- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
هكذا تمثل أزمات لبنان فرصة هائلة لنظام الأسد
هكذا تمثل أزمات لبنان فرصة هائلة لنظام الأسد
- 30 سبتمبر 2021, 3:15:08 م
- 600
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كان اجتماع 8 سبتمبر/أيلول بين وزراء الطاقة في لبنان ومصر وسوريا والأردن بشأن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في لبنان بمثابة تقدم دبلوماسي واضح لرئيس النظام السوري "بشار الأسد".
واتفق الوزراء الأربعة على خطة لإرسال الغاز المصري والكهرباء المنتجة من الأردن إلى لبنان عبر الأراضي السورية. ويعمل المسؤولون اللبنانيون حاليا مع البنك الدولي لتأمين الدعم المالي للخطة.
وسوف تعيد الخطة إحياء "خط الغاز العربي" ليتدفق الغاز المصري في البداية إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، وفي المرحلة الثانية سيبيع الأردن فائضه من الكهرباء إلى لبنان من خلال شبكة ربط تمر أيضا عبر سوريا. وستمكن الخطة دمشق من جني الإيرادات التي تشتد الحاجة إليها من خلال رسوم العبور.
وستكون الخطة بمثابة فرصة ذهبية لدمشق لأنها ستمكنها من إصلاح وتحديث كل من خط أنابيب الغاز وشبكة الكهرباء الخاصة بها، ولا يمكنها فعل ذلك إلا بدعم مالي من البنك الدولي بموافقة واشنطن. كما ستفرض سوريا رسوما للسماح بمرور الغاز والكهرباء عبر أراضيها.
وعلى المدى القصير، فإن استعادة الاتصالات رفيعة المستوى مع لبنان والأردن ومصر هي بحد ذاتها انتصار كبير للنظام في دمشق.
وكانت العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على دمشق بموجب "قانون قيصر" (الذي يستهدف القطاعات المهيمنة على الاقتصاد السوري بما في ذلك الطاقة) قد قوضت الجهود اللبنانية السابقة لاستيراد الغاز الطبيعي من مصر؛ لأنه كان سيمر عبر الأراضي السورية ويعتمد على البنية التحتية السورية. ومع ذلك، ورد أن إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" تدعم الخطة ومن المفترض أنها ستزود مصر والأردن ولبنان بإعفاءات من العقوبات حتى يمكنها المضي قدما في الخطة.
ويثير مثل هذا القرار تساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن قد تكون منفتحة على التعامل التدريجي مع نظام "الأسد" أو ما إذا كان ذلك سيكون استثناء لمرة واحدة للتخفيف من آثار الانهيار الاقتصادي في لبنان، وربما الأهم من ذلك، توفير بديل لشحنات النفط المستمرة من إيران والتي يكتسب "حزب الله" مصداقية سياسية من خلالها.
ولم تصرح إدارة "بايدن" علنا أنها تدعم الخطة لكن سفيرة واشنطن في لبنان "دوروثي شيا" تعمل على تسهيل الخطة "للمساعدة في حل أزمة الطاقة في لبنان"، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "ريتشارد تي ماتيس" في رسالة بالبريد الإلكتروني: "يهدد نقص الوقود والطاقة في لبنان الخدمات الحيوية مثل الرعاية الصحية والمياه. وتدعم الولايات المتحدة أي جهود من شأنها معالجة النقص الحاد في الطاقة والوقود في لبنان بما يتفق مع سياستنا وأولوياتنا الأوسع".
وفيما يتعلق بإمكانية قيام واشنطن بتقديم إعفاءات من قانون "قيصر" لمصر والأردن ولبنان، قال "ماتيس": "لم تعلق الحكومة الأمريكية بشكل عام على تطبيق أو تجميد إجراءات عقوبات محتملة".
دفعة لنظام "الأسد"
ومن شأن تنفيذ الخطة المقترحة أن تساعد دمشق على إعادة الاندماج في الحظيرة الدبلوماسية العربية واكتساب نفوذ أكبر في مواجهة القوى العالمية. ومن السهل أن نفهم لماذا أعرب المسؤولون في دمشق بسرعة عن استعدادهم لتسهيل تنفيذ الخطة.
وبمجرد أن يبدأ الغاز المصري والكهرباء الأردنية في التدفق إلى لبنان عبر سوريا، فإن المزيد من أصحاب المصلحة سيشتركون في الاهتمام باستقرار سوريا تحت حكم "الأسد".
