- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
هآرتس العبرية : كيف حسنت “حرب غزة” العلاقات بين مصر وقطر؟
هآرتس العبرية : كيف حسنت “حرب غزة” العلاقات بين مصر وقطر؟
- 4 يونيو 2021, 9:47:54 م
- 1264
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
“مصر إحدى الدول الكبرى، ولها دور قيادي في قضايا المنطقة. والسيسي يمثل الشرعية المنتخبة في مصر”،
قال وزير خارجية قطر، محمد عبد الرحمن آل ثاني، ملخصاً زيارته الأولى في القاهرة، الأسبوع الماضي.
“الشرعية المنتخبة” مفهوم أساسي في علاقات الدولتين، ويعكس الاعتراف الرسمي، بتأخر كبير، بمكانة السيسي كرئيس منتخب.
هذا الاعتراف ينهي القطيعة والمقاطعة التي فرضتها مصر على قطر كجزء من الحصار الذي فرضته عليها السعودية والإمارات والبحرين في العام 2017.
كانت قطر شريكة لتركيا في سياسة نزع الشرعية عن السيسي بعد أن سيطر بالقوة على قصر الرئاسة في تموز 2013 وعزل رجل الإخوان المسلمين محمد مرسي،
الذي انتخبه جمهور مصري واسع، عن منصبه. الدولتان اعتبرتا الرئيس المصري ديكتاتوراً وحاكماً غير شرعي وجنرالاً أعاد مصر إلى السنوات الظلامية.
القطيعة المتبادلة بين مصر من جهة وقطر وتركيا من جهة أخرى، أوجدت نوعاً من الحلف الثانوي الذي
أدارت فيه قطر وتركيا سياسة إقليمية مستقلة تصادمت مع السياسة التي قادتها السعودية ومصر والإمارات.
الدولتان وطدتا علاقاتهما مع إيران التي عملت مثل أنبوب الأوكسجين لاقتصاد قطر الذي اختنق بسبب الحصار،
وتعاونتا عسكرياً واقتصادياً مع حكومة ليبيا المعترف بها، التي تناضل ضد الجنرال الانفصالي خليفة حفتر، وأيدتا وتؤيدان حماس.
كان يبدو أن الخصومة والعداء التي تطورت بين هذين المحورين وصلت إلى طريق مسدود دون أي احتمالية للحل. وإلى أن جاء تتويج بايدن رئيساً للولايات المتحدة،
وأدركت هذه الدول المتخاصمة بأنها تقف أمام واقع جديد، وعقدت في الشهر نفسه بالسعودية قمة خليجية أعلن فيها عن إنهاء النزاع،
وكان هناك عناق وتقبيل متبادل بين الزعماء الذين قبل لحظة شتم بعضهم بعضاً. وقد تم وضع خطط للتعاون وتم توقيع اتفاقات،
الأمر الذي دل على أن الأخوة عادت للسيطرة على العلاقات بين هذه الدول.
بقيت تركيا في الحقيقة على الهامش عندما فرضت عليها السعودية مقاطعة غير رسمية.
وشكلت مصر منتدى مناهضاً لتركيا من دول شرق البحر المتوسط ضد طموحاتها لغزو حقول النفط والغاز التي تدعي اليونان وقبرص ملكيتها. والعلاقات بين مصر وقطر عانت من تعثرات،
خصوصاً بسبب سياسة الرعاية التي تعطيها للإخوان المسلمين، وهي الحركة التي تدير ضدها مصر حرباً ضروساً.
وبقايا هذه الخلافات في طريقها للحل. غيرت تركيا اتجاهها وأصبحت تعمل منذ أسابيع كثيرة لاستئناف علاقاتها الدبلوماسية مع مصر.
ومصر لم تعد ترفض ذلك بشكل قاطع. طواقم مفاوضات بدأت في إجراء محادثات تقارب،
ويتوقع في الأسابيع القادمة تعيين سفراء في القاهرة وأنقرة. ما زالت مع قطر القصة أكثر حساسية بقليل. في قطر يعمل نحو 300 ألف عامل مصري،
وفي السابق استثمرت قطر مليارات في مشاريع مصرية. وكان هناك خوف من
أن تؤدي مقاطعة مصر لقطر إلى إبعاد العمال المصريين الذين سيجعلون نسبة البطالة في مصر ترتفع إلى مستويات جديدة
إلى جانب فقدان مليارات الدولارات التي يرسلها هؤلاء العمال كل سنة إلى عائلاتهم في مصر.
