د. ناجي الظاظا يكتب: قراءة في تقرير منظمة العفو الدولية والقيم الأخلاقية للصراع

profile
د. ناجي الظاظا كاتب ومحلل سياسي وأكاديمي ‏فلسطيني
  • clock 3 فبراير 2022, 6:27:38 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يعتبر تقرير منظمة العفو الدولية (أمنستي) أحد أهم التقارير الدولية التي ترصد بشكل قانوني ومهني جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، بجانب العديد من المنظمات الدولية الحيادية وغير الحكومية مثل هيومن رايتس ووتش، والمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى لجان التحقيق وتقصي الحقائق الدولية التي تم تشكيلها من قبل المؤسسات الأممية، والخاصة بالتحقيق في جرائم ارتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني خلال عدوانه المتكرر على قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، والتي كان آخرها لجنة التحقيق في انتهاكاته ضد حقوق الإنسان خلال عدوان مايو 2021.

مثل هذه التقارير التي تتمتع بدرجة عالية من النزاهة والشفافية في توثيق الأحداث بناء على أدلة قانونية غير قابلة للطعن أو التشويه، لا تسلم من الهجوم الإسرائيلي ووسمها بأنها تعادي السامية، وذلك لأهميتها في تعزيز الرواية الفلسطينية حول جرائم الاحتلال وسلوكه الإرهابي ضد الشعب الفلسطيني على أساس عنصري. وهذا ما يفسر ردة الفعل الهجومية من الخارجية الإسرائيلية على التقرير، وهو نفس السبب الذي أربك المنظمات اليهودية التي تدعم “إسرائيل” التي لا تريد رواية دولية تكشف زيف الرواية الصهيونية للأحداث.

وإن أخطر ما في هذه التقارير بالنسبة للاحتلال أنها تدعم القيم الأخلاقية لمشروع المقاومة وحق الدفاع الفردي والجماعي عن النفس، في مواجهة السلوك العنصري والإرهابي للاحتلال ضد الشعب الفلسطيني وممتلكاته وحقوقه

فالتقرير قدم عنواناً صريحاً بأن الاحتلال الإسرائيلي يمثل نظاما للفصل العنصري (أبارتهايد) ضد الفلسطينيين، حيث أنه أنشأ “نظاماً مؤسسياً يقوم على القمع الممنهج للفلسطينيين والهيمنة الممنهجة عليهم وأدامه، وهو نظام ُيفرض في شتى أنحاء “إسرائيل” والأراضي الفلسطينية المحتلة من خلال تعزيز القوانين والسياسات والممارسات التي تتسم بالتمييز المجحف، ويتبين أنه يسيطر فعلياً على كل جانب من جوانب حياة الفلسطينيين، وينتهك حقوقهم الإنسانية بشكل معتاد”.

إن التمييز العنصري الإسرائيلي ناتج عن الطبيعة العنصرية للمنظمة الصهيونية التي أقامت هذا الكيان. حيث كانت هذه المنظمة تعرف دولياً بأنها “منظمة عنصرية” وتمارس “التميير العنصري” ضد الفلسطينيين والعرب حتى عام 1991م حتى مؤتمر مدريد للسلام (30 أكتوبر-1 نوفمبر 1991)، وذلك بحسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 عام 1975م.

إن توثيق جرائم الاحتلال يمثل سنداً قانونياً يحفظ لشعبنا حقوقه التي لا تسقط بالتقادم، وإن يوماً سيأتي سيحاكِم شعبُنا الاحتلالَ وقادته على جرائمهم التي لا تزال مستمرة منذ أكثر من سبعة عقود.

 

إن سلوك الاحتلال العنصري يتطابق تماماً مع ثلاث اتفاقيات دولية تحظر وتجرم صراحة الفصل العنصري، وهي:

- الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (اتفاقية التمييز العنصري).

- الاتفاقية الدولية لقمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها (اتفاقية الفصل العنصري)

- نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (نظام روما الأساسي).

حيث أن تلك الاتفاقيات تعرف الجريمة ضد الإنسانية المتمثلة في الفصل العنصري بأنها “تقع عندما يرتكب أي عمل لا إنساني أو وحشي (بصورة أساسية أي انتهاك جسيم لحقوق الإنسان) في سياق نظام مؤسسي من الهيمنة والقمع بصورة ممنهجة من جانب فئة عنصرية على فئة عنصرية أخرى، بقصد إدامة هذا النظام”، وهو تماماً ما يقوم الاحتلال الإسرائيلي بحسب تقرير أمنستي الأخير، والذي حدد نحو ثمانية مظاهر للتمييز العنصري الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، وتشمل:

- تعمد قمع الفلسطينيين والهيمنة عليهم.

- شرذمة الأراضي والتفرقة القانونية.

- التفرقة القانونية والسيطرة.

- استخدام الحكم العسكري للسيطرة ونزع الملكية.

- الحرمان من القومية والإقامة والحياة الأسرية.

- القيود على التنقل.

- القيود على الحق في المشاركة السياسية.

- نزع ملكية الأراضي والممتلكات.

وهي نفسها التي وثقتها أمنستي في تقريرها حول حالة حقوق الإنسان في العالم للعامين 2020-2021، والذي حدد نحو 7 انتهاكات إسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني من قبل الاحتلال الإسرائيلي، سواء الذين يعيشون في الداخل المحتل عام 1948 والذين يخضعون للقوانين المدنية الإسرائيلية، أو الفلسطينيين الذين يخضعون للقوانين العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة. وقد شملت تلك الانتهاكات:

- النقل والإخلاء القسري وهدم المنازل.

- التمييز المجحف ضد الفلسطينيين .

- عمليات القتل غير المشروع والاستخدام المفرط للقوة.

- استمرار الحصار الجوي والبري والبحري غير المشروع لقطاع غزة.

- التعذيب والمحاكمات الجائرة ضد المعتقلين الفلسطينيين.

- العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي.

- حرية التعبير وتكوين الجمعيات الخيرية والانتماء لها.

إن توثيق جرائم الاحتلال يمثل سنداً قانونياً يحفظ لشعبنا حقوقه التي لا تسقط بالتقادم، وإن يوماً سيأتي سيحاكِم شعبُنا الاحتلالَ وقادته على جرائمهم التي لا تزال مستمرة منذ أكثر من سبعة عقود. وإن أخطر ما في هذه التقارير بالنسبة للاحتلال أنها تدعم القيم الأخلاقية لمشروع المقاومة وحق الدفاع الفردي والجماعي عن النفس، في مواجهة السلوك العنصري والإرهابي للاحتلال ضد الشعب الفلسطيني وممتلكاته وحقوقه.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)