارين الحربيين". بالإضافة "لنقص التمويل ونزيف حرب اليمن، وسنوات اضطراب سياسي ووقوع الصدام الثاني مع جماعة الإخوان أو ما يسمى بتنظيم القطبيين، تفاقم سياسات القمع وتفاقم معها السخط الداخلي حول ما عرف وقتها بلجنة تصفية الإقطاع، وإذا أضفنا إلى كل ذلك وجود عدد كبير من قواتنا المسلحة في اليمن، واضطراب علاقات مصر الإقليمية والدولية إلى درجة التأزم الحاد مع الولايات المتحدة وأغلب دول أوروبا والنظم الملكية العربية، فقد كان هذا هو أقل الأوقات مناسبة للدخول في حرب مع عدو وصفناه سابقًا بأنه يملك دولة وجيشا حديثين، ويحظى بحلفاء دوليين أقوى اقتصادا وأكثر تصميما من حلفائنا. وأنه لولا الاستبداد، وحكم الفرد، وارتجالية القرارات، وغياب دور مراكز البحث والتخطيط وجمع المعلومات الموثوقة، وانعدام الرقابة والتوازن والمراجعة داخل النظام ذاته، إلى جانب تغييب مشاركة المجتمع ورقابته، ما كان لعاقل أن يتصور اتخاذ قرارات تقود إلى الحرب في ظل تلك المعطيات". الأستاذ عبدالعظيم حماد قام بتشريح الهزيمة بمبضع الطبيب الشرعى بدقة ليعرف أسباب الجريمة، وليخبر بها غيره الذى مازال يجهل الأسباب ويبحث بطريقة خطأ، ليكف عن النواح واستدعاء الهزيمة كل عام كى يتوقف عن الترويج لثقافة الهزيمة، ويبحث عن حل بدلا من البكاء على الأطلال. وانتهى في مقاله إلى أن مصر في عام 1967 كانت دولة مهلهلة ونظام عابث لا يصلح لإدارة عزبة. ماذا بعد كل هذا؟! هل نظل لأكثر من نصف قرن نخرج الجثة من القبر لتشريحها ومعرفة الأسباب التي أدت إلى وفاتها وقد فعلنا هذا. تغير الظروف يؤدى إلى تغير المسلمات وتغير النتائج. والحكم لايكون صحيحا إلا بقوانين زمانه وليس بأثر رجعى، يختلط فيه هوى المغرض مع هوى الشامت مع هوى صاحب المصالح، فتضيع الحقيقة بين عابث ولاه.
ماذكره عبدالعظيم حماد من أسباب يبطل حجج الانهزاميين من اجترار الهزيمة كل عام. ولن نتوقف عند أسباب عبدالعظيم حماد بل نشير إلى ما ذكره الكاتب الكبير الأستاذ عبدالله السناوى ذو الهوى الناصرى في صحيفة "الشروق" القاهرية بتاريخ 6 يونيه 2021 تحت عنوان "مراجعات من تحت الرماد". وفيه يذكر اعترافات جمال عبدالناصر ومسئوليته عن هزيمة، 1967 وسأقتبس منه بالنص أيضا لوحدة المضمون. يشير عبدالله السناوى في مقاله إلى محاضر رسمية سجل فيها اعتراف عبدالناصر بالهزيمة وأسبابها نصا "يا ريت نقول الحقيقة ولو لمدة ثلاث دقائق" أمام اجتماع اللجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكى يوم (٣) أغسطس (١٩٦٧)". ويرى السناوى أن "هذا الاجتماع ـ بالذات ـ هو الأكثر تكاملا فى شرح مقدمات الهزيمة وأوجه الخلل الأساسية، وفى إجابة سؤال: "ما العمل؟". ويضيف ناصر حسب ما ذكر السناوى: "فى رأى أن النظام الحالى استنفد مداه ولا بد من نظام جديد"، "وما يُقال فى البلد هذه الأيام.. أن النظام بياكل نفسه، والمستقبل بهذا الشكل سيكون خطيرا جدا، لذلك أنا رأيى أن نعمل فورا على تغيير النظام الـSystem اللى ماشيين عليه لأنه لازم فيه خطأ. المعروف أن نظام الحزب الواحد تحدث فيه دائما صراعات فى القمة على السلطة". و يستطرد ناصر طبقا لما نقله السناوى من المحاضر: "أنا ضد نظام الحزب الواحد لأن الحزب الواحد يؤدى غالبا إلى قيام ديكتاتورية مجموعة معينة من الأفراد.."، "وإن لم نغير نظامنا الحالى سنمشى فى طريق مجهول ولن نعلم من يستلم البلد بعدنا.. "لم يبق فى عمر معظمنا أكثر من عشر سنوات، خاصة بالنسبة لى مع المرض اللى عندى والجهد الذى أتعرض إليه. لذلك أنا شايف ضرورة تغيير نظامنا بحيث لا يسمح النظام الجديد لشخص أو لشلة غير واعية أو جاهلة سياسيا أن تحكم البلد. البلد الذى أعطانا ثقته المطلقة بلا حدود". ويذكر السناوى أنه "وفق محضر الجلسة التالية يوم (٤) أغسطس طرح "عبدالناصر" السؤال التالى:
"إلى أين المسير بهذا النظام القديم؟" "لا بد من أن يكون نظامنا مفتوحا، ولا بد أن تكون هناك معارضة، كما يجب أن نفتح الباب للجرايد أن تكتب بالمفتوح لأننى أعتقد أن الطهارة الثورية بعد خمسة عشر عاما (من الثورة) أصيبت كثيرا، وحتى الوحدة الفكرية بيننا أصبحت غير موجودة؟". "اختيارنا للنظام المفتوح يحتاج لكثير من التغيير، وإلا سيبقى مجرد ألفاظ وستنظر إليه الناس بعدم الثقة ويقولون إننا رفعنا هذا الشعار من أجل أن تتفتح الزهور فقط على طريقة المثل الصينى ليسهل تمييزها وقطفها".