هذا لم يحدث. في أساس هذه العلاقة، كان هناك إدراك المقاطعة ستنتهي يوماً ما،
وأنه من الأفضل، ليس فقط لمصر بل لقطر أيضاً، عدم قطع العلاقات غير الرسمية التي بين الدولتين.
يضاف إلى ذلك خيط دقيق ومهم حافظ على استمرار العلاقة بينهما، يربط بين القاهرة والدوحة والقدس وغزة،
التي وافقت على أن تمول قطر جزءاً من نفقات الإدارة الجارية لحماس، وتمنح مساعدة للعائلات المحتاجة في القطاع.
نحو 360 مليون دولار في السنة انتقلت من قطر إلى غزة، بموافقة إسرائيل وحتى بتشجيع منها،
كجزء من التفاهمات التي تم التوصل إليها بعد عملية “الجرف الصامد” وفي أعقاب عملية “حزام أسود” في العام 2018.
مصر التي وفرت على نفسها ضرورة مساعدة غزة بأموالها، بلعت الضفدع لتثبيت الهدوء في القطاع، والذي قامت بهندسته ووضعت نفسها كعراب لوجوده.
بالنسبة لقطر، التمويل الذي تعطيه يستخدم كثغرة يمكنها عن طريقها الحفاظ على موطئ قدم لها في القطاع وفي فلسطين بشكل عام.
وهي في الوقت نفسه لا تمس بمكانة مصر كصاحبة البيت والمسؤولة عن الهدوء وعن سلوك حماس السليم.
إسرائيل، التي يعتبر الهدوء في غزة ذخراً عسكرياً وسياسياً بالنسبة لها، تدفع ثمناً زهيداً نسبياً. هي غير ملزمة بأي شيء لقطر،
تعزيز غزة ليس ملقى على ميزانيتها، والهدوء لا يقتضي منها تقديم تنازلات سياسية، وهو يخدم أيضاً شبكة العلاقات القوية بينها وبين مصر.
هذه أوانٍ مستطرقة مليئة بالتناقضات الداخلية والأكاذيب البيضاء. إسرائيل لا تعترف بحماس، وتعتبرها منظمة إرهابية.
ولكنها أيضاً تجري معها مفاوضات غير مباشرة، الأمر الذي يعزز مكانتها. قطر تعتبر حليفة لإيران، لكنها دولة قابلة للتعامل معها في نظرها عندما تخدم مصالح إسرائيل.
هكذا يتم تأسيس العلاقة أيضاً بين قطر ومصر، التي ترسخ تفاهم متبادل خلف علاقات العداء والقطيعة المعلنة، على طريقة التعامل المرغوبة مع غزة.
بدأت عملية “حارس الأسوار” في تقديم إسهامها في تعزيز شبكة العلاقات الجديدة الآخذة في التطور بين هذه الدول؛
فقد تعهدت مصر بتقديم 500 مليون دولار لإعادة إعمار غزة. الحديث لا يدور عن تحويلات بنكية مباشرة إلى خزينة حماس،
بل عن تمويل مواد بناء ودفعات لمقاولين وعمال مصريين سيتم تشغيلهم في أعمال البناء،
واستثمارات في بنى تحتية مثل زيادة حجم تزويد الكهرباء التي تصل من مصر، وإصلاح شبكة المياه.
قريباً من التعهد المصري، ثمة تبرع من قطر قد يبلغ 500 مليون دولار، إضافة إلى الـ 360 مليون دولار التي تم تحويلها للتمويل الجاري.
تسعى إسرائيل إلى أن تنتقل هذه الأموال عبر السلطة الفلسطينية، لكن بعد استئناف
العلاقات بين قطر ومصر فإن قطر قد تتجاوز إسرائيل وتنقل الأموال عبر مصر لتمويل جزء من المواد التي ستأتي منها،
بالتالي لن يكون للسلطة الفلسطينية (وإسرائيل) أي سبيل للرقابة أو إملاء كيف سيتم
استخدام هذه الأموال. قررت الولايات المتحدة المساعدة من خلال الأونروا بمبلغ 38 مليون دولار،
والاتحاد الأوروبي ينوي الإسهام بـ 9.8 مليون دولار، و4.5 مليون دولار من بريطانيا، في حين أن الصين ستقدم مليون دولار.
هذه ليست أموالاً طائلة، ولا تشكل مجتمعة سوى نحو 25 في المئة من الأموال التي وعدت بها الدول المانحة بعد عملية “الجرف الصامد”.
لمصر وقطر مصالح أخرى تعزز الشراكة بينهما. فهما تعملان على إقناع إسرائيل وحماس بالتوصل إلى حل في مسألة إعادة جثث الجنود والأسرى.
