- ℃ 11 تركيا
- 13 نوفمبر 2024
ميدل إيست آي: 2022 عام التقارب في الشرق الأوسط.. فهل يستمر الود؟
ميدل إيست آي: 2022 عام التقارب في الشرق الأوسط.. فهل يستمر الود؟
- 22 ديسمبر 2022, 7:34:39 ص
- 493
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
"الاقتصاد تفوق في 2022 على الأيديولوجية، ومنحت مناسبة تنظيم قطر بطولة كأس العالم، قادة المنطقة الفرصة لإظهار التحولات في المنطقة وعرضها على العالم"..
هكذا خلص تقرير لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، الذي قال إن السياسة في الشرق الأوسط خلال العام 2022 اتسمت بـ"البراجماتية"، حيث قام القادة في معظم المنطقة بالمصافحة ولوحوا برايات بعضهم البعض في موجة من التقارب.
وينقل التقرير عن الباحث غير المقيم في مؤسسة كارنيجي "عبدالله باعبود" القول: "ظهرت هذا العام حالة الإجهاد من الخلافات التي مزقت المنطقة خلال العقد الماضي".. و"كان تحولا مفاجئا في مسار الأحداث، وإيجابيا للمنطقة التي حرمت من الحوار".
وبدأت الهجمة الدبلوماسية في فبراير/شباط الماضي عندما قام الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" بأول زيارة رسمية له إلى الإمارات منذ 9 أعوام، وأتبع ذلك بزيارة في أبريل/نيسان إلى السعودية، حيث استقبله ولي عهدها الأمير "محمد بن سلمان"، بعد سنوات من العداء على خلفية مقتل الصحفي "جمال خاشقجي".
وكانت أنقرة قبل ذلك على خلاف مع دول الخليج، بسبب دعمها للربيع العربي عام 2011، حيث ألقى "أردوغان" بثقله خلف جماعة الإخوان المسلمين والإسلاميين والحركات الديمقراطية التي تراها ملكيات الخليج تهديدا لها، قبل أن يصل الخلاف ذروته بمقتل "خاشقجي" في إسطنبول عام 2018.
ووفق التقرير، فإن "الاقتصاد تفوق في هذا العام على الأيديولوجية.. فأردوغان الذي سيواجه انتخابات في العام المقبل يريد تحسين الاقتصاد ومواجهة التضخم الذي وصلت نسبته 80%، وتعهدت كل من السعودية والإمارات بضخ مليارات الدولارات لدعم الاحتياطي الأجنبي التركي".
وينقل التقرير عن الباحث في معهد صوفان "كين كاتزمان"، القول: "يعتبر الاقتصاد مشكلة أردوغان الكبرى وهو يحاول إصلاح العلاقات مع دول الخليج من أجل الحصول على شريان حياة مالي".
وعلى الجانب الآخر من الخلاف، مصر الدولة التي تعاني من مصاعب مالية، قامت بإعادة ضبط العلاقة مع أعدائها. فقد دعمت كل من قطر وتركيا الحكومة المنتخبة لـ"محمد مرسي"، الذي أطاح به الجيش وانهارت العلاقة معهما بعد ذلك.
وتساءل "أردوغان" علانية عن شرعية الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، فيما اتهمت القاهرة قطر بالتدخل في شؤونها المالية من خلال قناة "الجزيرة" للهجوم عليها إعلاميا.
وفي عام 2017 شاركت مصر السعودية والإمارات والبحرين في مقاطعة قطر بتهمة مساعدة الأخيرة الإخوان المسلمين التي صنفتها الرياض وأبوظبي بالجماعة الإرهابية.
لكن في 2022، صافح "أردوغان" نظيره "السيسي" أثناء حفل افتتاح بطولة كأس العالم الشهر الماضي، وظهر أمير قطر الشيخ "تميم بن حمد آل ثاني" مبتسما بينهما.
وتعهدت قطر إلى جانب السعودية والإمارات بدعم الاقتصاد المصري، ووضع ودائع بالمليارات في المصرف المركزي المصري.
ووضعت دول الخليج الضغائن القديمة جانبا، في نفس الوقت الذي ساعدت فيه الحرب بأوكرانيا على ملء خزائنها بالمال، نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة، وعززت من نفوذها على الدول الضعيفة اقتصاديا مثل تركيا ومصر.
ويقول "باعبود": "أهم حدث في هذا العام هو غزو روسيا لأوكرانيا وساعد دول الخليج بعدة طرق".
ويضيف: "لم يكن داعمو السيسي في الخليج راضين عن طريقة إدارته للاقتصاد ودعم الدوحة المالي لا يعني أنها لا تتفق مع السيسي على كل شيء"، متابعا: "لكن هناك مخاوف من انهيار الاقتصاد المصري بتداعيات تؤثر على استقرار الشرق الأوسط".
ومنحت مناسبة تنظيم قطر بطولة كأس العالم قادة المنطقة الفرصة لإظهار التحولات في المنطقة وعرضها على العالم.
