- ℃ 11 تركيا
- 19 نوفمبر 2024
نيويورك تايمز: التوغل الإسرائيلي في رفح قد يكون خطأ مكلفا (مترجم)
نيويورك تايمز: التوغل الإسرائيلي في رفح قد يكون خطأ مكلفا (مترجم)
- 9 مايو 2024, 4:52:59 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا بشأن التوغل الإسرائيلي في رفح.
وقالت الصحيفة أنه بعد ثلاثة أيام من بدايتها، تبدو العملية الإسرائيلية في رفح وكأنها صورة مصغرة لمعركتها التي دامت سبعة أشهر في غزة: محاولة لوضع علامة في مربع تكتيكي وليس تحركاً استراتيجياً له هدف محدد في القتال ضد حماس.
وتابعت الصحيفة: "وباعتباره توغلاً محدوداً، فقد يكون أقل الخيارات السيئة أمام إسرائيل، بل وقد يثبت نجاحه إذا ساعد في التوصل إلى صفقة رهائن أكثر ملاءمة أو اتفاق لوقف إطلاق النار. ومع ذلك، إذا حكمنا من خلال مسار الحرب حتى الآن، فمن المرجح أن تأتي العملية بنتائج عكسية في النهاية.
وحتى الآن، أمر جيش الدفاع الإسرائيلي بالإخلاء من الضواحي الشرقية للمدينة، واستولى على قطاع يبلغ طوله ميلين مما يسمى بممر فيلادلفيا على طول حدود غزة مع مصر، واحتل جانب غزة من معبر رفح، وهو ليس في الواقع في مدينة رفح.
الهدف المعلن للعملية هو انتزاع السيطرة على معبر رفح إلى مصر من حماس لوقف تهريب الأسلحة والبضائع التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية، وتنفيذ غارات مستهدفة وإضعاف قدرة حماس على سحب المساعدات الإنسانية. كما أن الاستيلاء على المعبر يزيل سيطرة حماس على شريان الحياة للعالم الخارجي وعلى الحدود الدولية – وهو رمز قوي للسيادة. بالإضافة إلى ذلك، تأمل إسرائيل أن تؤدي العملية إلى الضغط على حماس للموافقة على صفقة أفضل للرهائن، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي على الأقل في البداية إلى عودة جميع النساء الأحياء وكبار السن والرجال المصابين.
لكن خطر خروج العملية عن نطاق السيطرة يفوق احتمالية تحقيق هذه النتيجة الأكثر تفاؤلاً.
أولاً، أدت العملية بسرعة إلى وصول العلاقات الإسرائيلية المصرية المتوترة إلى أدنى مستوياتها. إن خطر حدوث صدع دبلوماسي أصبح وشيكاً. ومن الواضح أن مصر تخشى أن تؤدي العملية نفسها أو هجوم حماس على السياج الحدودي إلى نزوح عشرات الآلاف من سكان غزة إلى سيناء. وحتى دون تحقيق هذا السيناريو الأسوأ، وورد أن مصر كانت غاضبة من السلوك غير الخاضع للرقابة لقوات الجيش الإسرائيلي على الجانب الآخر من المعبر بعد استيلائهم عليه يوم الثلاثاء، مثل رفع الأعلام الإسرائيلية.
ثانياً، أدت العملية إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة، حيث طلبت إسرائيل من نحو 100 ألف شخص مغادرة القطاع حفاظاً على سلامتهم. وتفتقر منطقة مواسي التي أُمروا بالذهاب إليها إلى ما يكفي من البنية التحتية والإمدادات اللازمة لإقامة طويلة. بالإضافة إلى ذلك، فإن إغلاق معبر رفح يضر بالجهود الرامية إلى تحسين ظروف الناس في غزة، مما يحد بشدة من عدد الشاحنات التي تحمل المواد الغذائية وغيرها من الضروريات المسموح لها بالدخول. ومع سيطرة إسرائيل الآن على جميع المعابر المؤدية إلى غزة، فإن إسرائيل هي التي ستتحمل المسؤولية الآن. حتى لو هاجمت حماس قوافل المساعدات والبنية التحتية. فبعد أن تم إلقاء اللوم عليها في تجويع الأطفال في غزة، لا تستطيع إسرائيل أن تتحمل تدهوراً طفيفاً في الأوضاع الإنسانية، ولا يستطيع سكان غزة أيضاً أن يتحملوا ذلك.