إسرائيل حتى الآن تتمسك بموقفها، وهو ربط إعادة إعمار غزة بإعادة جثث الجنود والأسرى المحتجزين لدى حماس. هذا الربط ترفضه حماس بشدة،
لكن في بداية الأسبوع القادم يتوقع عقد لقاء مستعجل في القاهرة بين ممثلي الفصائل الفلسطينية ورؤساء المخابرات المصرية بهدف التوصل إلى تسوية.
ستكون قطر حاضرة – غائبة. تسريبات من مصر وحماس، لا نعرف درجة صدقها، تحدثت عن أن إسرائيل وافقت على إطلاق سراح سجناء محكومين بالمؤبد والذين حكموا مدة 20 سنة،
إضافة إلى سجناء قضوا فترة طويلة في السجن. يحيى السنوار ذكر العدد 1111 دون تفسير. ولكن من الإشارة واضح أنه عدد السجناء الذين تريد حماس إطلاق سراحهم.
ليس السؤال ما إذا كانت مصر ستعثر على الطريق الذهبي بين موقف إسرائيل وطلب حماس، بل أمام من سيدير المفاوضات.
إن أداء اليمين لحكومة جديدة في إسرائيل، إذا تأسست ولم تمت قبل الولادة، سيضع نفتالي بينيت أمام المعضلة الأولى الصعبة في ولايته.
فليس بين بينيت والسيسي حديث مشترك ولا تفاهمات هادئة. تعهدات نتنياهو التي تم التوافق عليها بينه وبين عباس كامل،
رئيس المخابرات المصرية، غير ملزمة بالضرورة لبينيت. هو يستطيع أن يحقق إنجازاً بإعادته جثث الجنود والمدنيين إلى البيت.
ولكنه بذلك سيناقض تصريحه الذي أعطاه في كانون الثاني 2019، والذي بحسبه “كانوا قبل مجيئي قد حرروا آلاف المخربين،
بما في ذلك حكومات ليكود، وقلت لنتوقف عن ذلك. ومنذ ذلك الحين لم يُطلق سراح أي مخرب”.
هذا لم يكن في الواقع تصريحاً دقيقاً لأن الحكومة صادقت في تموز 2013، عندما كان يشغل منصب وزير الاقتصاد، على إطلاق سراح 104 سجناء فلسطينيين رغم معارضته آنذاك.
وقد كان يريد أن يحظر بتشريع إطلاق سراح سجناء في صفقة تبادل. ولكنه الآن كرئيس للحكومة قد يرى أموراً لم يرها من هناك.
الحقيقة هي أن بينيت رأى في السابق أموراً أخرى. في حزيران 2015، قبل ست سنوات، عندما كان يشغل منصب وزير التعليم،
قال في مقابلة مع رينا متسليح، بأنه “حان الوقت لتغيير السياسة تجاه غزة، علينا أن نبادر بخطوة دولية لإعادة إعمار القطاع على المستوى المدني مقابل وقف زيادة القوة”.
وأضاف في حينه بأنه إلى أن يتم التقرير بالقيام بعملية شاملة لاحتلال القطاع واستبدال حكم حماس، فعلى إسرائيل إيجاد بدائل أكثر عملية.
“لنا مصلحة كبيرة في إعادة إعمار غزة المدني. هناك حلول إبداعية، لكن يجب ربط إعادة الإعمار بوقف نشاطات حفر الأنفاق،
ووقف نشاطات مراكمة القوة”. وعلى سؤال: أهو بهذا الموقف يتجاوز الليكود من اليسار؟ أجاب بينيت:
جئت مع شيء اسمه العقل السليم، أنظر إلى الواقع كما هو. إذا حان الوقت الذي سنقرر فيه القضاء على حماس، يمكننا فعل ذلك،
وقد تأتي هذه اللحظة. وطالما بقي الأمر غير ذلك، فعلينا القيام بالمبادرة”. وإذا وصل بينيت إلى مصر مزوداً بهذا الموقف، فقد يجد صديقاً في القصر الرئاسي في القاهرة،
وربما يعود من هناك مع دولة عربية أخرى، قطر، بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل.
بقلم: تسفي برئيل.
موضوعات قد تهمك:
قطر: علاقتنا الجيدة مع "حماس" لا يعني أننا نمولها
وزير الخارجية القطري: لا تطبيع مع النظام السوري حالياً
تحليل : مصر تبرز إلى الواجهة كلاعب إقليمي بعد وساطة بين حماس وإسرائيل