هل تنجح حرب إسرائيل السيبرانية في إسقاط النظام الإيراني؟

profile
  • clock 6 نوفمبر 2021, 7:47:58 ص
  • eye 641
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، أن العطل الأخير الذي أصاب محطات الوقود الإيرانية كان جزءا من حملة سيبرانية إسرائيلية بهدف تقويض البنية التحتية وبث التوتر والانقسام في إيران، مما يزعزع استقرار النظام.

وأوضحت الصحيفة التفكير الاستراتيجي الكامن خلف هذه الهجمات المدبرة، حيث قالت: "صوب المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون أنظارهم مؤخرا نحو الجمهور الإيراني أو على الأقل الطبقة الوسطى الحضرية المتعلمة التي يرون أنها نقطة ضعف البلاد، فهم يعتقدون أن هذه الشريحة تجد صعوبة في تحمل الأضرار التي لحقت بجودة حياتها ويأمل الإسرائيليون أن يمارس هؤلاء ضغوطا على النظام إذا استمر الوضع".

لكن هذا النهج يرتكز على أمنيات مفرطة. ويعد أحد أوجه قصور هذا التفكير هو اعتقاد أن الشعب الإيراني يتخذ قرارات سياسية بناء على الرفاهية المادية فقط، في تجاهل تام لحقيقة أن الإيرانيين يتخذون مثل هذه القرارات بناء على مجموعة أوسع بكثير من العوامل مثل الفخر الوطني وسيادة البلاد ودعم الحقوق الوطنية.

ولا يعد البرنامج النووي الإيراني مبعث فخر فقط لدى الإيرانيين، بل ينظر إليه أيضا كعنصر دفاعي رئيسي في ترسانة البلاد الاستراتيجية لحمايتها من أعدائها، وبالتالي لن يقتنع الإيرانيون بعكس ذلك استنادا إلى اضطراب اقتصادي فقط.

ويتفق مع وجهة النظر هذه المراسل العسكري "يوف ليمور" العامل في صحيفة "يسرائيل هيوم"، حيث قال: "كل من يرى أنه بإمكانه إحداث صدع بين الشعب الإيراني وقادته مخطئ، وهذه ليست أول مرة. لقد نجا النظام من تحديات أسوأ بكثير، من بينها العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة".

وأضاف "ليمور": "التجربة السابقة تخبرنا أن إسرائيل تفتقر إلى استراتيجية واضحة كما أنها تعاني من اندفاع مقلق".

خطة موعودة بالإخفاق

يبدو أن هذا تصعيد في الحرب الباردة بين البلدين. ففي وقت سابق من هذا العام، انخرطت إيران وإسرائيل في أعمال تخريب متبادلة في الخليج والبحر المتوسط، ويبدو أن الجانبين خلصا إلى أن هذه التكتيكات تحولت إلى لعبة صفرية لذلك اتخذا قرارا بإنهائها.

ومع ذلك، فإن الحملة الإسرائيلية الجديدة التي تشمل تعطيل المرافق الإيرانية الأساسية بهدف التأثير على حياة الإيرانيين اليومية، لن تتسبب في انتقام إيراني مماثل لأن طهران لا تمتلك بعد قدرات سيبرانية تمكنها من إلحاق الضرر بشكل كبير بالبنية التحتية الإسرائيلية (على الرغم من أنها حاولت).

وتعتبر إسرائيل أول دولة تقوم بتشكيل مثل هذه الحملة المنهجية طويلة الأجل لتقويض البنية التحتية لأمة بأكملها، وذلك من أجل لتغيير نظام دولة معادية.


ويجب أن يولي العالم اهتماما وثيقا بهذا الأمر لأن الحروب المستقبلية بين الدول ستبدو هكذا بلا شك.

وبدون تنظيم دولي لمثل هذه الأساليب، ستتجه الدول بشكل متزايد لشن الحروب السيبرانية بدون تمييز.

ونظرا لأن اتفاقيات جنيف تملي أساليب الحرب المسموح بها، فقد حان الوقت لاتفاقية جنيف بشأن الحروب السيبرانية.