ثالثاً، حتى لو نجحت الحملة العسكرية المحدودة في رفح في تدمير حماس، ففي غياب الإستراتيجية والرؤية الواقعية لغزة ما بعد الحرب والتي تدعم السلطة الفلسطينية التي أعيد تنشيطها وتربط غزة بالضفة الغربية، فإن أي إنجازات سوف تكون قصيرة الأجل. وعادت حماس إلى الظهور في الجزء الشمالي من القطاع بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي، وذلك على وجه التحديد لأن إسرائيل فشلت في ربط حملتها العسكرية بخطة سياسية ودبلوماسية. وبدون مثل هذه الخطة، فإن عملية رفح تخاطر بالتحول إلى فشل تكتيكي آخر في الحرب.
وأخيرا، فإن العملية قد تدفع حماس إلى تصلب مواقفها، معتقدة أن الوقت في صالحها. وفي ظل معارضة الرأي العام العالمي لإسرائيل بالفعل، فإن وقوع المزيد من الضحايا المدنيين والمعاناة الإنسانية من شأنه أن يزيد من الضغوط على إسرائيل، مما يجبرها على الموافقة على وقف إطلاق النار في ظل ظروف غير مواتية. ولأن حماس تنظر إلى الرهائن باعتبارها بوليصة تأمين لبقاء قيادتها، فمن غير المؤكد على الإطلاق أن الضغوط العسكرية الحالية قد تجعل إطلاق سراح الرهائن أكثر ترجيحاً.
وإذا لم تتوصل حماس إلى تسوية قريبا، فقد توسع إسرائيل العملية إلى غزو كامل، وهو ما من شأنه أن يلحق الدمار والخسائر على نطاق واسع في غزة، ويزيد من الإدانة الدولية في وقت حيث تواجه إسرائيل ضغوطاً دبلوماسية من العديد من الأطراف.
ومن المحتمل أن تجري الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الجمعة تصويتا رمزيا على التوصية بإعلان فلسطين دولة فعلية. وتواجه إسرائيل أيضًا قضية إبادة جماعية في محكمة العدل الدولية واحتمال إصدار المحكمة الجنائية الدولية أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وغيره من كبار المسؤولين. وقامت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي بتعليق شحنة أسلحة إلى إسرائيل. وأوقفت خمس دول أخرى على الأقل – بلجيكا وكندا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا – مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل. وقطعت عدة دول علاقاتها مع إسرائيل أو استدعت سفيرها، وأوقفت تركيا التجارة معها.
هناك بالطبع شخص واحد في إسرائيل يستفيد من التوغل: السيد نتنياهو. وعلى مدى أكثر من ثلاثة أشهر ظل يهاجم رفح باعتبارها المعقل الأخير للوجود العسكري لحماس، مع وعد بالغزو.
هذه العملية هي محاولة السيد نتنياهو لفعل شيء مستحيل. فمن ناحية، يسعى إلى تلبية احتياجات قاعدته السياسية واسترضاء شركائه في الائتلاف، الذين يتوقعون منه أن يفي بوعده بتحقيق "النصر الكامل" الذي يتضمن إبادة حماس كقوة عسكرية وحاكمة. ومن ناحية أخرى، فهو لا يريد أن يتجاهل بشكل كامل حق النقض الذي استخدمته إدارة بايدن بشأن الذهاب إلى رفح أو إعطاء الانطباع بأنه لا يشارك بشكل كامل في المفاوضات الجارية لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين. الحل الذي يطرحه نتنياهو هو اجتياح رفح دون غزو رفح فعليا.
وهنا تتباعد المصالح الشخصية للسيد نتنياهو عن مصالح بلاده. إحدى وجهات النظر السائدة على نطاق واسع في إسرائيل هي أنه منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) سعى إلى إطالة أمد الحرب، بما في ذلك على حساب الرهائن. فالحرب المستمرة تؤخر تشكيل لجنة تحقيق وطنية واسعة النطاق في الإخفاقات التي أدت إلى مذبحة 7 أكتوبر/تشرين الأول، فضلاً عن تأخير الانتخابات، التي من المرجح أن تضع حداً لولاية السيد نتنياهو.
ونأمل ألا يكون التوغل في رفح تكتيكاً آخر للتأخير، بل محاولة حقيقية للحصول على صفقة أفضل للرهائن. ولكن الوسيلة الوحيدة الممكنة لتجنب فشل التوغل تتلخص في إبقائه محدوداً وربط الإنجازات العسكرية بأهداف سياسية من خلال خلق رؤية لليوم التالي تقدم بديلاً سلمياً لحماس. ويجب على السيد نتنياهو أن ينظر إلى معبر رفح كوسيلة لتحقيق أهداف أكبر، وليس غاية في حد ذاته.