ومع ذلك، هناك عقبات متعلقة بالأمن يجب التغلب عليها من أجل نجاح الخطة. وسلط هجوم تنظيم "الدولة الإسلامية" في 18 سبتمبر/أيلول على محطة كهرباء "دير علي"، التي تغذي نصف محطات توليد الكهرباء في سوريا، في منطقة "حران العواميد"، الضوء على عدم الاستقرار المستمر في البلاد. ولا تزال أجزاء مهمة أخرى من البنية التحتية للطاقة السورية عرضة لهجمات تنظيم "الدولة الإسلامية" والجماعات المسلحة الأخرى.
وفي النهاية، إذا أصدرت إدارة "بايدن" إعفاءات لمصر والأردن ولبنان، فمن المحتمل أن يشير ذلك إلى إدراكها أن الاقتصادين اللبناني والسوري مرتبطان ارتباطا وثيقا لدرجة أن عقوبات "قانون قيصر" كانت مسؤولة جزئيا عن البؤس الاقتصادي الحالي في لبنان.
ولا تزال سوريا، بالطبع الشريك التجاري الوحيد للبنان الذي تشترك معه في حدود برية، لذلك إذا أرادت واشنطن مساعدة لبنان في التغلب على عجز الطاقة الذي يعاني منه، فسيضطر فريق "بايدن" إلى اتخاذ خطوات من شأنها دعم نظام "الأسد" بشكل غير مباشر على الأقل. ويبدو أن البيت الأبيض وافق على مضض على ذلك باعتباره ثمنا يستحق الدفع.
ويعارض معظم حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط تطبيق "قانون قيصر" في هذه المرحلة. وأوضح "جوشوا لانديس"، الخبير في الشؤون السورية بجامعة أوكلاهوما، أن "العديد من الدول العربية تعمل على تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا".
ومن بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي، أخذت الإمارات زمام المبادرة في الضغط ضد العقوبات وإعادة تطبيع العلاقات السورية مع المنطقة. كما ترى حكومات مصر والأردن والعراق أن "الأسد" هو الرئيس الشرعي للدولة، وتدعم جهود أبوظبي للمساعدة في إعادة دمشق إلى جامعة الدول العربية بعد عقد من طردها.
وترى هذه الدول أنه إذا استمرت واشنطن في فرض أو التهديد بفرض عقوبات على الحكومات والشركات والأفراد الأجانب الذين يتعاملون مع سوريا، فإن دمشق ستقترب حتما من طهران. وتعتقد أبوظبي وعواصم عربية أخرى أن عودة سوريا إلى الحظيرة العربية ستقلل من نفوذ إيران في دمشق. وستكون الخطة المقترحة خطوة كبيرة نحو هذا الهدف، من وجهة نظرهم.
ومن المحتمل أيضا أن يكون العامل الإسرائيلي وثيق الصلة بحسابات فريق "بايدن". ونظرا لأن الغاز الطبيعي الإسرائيلي سينتهي به الأمر على الأرجح إلى لبنان عبر مصر والأردن، فمن المحتمل أن تكون الخطة أسهل للقبول في واشنطن.
وبحسب "لانديس"، فإن "حقيقة احتمال تصدير الغاز الإسرائيلي عبر خط الأنابيب هي أيضا من الاعتبارات المهمة في واشنطن".
ومن خلال الموافقة على الخطة، تشير واشنطن إلى قبولها لآمال حلفائها في إبعاد سوريا عن إيران. وقال "لانديس": "تعدل إدارة بايدن من مواقفها بشأن سوريا بشكل طفيف للغاية". ويتفق خبراء آخرون في الشأن السوري مع هذا الرأي.
وفي الوقت الحالي، يبدو أن إدارة "بايدن" قد اختارت توازنا دقيقا ووتيرة تغيير محدودة بدأت بمنح درجة أعلى من حرية اتخاذ القرار لبعض شركائها العرب الذين كانوا لأعوام يعبرون عن حرصهم على التوسع في تعاونهم المحدود حاليا مع دمشق.
وقد أرسلت واشنطن عددا من الإشارات غير المباشرة أو الهادئة، بما في ذلك الضوء الأخضر لاستعادة السيطرة على درعا، وهو أمر حيوي لتأمين طرق التجارة مع الدول العربية المجاورة لسوريا.
المصدر | جورجيو كافييرو/ريسبونسيبل ستيت كرافت