وعلى الرغم من أن أحدًا في المخابرات الإسرائيلية لم يُسأل بشأن مدى جدوى مثل هذا التكتيك في تحقيق أي تأثير على إيران، إلا أن لدينا الإجابة بالفعل عبر مسح وطني أجرته شركة "إيران بول" للأبحاث نيابة عن جامعة ماريلاند.

وتضمن الاستطلاع مجموعة واسعة من الأسئلة المتعلقة بمواقف الإيرانيين تجاه قادتهم وعن العقوبات التي تفرضها الدول الأجنبية.

وأيد المجيبون بأغلبية ساحقة البرنامج النووي للبلاد بالرغم من تأثير العقوبات على الاقتصاد.

علاوة على ذلك، لم يوجه الإيرانيون اللوم لقادتهم على العقوبات أو المصاعب التي عانوها نتيجة لذلك.

وبعبارة أخرى، فإن سنوات العقوبات التي فرضت بسبب البرنامج النووي الإيراني لم تضعف النظام بشكل كبير كما كان مأمولًا، وبالتالي فإن استراتيجية إدارة "بايدن" الحالية تظهر فشلها.

تأثير عكسي

كجزء من الهجمة السيبرانية الأخيرة، تم اختراق اللوحات الإعلانية الرقمية في بعض محطات البنزين، وعرضت رسائل تهاجم القيادة الإيرانية، حيث قالت إحداها: "خامنئي، أين هو وقودنا؟".

لكن هذه كانت محاولة هزيلة لتحويل الاهتمام الإيراني العام عن الجاني الحقيقي، حيث يعلم الإيرانيون أن التخريب الذي يلحق بالبنية التحتية في البلاد ليس خطأ زعيمهم، كما يفهمون أن عطل نظام السكك الحديدية أو شبكة توزيع الوقود لا يرجع إلى حدوث إخفاقات داخلية في أنظمتهم نفسها.

وبدلا من ذلك، فهم يدركون أنه كما تم فرض العقوبات على بلادهم، فإن هذه الهجمات تأتي في السياق نفسه، وهي من تدبير الأعداء الخارجيين للدولة، مما سيجعل قادة البلاد بمعزل عن الضرر بدلا من إلحاق الضرر بهم.

وفي نهاية الأسبوع، انضمت الولايات المتحدة إلى إسرائيل في تصعيد الضغط على إيران، وأرسلت قاذفة "بي 1 بي لانسر" برفقة مقاتلة إسرائيلية وإماراتية إلى الخليج كاستعراض للقوة ضد الجمهورية الإسلامية.

ويمكن لقاذفة "بي 1 بي لانسر" حمل القنابل الأمريكية القوية التي تخترق التحصينات "GBU-72"، وطلبت إسرائيل شراء مثل هذه الأسلحة بحيث يكون لديها المعدات العسكرية اللازمة لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية المحصنة.

وأفادت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن وحدة المارينز الأمريكية 51 موجودة في إسرائيل وتتدرب مع القوات الخاصة في الجيش الإسرائيلي، قبل أن تنتشر الوحدة إلى الخليج في "تحضير لصراع محتمل مع إيران". لكن هذه الإجراءات هي أعمال استعراضية، ولن تردع أو تلين العزم الإيراني.

التراجع عن العقوبات

إذا أرادت الولايات المتحدة حقا إنهاء "التهديد النووي الإيراني"، فسيتعين عليها التعامل مع إيران باحترام، كما سيتعين عليها السماح لإيران بما تسمح به للدول النووية الأخرى.

كما سيتعين على واشنطن أن تثبت لإيران أن إسرائيل لا تشكل تهديدا لها من خلال كبح قدرات إسرائيل النووية، وسيتعين عليها الاعتراف بإيران وتطبيع العلاقات معها والتراجع عن العقوبات واستئناف التجارة العادية.

عندها فقط سيمكن للولايات المتحدة أن تتوقع من إيران أن تضع قيودًا على برنامجها النووي وربما حتى برنامج الصواريخ الباليستية لديها وتحالفاتها مع القوى الإقليمية مثل "حزب الله" اللبناني والحوثيين.

ولكن لا يوجد طريقة تضمن للغرب ألا يفعل شيئًا وأن يتوقع من إيران نزع سلاحها من جانب واحد، فهذا ببساطة لن يحدث.

المصدر | ريتشارد سيلفرستاين/ ميدل ايست آي

التعليقات (0)