- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
وائل عصام يكتب: نزاع الهوية يسيطر على الانتخابات التركية
وائل عصام يكتب: نزاع الهوية يسيطر على الانتخابات التركية
- 20 مايو 2023, 3:11:53 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تتعدد العوامل التي تؤثر في توجهات الناخب التركي، من الاقتصاد للفئة العمرية والمستوى التعليمي الى التوجهات السياسية الحزبية وغيرها، لكن العامل الأهم الذي يطغى دائما على ما عداه هو الهوية، بمركباتها المستقاة من القومية والدين، فتركيا تشبه بلدان المشرق العربي بمكوناتها العرقية والمذهبية، الأكراد وقضيتهم القومية حاضرة وبقوة والعلويون وتمايزهم المذهبي عن السنة ينعكس دائما على الموقف السياسي ويترجم في صناديق الاقتراع.
ورغم تركيز قطاع واسع من المحللين والكتاب على دور الاقتصاد المتردي والوضع المعيشي الصعب في هذه الانتخابات والتنبؤ بأنه سيكون القشة التي ستنهي حقبة اردوغان خصوصا بعد زلزال مدمر أظهر قصورا حكوميا واضحا في الاستجابة وقبلها في الإشراف على خطط البناء، فإن نتائج الانتخابات أكدت أن لا صوت يعلو فوق صوت الهوية كعامل أول في تحديد توجهات الناخب التركي، فمعاقل حزب العدالة بقت مؤيدة له ومعاقل المعارضة ظلت موالية، في قونيا والفاتح في اسطنبول لم تتغير كثيرا نسبة تأييد التحالف الحاكم وكذلك الأمر بالنسبة للمعارضة في ديار بكر وبشكتاش. وظل العامل القومي والمذهبي فاعلا محوريا في توجيه المجتمع سياسيا، فالأكراد في محافظاتهم حافظوا على دعمهم للأحزاب المناوئة لحزب العدالة لحزب اليسار الاخضر بديل الشعوب الكردي، وكذلك الحزب الجمهوري، وهذا لا يمنع العامل الديني هنا من الدخول على الخط مجددا كمركب هوية ثان إضافة للقومية ليوجه كتلة محافظة كردية إسلاموية لمناصرة حزب العدالة، وإن كانت هذه الفئة قد تآكلت كثيرا وتراجعت نسبتها من حجم الأكراد بسبب تحالف الحزب الحاكم مع القوميين الأتراك الذين يتبنون خطابا متشددا تجاه الأكراد وهويتهم في الدولة التركية.
نتائج الانتخابات أكدت أن لا صوت يعلو فوق صوت الهوية كعامل أول في تحديد توجهات الناخب التركي
كذلك الحال مع المناطق العلوية كمدينة زعيم المعارضة كليشدار اوغلو والتي ظلت تناصر حزبه وبنسبة عالية، حيث تطغى التيارات العلمانية واليسارية كالحزب الشيوعي هناك كخيار وحيد يعبر عن نفور قديم متجدد من تيار يصفه البعض بالعثمانية الجديدة!
ولا يقتصر الأمر على العلويين الأتراك بل يمتد للعلويين العرب في انطاكيا، الذين حافظوا على نسبة تصويت ساحقة لصالح الحزب الجمهوري المعارض في مناطقهم كسمندغ والدفنة وارسوز، بينما ذهبت أصوات المناطق السنية للتحالف الحاكم بشقيه حزب العدالة والقومي، وبسبب تقارب نسبة الفئتين في محافظة هاتاي فإن فوز المعارضة أو حزب العدالة كان دائما ما يحصل بفرق لا يتجاوز الـ 2% أو 3% ، وهكذا صوتت هاتي لكليشدار اوغلو بفارق لا يزيد عن نصف في المئة فقط، إلا أن حزب العدالة حافظ على كتلته الانتخابية هناك وحصد ما يقارب من نصف أصوات المحافظة رغم الزلزال وأداء الحكومة السيء هناك، بل ولأن هاتاي كانت أكثر المحافظات تضررا من الزلزال غير أن حزب العدالة يتمكن من السيطرة على أغلبية مقاعد المحافظة البالغة 11 مقعدا، فذهب 6 منها للمعارضة و5 لتحالف الحزب الجمهوري ومقعد للشيوعيين واليسار الأخضر، وهذه النسب وحضور الأحزاب تماثل النسب في معظم الانتخابات السابقة، مما يعني أن الزلزال لم يؤثر على قرار الناخب.
أحد جيراني في انطاكيا، وهو تركي من أصول عربية من انطاكيا، كان من مؤيدي حزب العدالة واردوغان، بعد الزلزال تحول الى أشد منتقديه، بل ومن الناقمين على الحزب الحاكم بسبب سوء إدارته للأزمة، ولكنه وبسبب ميوله الدينية صوت في النهاية لحزب العدالة، إنها الهوية!