وخلال المباريات ظهر ولي العهد السعودي متوشحا بالعلم القطري وكذا أمير قطر متوشحا بالعلم السعودي.
يقول دبلوماسي خليجي: "كان التوشح بالعلم رمزيا، وهو رسالة للجماهير في المنطقة والغرب، ولكنه أكثر من كونه لفتة".
ويضيف الدبلوماسي الذي رفض الكشف عن هويته: "الالتزام بتطبيع العلاقات حقيقي وتربط العلاقات العائلية والقبلية الخليج وخفض التوتر مصلحة وطنية".
من جانبها، تشير الزميلة الزائرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية "سيزنيا بيانكو" إلى أن التقارب السعودي القطري "حقيقي"، مضيفة بأنه "مدفوع بالفهم المتبادل لأهمية التعاون الجيوسياسي وأهميته الجوهرية للطرفين".
ويتوقع المحللون مواصلة القوى الإقليمية إصلاح العلاقات عام 2023، لكنهم يرون أن الخلافات قائمة. يقول "كاتزمان": "هؤلاء هم حكام وراثيون وليست لديهم نفس الآراء حول المنطقة".
ويضيف: "الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان متشككان من الإخوان المسلمين، لكن قطر لا تزال تؤمن بإمكانية جلبهم للخيمة".
ولا تزال العلاقات بين قطر والبحرين متوترة، فيما لم تكن المصالحة مع الإمارات سلسة مثل المصالحة مع السعودية، برغم زيارة "بن زايد" للدوحة في ديسمبر/كانون الأول الجاري.
تقول "بيانكو" إن قطر كانت منشغلة بتنظيم كأس العالم، ولكنها ستصبح ناشطة في الأمور الجيوسياسية بعد صمت لمنع أي منغصات على المباريات.
وترى أن محاولة قطر تأكيد نفسها في الخارج تعني وجود مجال للتعاون مع السعودية في القرن الأفريقي، حيث تتلاقى مصالح البلدين في المنطقة، لكنها لا تستبعد مصادمة مع الإمارات في تركيا وأفغانستان حيث يحاول البلدان الحصول على أكبر قدر من الاستثمارات.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، اقترحت الإمارات إدارة مطار كابل الذي تحاول كل من تركيا وقطر الحصول على عطاء إدارته. فيما تظل سوريا منطقة خلاف بين دول المنطقة، ففي الوقت الذي استقبلت فيه أبوظبي رئيس النظام السوري "بشار الأسد"، ومحاولات "أردوغان" غير الناجحة حتى الآن للتقارب، لا تزال السعودية والإمارات مترددتين بجلب دمشق للخيمة.
يقول "كاتزمان" إن سوريا هي واحدة من الشقوق في المنطقة التي يجب على المنطقة التعامل معها. ويرى أن التقارب سيكون محل امتحان عام 2023، لو حدثت مواجهات في غزة مثلا.
ولم تكن إسرائيل خارج فترة ذوبان الجليد بالمنطقة، فقد تقاربت تركيا معها، وعززت الإمارات علاقاتها التجارية معها ضمن "اتفاقيات إبراهيم"، وتم السماح للطائرات الإسرائيلية بالسفر إلى الدوحة أثناء البطولة. يقول "باعبود": "لو كان هناك رابح في المنطقة فهو إسرائيل".
كما تختلف دول الخليج حول كيفية التعامل مع إيران، فقطر التي تشترك مع إيران بحقل للغاز الطبيعي، دعت للتقارب واستضافت جولة محادثات بهدف إحياء الملف النووي. وفي الوقت الذي تعارض فيه الإمارات والسعودية الاتفاقية النووية، قامتا بخطوات للتقارب. وعينت أبوظبي سفيرها في إيران في أغسطس/آب. وجاء القرار بعد تعرض أبوظبي لهجمات صاروخية من حلفاء إيران في اليمن بداية العام الحالي.
ويرى "كاتزمان" أن "التقارب السعودي الإماراتي مع إيران يدفعه عدم معرفتهما بما ستفعله أمريكا حالة تعرضهما لهجوم"، لكن محاولات التقارب بردت بسبب التظاهرات التي تشهدها إيران.
يقول مسؤولون عراقيون إن اللقاءات بين السعوديين والإيرانيين جارية، وتمت فيها مناقشة موضوع اليمن. ويتوقع "باعبود" أن الحوار الإيراني مع السعودية سيتباطأ لو استمرت المظاهرات حتى العام المقبل.
أما تركيا، فيرى المراقبون أن التقارب الخليجي معها سيستمر. يضيف "باعبود": "ذهب القادة للنزاعات بعد الربيع العربي باعتقاد أنهم سيحققون شيئا وبعد الكثير من الجهود والثمن لم يحققوا الكثير، وستظل هناك احتكاكات لكن التقارب يكسب زخما وسيستمر عام 2023".