ويعلق السناوى في مقاله على ما قرأه في المحاضر الرسمية بأن "المثير فى تلك المحاضر المسجلة أن أغلبية الأعضاء لم يكونوا فى صف الرئيس، عارضوا فكرته بداعى أن هناك خطورة من تعديل النظام قبل إزالة آثار العدوان، أو أنه يؤدى إلى تفسيخ البلد فى هذا الظرف بواسطة المعارضة، لأن "شعبنا بخير ويثق فى هذا الرجل" ـ كما قال "أنور السادات" فى أحد الاجتماعات المسجلة بانفعال كبير، مشيرا إلى «جمال عبد الناصر". السادات ملكى أكثر من الملك! هذا تشريح دقيق وبحث في أسباب الهزيمة من قائد مهزوم. ذكرنا كل هذا بالنص حتى نغلق ملف الانهزاميين، ربما سيحثون عن حل بدلا من الإغراق في الانهزامية.
وحتى لاندخل في جدال عقيم وتشكيك في صحة المحاضر الرسمية، وبغض النظر عن مصداقية ما نسب من قول لعبدالناصر واعترافه، فإن ما ذكر يمثل رأى كاتب ناصرى في أسباب الهزيمة، كما قام بتشريحها وتحديد أسبابها من قبله الكاتب عبدالعظيم حماد. مات عبد الناصر في نهاية 1970، ومحاضر الجلسات الناقدة والمشخصة لأسباب الهزيمة متاحة لخلفه في الحكم الذى كان نائبه في الحكم ورفيقه في ثورة يوليه (أنور السادات) فلماذا لم يعمل على اصلاح كل ما ذكر من سلبيات؟ّ! أليس دور النظام اللاحق اصلاح ما يفسده النظام السابق؟!
أَبَعد كل هذا وبعد 54 سنة مازلنا نجتر أحزاننا ونبحث عن أساب هزيمة يرى البعض أنها مازالت تلازمنا؟! وهى المسئولة عن كل مآسينا حتى اليوم، وكأنه لاحرب انتصر فيها الجيش 1973، ولا جاءت أنظمة متعاقبة دورها تطوير الدولة وتحويل هزائمها لانتصارات واستبداها لديمقراطية وفقرها لعدالة اجتماعية، وكأن دور هذه الأنظمة هو تكريس الهزائم، وتخريب الدولة ونهبها على مسئولية هزيمة يونيه. تَمَثَل دور الباحثين عن أسباب هزيمة 1967 في إعفاء كل الأنظمة التي تلت فترة عبدالناصر من مسئوليات في تدهور الدولة، مما زاد الوضع سوء، وأفسح المجال لما هو أسوأ، وخلق شماعة من الفولاذ تحمل كل المآسى ولا تسقط. لمن يبحث عن أسباب الهزيمة ليبينها للجيل القادم حتى لا يقعوا فيها، عليهم بأن يخبروهم كى يتجنبوا أسباب الهزيمة مستقبلا أن يحاذروا من عدوهم الأخطر المتمثل فى المطبعين العرب المتصهينين، وألا يثقوا ولا يتصالحوا مع إسرائيل العدو التقليدي للعرب ولمصر على وجه الخصوص. عليهم بأن يخبروهم بالوجه المقاوم غير الانهزامى أنه برغم الهزيمة ومرارتها لم تكسر عزيمة الجنود، ولم تهن كرامة الشعب المصرى الذى هب يعلن رفضه للهزيمة فورا، وساند جيشه بما يملك من أموال وبنين. أخبروهم عن معركة "راس العش" التي وقعت بعد أقل من شهر -في 1 يوليه 1967- عندما هاجمت المدرعات الإسرائيلية "رأس العش" لاحتلالها بالقرب من بورفؤاد فتصدت لها قوة من الصاعقة المصرية ومنعتها. أخبروهم عن عملية إغراق المدمرة البحرية الإسرائيلية "إيلات" في البحر الأبيض المتوسط أمام مدينة بورسعيد في 21 أكتوبر 1967 بعد أربعة أشهر من هزيمة 1967". أخبروهم عن المقاومة وعن عزيمة شعب لاتنكسر حتى وهو مهزوم لكن ماذا نفعل مع الانهزاميين الذين لايستطيعون البحث في مآسى الحاضر فيهربون للماضى تعسفا، فللحاضر أنياب وللماضى رب يؤجل الحساب.
