هل تخوض مصر حربا مع إثيوبيا بسبب سد النهضة؟

profile
  • clock 22 مارس 2021, 3:33:44 م
  • eye 935
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

بقلم: مصطفى سلامة

أعرب الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي"، في مؤتمر صحفي في السودان مطلع الشهر الجاري، عن رغبة البلدين في التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن تشغيل "سد النهضة" الإثيوبي قبل موسم فيضان النيل المقبل.

وحذر "السيسي" إثيوبيا من محاولة بسط سيطرتها على النيل، مشيرا إلى أن الدولة الواقعة في منطقة القرن الأفريقي أعلنت من جانب واحد عزمها بدء المرحلة الثانية من ملء حوض "سد النهضة"؛ الأمر الذي قد يلحق ضررا جسيما بالمصالح المصرية والسودانية.

وسبق للسودان أن صرح بأن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تهدد أمنه القومي.

وأيد "السيسي"، في المؤتمر الصحفي، اقتراح السودان استئناف المفاوضات حول أزمة السد الإثيوبي بوساطة اللجنة الرباعية المكونة من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والأمم المتحدة.

مثل هذا الخطاب كان من الطبيعي أن يتصدر عناوين الصحف الدولية، لكن لسوء الحظ مصر والسودان استقبلته في الغالب آذان صماء؛ ما يعكس النفوذ الإقليمي المتضائل لمصر.

صبر مصر ينفد

في العقود الماضية، اعتبرت مصر تدفق النيل إليها مسألة تتعلق بالأمن القومي؛ حيث دعا وزير دفاع سابق إلى التدخل العسكري في دول حوض النيل إذا تعرضت حصة القاهرة من مياه النهر للخطر.

على العكس من ذلك، استخدم "السيسي" مرارا لغة دبلوماسية بدلا من التهديد باستخدام القوة.

لم يأت وضعه الجديد الأكثر صرامة من فراغ؛ فصبر مصر لا ينفد فحسب، بل يمنحها إعادة ترتيب العلاقات الإقليمية، أيضا، مزيدا من الفسحة لممارسة ضغط إضافي على إثيوبيا.

فقد بدأت مصر مؤخرا حالة تهدئة مع العديد من الأعداء الإقليميين.

وعلى الرغم من أنه ليس من صنعها بالكامل، فقد تحسنت علاقات مصر وقطر إلى مستوى أفضل بعد التقارب السعودي القطري الأخير.

وأجرت مصر محادثات مع قطر أواخر فبراير/شباط، والتقى وزيرا خارجية البلدين على هامش قمة عربية في وقت سابق من هذا الشهر.



وعلى الجبهة الليبية، لم يكن أمام مصر خيار سوى قبول الوضع الراهن المدعوم دوليا على حدودها الغربية، رغم أن "السيسي" كان يريد نظاما استبداديا في طرابلس.

ففي الشهر الماضي، استقبل "السيسي" رئيس الوزراء الليبي "عبدالحميد الدبيبة" في القاهرة، وعرض عليه مشاركة مصر في دعم جهود التنمية في ليبيا في مرحلة ما بعد إنهاء الصراع.

وتنسق مصر وليبيا أيضا عددا من القضايا الثنائية، ومن المتوقع إعادة فتح السفارة المصرية في طرابلس قريبا.

هذا لا يعني أن مصر تتجاهل مخاوفها الأمنية. ومما يثير القلق بشكل خاص في القاهرة الوجود العسكري التركي في ليبيا، الذي أدى إلى تغيير ميزان القوى إلى حد كبير لصالح الثوار الذين أطاحوا بنظام "معمر القذافي" عام 2011.

ولا تعتبر تركيا نظام الانقلاب المصري بعد 2013 نظاما شرعيا. وهذا هو السبب في أن "السيسي" "رسم خطا" شهيرا في ليبيا، إذا تجاوزته القوات المدعومة من تركيا، فمن شأن ذلك أن يحفز الانتقام المصري.

ردا على ذلك، ورد أن مصر طورت أكبر قاعدة عسكرية برية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مدينة سيدي براني (شمال غرب)، على بعد حوالي 90 كيلومترا من الحدود الليبية.

تعاون ثنائي مصري سوداني

ومع ذلك، كانت مصر أيضا أكثر تقبلا لرغبة تركيا في التقارب معها. إذ أشارت وسائل إعلام حكومية مصرية إلى فوائد هذا التقارب، بينما أعطت القاهرة إشارات بأنها ستكون منفتحة على التعاون مع أنقرة.

ويمكن لمصر أن تستفيد من تهدئة العلاقات مع تركيا من أجل التركيز على إثيوبيا.

إضافة إلى ذلك، كثفت مصر والسودان مؤخرا تعاونهما الثنائي في العديد من القطاعات، بما في ذلك التجارة والزراعة والنقل والصحة والطاقة والتعدين، وتوجا ذلك باتفاق دفاعي في أوائل مارس/آذار.

ومن الواضح أن هذا الاتفاق الدفاعي الأخير موجه في المقام الأول إلى إثيوبيا.

وتعد إثيوبيا بالفعل في موقف ضعيف، مع الحرب الأهلية المستمرة في منطقة تيجراي، التي خلقت أزمة لاجئين يتحمل تبعاتها السودان في المقام الأول.

وكانت هناك العديد من التقارير الموثوقة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في الحرب بتيجراي، بالتزامن مع عزلة دولية تواجهها إثيوبيا.

إذ علق الاتحاد الأوروبي مساعداته لإثيوبيا بسبب انتهاكاتها في تيجراي، بينما علقت الولايات المتحدة العام الماضي مساعدتها لأديس أبابا بسبب نزاع "سد النهضة".

وأرسل الرئيس الأمريكي "جو بايدن"، الخميس، السيناتور "كريس كونز" إلى إثيوبيا لمناقشة الأزمة الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان في تيجراي. ومن المرجح أن يكون الصراع مع مصر والسودان بشأن "سد النضهة" من بين البنود المدرجة على جدول أعمال "كونز".

يعد النيل بالنسبة لمصر والسودان مسألة حياة أو موت. ويبدو أن مصر قامت بواجبها الإقليمي، وتستعد -إلى جانب السودان- للتعامل بجدية مع إثيوبيا.

وكانت إثيوبيا والسودان وصلتا بالفعل إلى نقطة توتر شديد الشهر الماضي؛ حيث تبادلتا الاتهامات بخروقات إقليمية عبر حدود متنازع عليها.

عودة مصر إقليميا

قد يقول قائل إن الوضع الاقتصادي المتردي في مصر لا يمنحها مجالا لشن هجوم على إثيوبيا.

لكن يمكن لمصر استخدام التهديد بحرب محتملة كأداة حشد وطني لتوحيد البلاد، وصرف الانتباه عن مشاكلها الداخلية والإعلان عن العودة كمنافس إقليمي رئيسي.

فعلى مدى عقود، ناقش علماء السياسة "فرضية حروب المياه"، التي ترى أن الدول التي تتشارك في المياه تصبح أكثر عرضة للحرب في المستقبل.

وفي حين أنه قد يبدو غير مرجح، لا ينبغي للمرء أن يستبعد مواجهة عسكرية كارثية بسبب "سد النهضة".

ونظرا لضعف إثيوبيا، بجانب استعداد مصر والسودان للتفاوض، قد يأمل المرء في التوصل إلى تسوية سلمية قريبا.



كلمات دليلية
التعليقات (0)