ترى هل مانحن فيه حاليا نتيجة هزيمة 1967 أم نتيجة معاهدة كامب ديفيد أم نتيجة لسياسيين ومثقفين يبحثون عن التعلق بذيل السلطة لتحقيق مصالحهم على حساب كرامة الوطن أم نتيجة لانهزاميين يروجون لثقافة الهزيمة؟! وهل هزيمة 1967 هي التي كانت سببا في التفريط في تيران وصنافير وحقوقنا في نهر النيل؟! وهل هي التي باعت القطاع العام بأبخس الأثمان الذى بناه الشعب في العهد الناصرى وطردت العاملين منه؟!
البعض مازال يرى أن الاجترار الدائم لذكرى هزيمة 1967 رغم مرور 54 سنة يعني أنهم لم يستطيعوا -بعد- تجاوز عقدتها ومرارتها. وردى عليهم ببساطة أن رؤيتهم هذه بسبب "القابلية للاستعمار والهزيمة" أي أنهم انهزاميون بلا شك، وسيعلنون قريبا عن تشكيل "رابطة الانهزامين" مدفوعة الثمن.. اسألوا الألمان ماذا فعلوا ليحولوا الهزيمة لنصر وعيشة رغدة لتحذو حذوهم.
فى زمن الهزيمة 1967 لم تحل الانهزامية بالشعب ولا بالنخبة. خرج السعب مقاوما متحديا يرفض الهزيمة ويتمسك بقائده عبدالناصر. كان عبدالناصر مهزوما لكنه لم يعرف الانهزامية كان مقاوما، بدا ببناء القوات المسلحة ودخل فى حرب الاستنزاف فى اقل من شهر من هزيمة يونيه، تصدت جنود من الصاعقة للمدرعات فى راس العش فى اول يوليه، وبعدها فى اكتوبر (اربعة سهور) من نفس عام الهزيمة اغرقت قوات البحرية المصرية المدمرة ايلات الإسرائيلية، وبعدها انطلقت حرب الاستنزاف الذى تبعه انتصار اكتوبر 1973. أما الانهزامية فبدأت بعد وفاة عبدالناصر، وتحديدا بعد انتصار اكتوبر فى حكم السادات. والسادات هو المؤسس والأب الروحى للانهزامية عندما اعلن اثناء انتصار الجيش فى حرب اكتوبر انه لايستطيع ان يحارب امريكا، وان اوراق اللعبة -يقصد الحل- 99% منها فى يد الولايات المتحدة الامريكية. وارتمى فى حجر الامريكان. وفى مذكراته استغرب كسينحر وزير الخارجية الامريكية آنذاك عندما سأل السادات عما يريده من قادة اسرائيل فأجبه بأنه موافق على كل ماتطرحه اسرائيل، ووصفه بالغباء وقال لو تركنى لحققت له افضل مما اعطته اسرائيل.
الآن يعيش البعض الهزيمة ويجترونها لانهم انهزاميون ينشرون ثقافة الهزيمة لذلك مازالوا يرون انفسهم فى يرفلون فى ثوب الهزيمة. بينما تقدمت المانيا بعد احتلالها جراء الحرب العالمية الثانية، لانهم مقاومون للهزيمة ولم يعرفوا معنى الانهزامية. لو صنع الألمان بعد احتلال دولتهم مايصنع الانهزاميون عندنا لما تقدمت المانيا ولا ازدهرت ولا توحدت.
عندما تسمع من يقل لك علينا بالبحث عن اسباب الهزيمة لنعرفها ونتداركها، قل له معك حق لأنك انهزامى، ومكانك ليس بيننا.
فى وقت الهزيمة لم نكن انهزاميين وبعد النصر ورحيل ناصر صار لدينا جيش من الانهزاميين ينشرون ثقافة الهزيمة بديلا عن ثقافة التحدى والمقاومة. على الانهزاميين ان بخجلوا بعد 54 سنة من تشريح الهزيمة لمعرفة اسبابها، فاسبابها قتلت بحثا وعرفت. ابحثوا عن حل وافعلوا كما فعل الألمان ان كنتم حريصين على تقدم مصر وتصويب اخطاء السابقين. عيب وعار عليكم ان تظلوا 54 سنة تبحثوا عن اسباب هزيمة لتعرفونها، لو جهلة قضوا هذه الفترة لألفوا مراجع فى التشخيص والحل، والعمل على القضاء على اسباب الهزيمة وصياغة دولة حديثة متقدمة. الانهزاميون عليهم بان يداروا جهلهم ويستوعبوا الدرس وينصرفوا للتبشير ولحل ما افسده سابقيهم.
"تكلم يا هذا حتى أراك". كفاك يا هذا حتى لا تفضح نفسك.
#المقاومةهىالحل